عماد مرمل – الجمهورية
مع اقتراب موعد الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، اشتدت حرارة النقاش الداخلي حول أحقية حكومة تصريف الأعمال في «وراثة» صلاحياته خلال فترة الفراغ، في حال لم يتم انتخاب الرئيس قبل 31 تشرين الأول المقبل، التاريخ المفترض لمغادرة الرئيس ميشال عون قصر بعبدا.
من الواضح انّ الحسابات السياسية تطغى في احيان كثيرة على البعد الدستوري لهذه المسألة، بحيث ان الموقف منها غالباً ما ينطلق من دوافع مصلحية على حساب قواعد النص.
وحده تشكيل حكومة أصيلة، ولو قبل يوم واحد من انتهاء ولاية الرئيس عون، كفيل بتفادي مَعمعة التفسيرات والاجتهادات التي سيدخل فيها البلد إن تعذّر انتخاب رئيس الجمهورية خلال الشهرين المقبلين.
والى ان يتضح مسار الأمور، تعتبر شخصية وزارية ان حكومة تصريف الأعمال يُمكنها ان تملأ الفراغ الرئاسي اذا لم تحصل انتخابات رئاسة الجمهورية، «وبالتالي فإنّ صلاحيات الرئيس تناط بها بالوكالة تلقائياً الى حين إنجاز عملية الانتخاب، وليس هناك أي عائق دستوري يمكن أن يحول دون ذلك، علماً ان الصلاحيات المحدودة المتبقية لرئيس الجمهورية توحي بأنّ السجال حول حق حكومة تصريف الاعمال في تولّي مهامه، لا يحتمل معنى كبيراً».
وتلفت الشخصية الخبيرة في الشأن الدستوري الى ان الحكومة المستقيلة ليست مخيرة اساساً في تصريف الأعمال حتى اقصى الحدود الممكنة، «بل هذا واجب إلزامي من واجباتها، وما ينطبق عليها في ظل غياب الحكومة الأصيلة، يبقي ساريا كذلك في حالة حصول الفراغ الرئاسي».
وتشير تلك الشخصية الى ان الحكومة ملزمة بمواصلة تصريف الأعمال، «والدستور كلّفها تكليفاً بهذه المهمة، حتى لا تكون استقالتها مبررا او عذرا للتراخي والتهرب من تحمل المسؤولية».
وتضيف: اذا كان يمكن أن يصيب الحكومة المكتملة المواصفات بعض الاسترخاء احياناً، فإن ذلك يصبح ممنوعا ومحظورا عليها عندما تتولى تصريف الأعمال، بل هي تصبح مُطالَبة بتنفيذ الأعمال الضرورية من دون تهاون وأكثر من اي وقت مضى.
وتؤكد الشخصية الوزارية إيّاها ان «اعتراض البعض لتولّي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية هو موقف سياسي وليس دستورياً، والغرض منه التمهيد لاحتمال رفض رئيس الجمهورية مغادرة قصر بعبدا في 31 تشرين الأول المقبل اذا لم تحصل انتخابات رئاسة الجمهورية ضمن المهلة الدستورية ولم تتشكل حكومة أصيلة».
وتشير الى ان حكومة «التصريف»، وفي حال تعذّر انتخاب رئيس الجمهورية، «تواصل عملها وفق الآليات الطبيعية الناظمة لإيقاعها، وليس صحيحا ان كل وزير يصبح عندها «ميني رئيس» ويملك حق الفيتو»، منبّهاً الى انّ ما حصل عند تولي حكومة تمام سلام مهام رئيس الجمهورية بسبب الفراغ، «لم يكن سوى هرطقة دستورية».
وتُبدي هذه الشخصية القريبة من إحدى المرجعيات السياسية أسفها لكون الحسابات الشخصية والمصالح الفردية هي التي لها التأثير الأكبر في صنع القرار لدى اغلب من يشغلون مواقع اساسية في السلطة.
ووفق رأي الشخصية نفسها، فإنّ تشكيل حكومة أصيلة او حتى انتخاب رئيس جديد لا يكفيان وحدهما للخروج من النفق، «إذ انّ جزءا اساسيا من الازمة الحالية يعود إلى الحصار غير المعلن المضروب على لبنان لأسباب سياسية».
وضمن سياق متصل، تروي الشخصية ان بعض زملائها الوزراء كانوا قد أعدّوا مبادرات للتخفيف من وطأة الازمة الحالية وتداعياتها فأتاهم جواب صريح من الأميركيين، فحواه: «عليكم ان لا تفعلوا ذلك الآن.. هذا ليس الوقت المناسب».