الأحد, نوفمبر 24
Banner

2021 عام أليم على موظفي المصارف: إغلاق مئات الفروع

لم تعد أساليب المصارف المُعتمدة في عمليات صرف الموظفين خافية على أحد. فالمصارف بمختلف فئاتها صرفت مئات الموظفين، ولا تزال تعمل على صرف المزيد منهم، وإقفال فروع لها، إلى جانب العديد من الإجراءات، التي تصب في خانة خفض الكلفة التشغيلية عليها، في ظل الظروف الراهنة. فالمصارف أتقنت أساليب الصرف من دون أن تترك وراءها أي أثر لمخالفات أو ممارسات تعسّفية، اعتمدت أسلوب الصرف “بالمفرّق” تجنّباً لمواجهات مع أي تكتل للموظفين.

نجحت المصارف باعتمادها خطة الصرف بالمفرّق في غالبية الحالات. لكن ذلك لا يعني أن المصروفين من المصارف في الأشهر الأخيرة نالوا من الحقوق ما يستحقونه، فيما لو كانت الظروف عادية. ولا يعني أيضاً أن العاملين في المصارف اليوم يعملون في أمان، وينالون حقوقاً تخوّلهم تأمين معيشتهم وعائلاتهم. فكيف تتم عمليات الصرف؟ وهل من مدافع عن حقوق موظفي المصارف في وجه إداراتها؟

تقليص القطاع

تصرّ المصارف على نكران واقعها المستجد. تُمعن في ممارسة الضغوط على موظفيها للرضوخ لصرف تعسّفي حيناً أو تقديم استقالات طوعية أحياناً. وفي كلتا الحالتين يُصرف موظفو المصارف بـ”المفرق”، ما يجنّب إداراتها الكثير من الإلتزامات والموجبات.

من الوقاحة استمرار المصارف بنفي حصول عمليات صرف للموظفين، فسعيها لخفض نفقاتها وتقليص أحجامها بات حقيقة، وقد عمدت العديد من المصارف إلى إقفال فروع مصرفية لها وصرف عاملين وموظفين، متعاقدين وثابتين. كما عمد بعضها إلى بيع وحدات وأصول في الخارج، وتستهدف المصارف خفض فروعها بما لايقل عن 300 إلى 400 فرع لها من أصل 1100 فرع منتشرة على كامل الأراضي اللبنانية.

فأزمة صرف الموظفين من المصارف ستتفجّر في الربع الأول من العام 2021، خصوصاً في ظل غياب رؤية واضحة لدى إدارات المصارف، لجهة كيفية التعامل مع إعادة هيكلتها، وتقليص أحجامها، وخفض عدد موظفيها. 2021 هو عام أليم على موظفي المصارف. ومن المرتقب تنفيذ عمليات صرف واسعة، وفق ما يؤكد رئيس نقابة موظفي المصارف في لبنان، أسد خوري، في حديث إلى “المدن”: “لكن نحن لا يمكننا فرض تعويضات معينة على المصارف. لذلك، ننتظر إقدام أي مصرف على تلك الخطوة لنبني على الشي مقتضاه، في تحديد الحقوق والمستحقات، وفق كل مصرف على حدة وبطرق قانونية”، يقول خوري.

رواتب الموظفين

لا أرقام دقيقة عن أعداد الموظفين المصروفين من المصارف خلال عام. لكن الأعداد من دون شك تقدّر بالمئات، فعدد العاملين في المصارف نهاية العام 2018 والمقدّر بنحو 26 ألف موظف، تقلّص. ومن المقرّر أن يفقد القطاع قرابة ثلث العاملين لديه في المرحلة المقبلة. لكن تبقى الآلية محور اهتمام موظفي المصارف، خصوصاً أن رواتبهم لم تعد ذات قيمة فعلية حالياً. وبالتالي، فالموظف يعوّل على التعويضات التي سيتم سدادها في حال صرفه.

يبلغ متوسط راتب الموظف المصرفي بين مليوني ليرة إلى مليونين و500 ألف ليرة. أي أقل من 300 دولار فقط، بعد أن كانت الرواتب تفوق 1500 دولار شهرياً. وحسب عقود عمل موظفي المصارف، فإنهم يتقاضون 16 راتباً سنوياً. وفي حين تسدّد بعض المصارف كامل رواتب موظفيها بالليرة اللبنانية حصراً، تقدِم مصارف أخرى على تحويل نسبة من راتب الموظف إلى الدولار، على أن يتم سحبها وفق سعر صرف 3900 ليرة. لكن قلة فقط من المصارف حوّلت كامل الرواتب إلى الدولار. وإذ يأسف خوري للحال الذي وصل إليه الموظف المصرفي، يشدّد على ضرورة تغيير الصناعة المصرفية بما يتلاءم والوضع القائم. وعلى المصارف إجراء دراسات تفصيلية بشأن فروعها وعدد موظفيها.

فقدان الرواتب قيمتها، يفتح باب النقاش حول قيمة تعويضات الصرف، ومدى ربطها بقيمة راتب الموظف المصروف. فالتعويضات التي كان يتم صرفها سابقاً، في حالات الصرف وفق المادة 50 من قانون العمل، لم تكن عادلة قبل الأزمة، وفق موظفي مصارف. فما بالك اليوم في ظل ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، وتعدد أسعار صرف الدولار، وبلوغه في السوق السوداء قرابة 8500 ليرة.

صرف بالمفرق

تعتمد المصارف حالياً سياسة الصرف بـ”المفرق”. ويحاول كل مصرف تقديم حوافز للعاملين بهدف صرفهم، لاسيما أولئك المتعاقدين والبالغين سناً تفوق 60 عاماً، فتعمل المصارف على منحهم بعض الحوافز لتقديم استقالاتهم، بالاتفاق مع إدارة كل مصرف. ومنهم من يدفع 24 راتباً إضافة إلى بعض الحوافز. تلك التقديمات يراها خوري، مقنعة في غالبية الأحيان، “لذلك ما يحصل حتى اليوم لا يزال نوعاً ما تحت السيطرة. فالمصارف تصرف موظفين بطريقة اختيارية، باستثناء مصرفين اثنين مارسوا الترهيب على الموظفين، لدفعهم إلى تقديم استقالاتهم قسراً، ومنهم من صرف تعسفياً”.

لكن، وعلى الرغم من طوعية الاستقالات في كثير من الأحيان، وتراضي الطرفين على قيمة التعويضات، يجزم خوري بأن التعويضات التي يفرضها قانون العمل في حالات الصرف مرفوضة تماماً، “نحن مع آلية الصرف وفق قانون العمل، وليس الصرف بالمفرق. لكننا ضد منح التعويضات وفق قانون العمل، لأنها لم تعد ذات قيمة”، يقول خوري.

من هنا بات على كل مصرف أن يدرس ماليته وآلية هيكلته، ليقرر كم عدد الموظفين الذين يستهدف صرفهم، ليتم التفاوض على الآلية وحجم التعويضات، ويبقى الثابت أن التعويضات التي يفرضها قانون العمل مرفوضة تماماً من قبل الموظفين.

Leave A Reply