صلاح سلام – اللواء
زحف الدولار الممنهج فوق عتبة الثلاثين ألفاً، لا يدعو للإطمئنان على أوضاع الأيام الباقية من ولاية الرئيس ميشال عون، بعدما توقفت عجلة السلطة التنفيذية عند حكومة تصريف الأعمال، وضرب الشلل الشامل جسم الدولة العليّة بسبب إضراب الموظفين في الوزارات والإدارات العامة، منذ سبعة أسابيع.
مجيء مئات الألوف من اللبنانيين العاملين في الخارج لتمضية عطلة الصيف في الوطن الأم، بين الأهل والأصحاب، ساهم إلى حد بعيد في لجم إرتفاع العملة الخضراء، بل وأدى إلى تراجع سعر الدولار الأسود إلى ما دون الثلاثين ألفاً.
ولكن ماذا ستفعل الحكومة المستقيلة، ومعها مصرف لبنان، عندما ينتهي موسم الصيف، ويشحّ عرض العُملات الأجنبية في السوق، وعودة سعر الليرة إلى التدهور من جديد.
ما نُسب للرئيس نجيب ميقاتي أمس، بأن الدولار سيصل إلى مستوى الستين ألف ليرة، معلومة مفبركة حُكماً، والرئيس المكلف تبرأ منها ببيان رسمي، ولكن ما السبيل لوقف تقدم الدولار على الليرة، وإنعكاساته المتزايدة على الواقع المعيشي للبنانيين الذين تكتوي أكثريتهم الساحقة بنيران الأسعار المولّعة للحاجيات الغذائية الضرورية.
ثلاثة أشهر مضت على الإنتخابات النيابية، والبلد ما زال يدور في حلقة مفرغة من الخلافات الشخصية، والكيديات السياسية، والمعاندات الفارغة، ويبتعد أكثر فأكثر عن الشاطئ الحكومي، مما ينذر بأن لبنان سيبقى بلا حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، رغم حساسية وتعقيدات مرحلة الإنهيارات الراهنة، والتي تتطلَّب وجود سلطة تنفيذية متماسكة وقادرة على إطلاق ورشة الإصلاحات المالية والادارية الضرورية لإخراج البلد من دوامة الأزمات الراهنة.
وكل المؤشرات توحي بأن الأشهر الثلاثة الأخيرة من ولاية العهد الحالي ستُبقي لبنان متنقلاً من قعر إلى آخر في جهنم، دون الإقدام على أي مبادرة من شأنها أن تحقق خرقاً في جدار الأزمة الحكومية، أو تُساعد على عودة الثقة المفقودة بالسلطة والمنظومة الحاكمة، أو حتى تأمين زيادة ساعة واحدة للتغذية في التيار الكهربائي، بعدما تم تطفيش «سيمنس» وأخواتها من الشركات العالمية.
كان الله بعون اللبنانيين على تحمّل مهاوي الأسابيع المقبلة!