الجمعة, نوفمبر 22
Banner

عشرة دولارات ربحاً على كل صفيحة بنزين مهرّبة و25 ألف ليرة على كل ربطة خبز مهرّبة

كتبت صحيفة الديار تقول: دخل لبنان مرحلة جديدة من المخاطر المالية والسياسية تمثّلت أولًا بخبر عن بدء تشديد الرقابة من قبل المصارف المراسلة على تحاويل الدولارات الفريش إلى لبنان. وفي معلومات تردّدت في الأروقة المالية أن المصارف المراسلة تتخوّف من عمليات غير قانونية وجرائم مالية قد تنتج من تحاويل الدولارات الطازجة إلى لبنان وهو ما يشكّل خطرا على المصارف المراسلة نفسها. وبحسب الأوساط المصرفية، بدأت المصارف المراسلة عمليات تقييم كمّية للمخاطر المالية، ولكن أيضًا القانونية التي قد تنتج من التعامل مع المصارف اللبنانية من ناحية التحاويل المتعلّقة بالدولارات الطازجة في الاتجاهين!

وفي حديث لجريدة الديار، علّق أحد المراجع الاقتصادية على هذا الخبر بالقول إن تحاويل الدولارات الطازجة إلى لبنان أصبحت الرئة التي يتنفسّ منها قسم كبير من الشعب اللبناني، وبالتالي أي عملية تضييق على هذه التحاويل ستؤدّي إلى كوارث إجتماعية، لافتًا النظر إلى أن مليارات الدولارات ما زالت تدخل إلى لبنان وجزء كبير منها يذهب إلى الإنفاق المعيشي. وحمّل المرجع الإقتصادي الحكومة اللبنانية مسؤولية ما آلت إليه الأمور نظرًا إلى سماحها بخلق الإقتصاد النقدي والذي يُعتبر بابا واسعا لكل الجرائم المالية.

سياسيًا لا يزال الغموض سيّد الموقف. فإذا كانت مصادر الرئاسة الأولى قد أكّدت في عدّة مناسبات أن رئيس الجمهورية ميشال عون سيترك القصر الجمهوري ليل 31 تشرين الأول 2022، اجتمع أمس المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى في رسالة دعم واضحة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وفي هذا الاطار كشفت المصادر، ان الغاية من هذا الاجتماع تشكيل دعم سني واضح وصريح لميقاتي في وجه رئيس الجمهورية، غير ان النتيجة سوف تأتي عكسية، اذ ان الاجتماع في الشكل والمضمون اعاد الى اذهان اللبنانيين صورة التوتر الطائفي قبيل حرب السنتين، وهو آخر ما يحتاج اليه اللبنانيون في هذه الايام العصيبة.

فعلى بعد ثلاثة أيام من الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، وعلى بعد 64 يومًا من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، لا تزال كل السيناريوهات مفتوحة. فنتائج الانتخابات النيابية جعلت عملية انتخاب رئيس للجمهورية أصعب مما كانت عليه سابقًا، فلا أكثرية نيابية تستطيع تأمين نصاب الجلسة الأولى وهو ما يجّعل عملية الإنتخاب مُرشّحةً للتأخير.

وكان المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية أصدر بيانًا البارحة جاء فيه أن «ما يُنسَب الى الرئيس عون منذ بداية البحث في تشكيل الحكومة، من مواقف وخطوات وإجراءات، هو محض ادّعاء في قراءة النيات، وضرب في الغيب واختلاق وأكاذيب». وأضاف البيان، «بعض السياسيّين والاعلاميّين وصل بإساءاته الى حدّ التحريض وإثارة النعرات الطائفيّة، خدمة لأهداف جهات تقف وراءهم داخل لبنان وخارجه لضرب الإستقرار». وبالتالي «كل ما يُنشر عن مواقف رئيس الجمهوريّة ولا يصدر عنه هو مزيج من الافتراء والكذب ولا يمكن الاعتداد به مطلقًا». وحذّر البيان «من التمادي في دسّ الأخبار والمعلومات الكاذبة والتحريض الطائفي والمذهبي واستهداف أمن البلاد واستقرارها، وتحذر من النيات الخبيثة لأصحاب هذه الحملات المأجورين والمسؤولين عن تناسل الجرائم الكبرى المرتكبة في حقوق اللبنانيّين». وحول مواقف الرئيس عون من تشكيل الحكومة، أكّد المكتب أنَّ مواقف الرئيس «تستند الى قناعته وبضرورة المحافظة على الشراكة الوطنية والميثاقيّة وإبقاء المناخات إيجابيّة». وختم البيان بالقول إن «الرئيس عون ملتزم قسمه الدستوري في ما خصّ الإستحقاق الرئاسي، وهو طوال سنوات حكمه مارس صلاحياته ولم ينكث بقسمه».

وفي خطوة تصب في خانة دعم الرئيس نجيب ميقاتي، عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الدورية في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، حيث توقف مطولا عند ما وصفه بـ «ظاهرة شاذة تتمثل في الإلتفاف حول قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية والإهتمام بقضية مصطنعة لتشكيل حكومة جديدة، أو تعديل الحكومة الحالية التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي». وأكد المجلس الشرعي ان لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، انه يحتاج الى رئيس جديد يحترم قسمه الدستوري ويلتزم به، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن في شرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي».

وتابع: «ناشد المجلس جميع القوى السياسية للتعاون وتوحيد الصف لإيجاد الحلول الوطنية الناجعة لولادة الحكومة، ويرى أن الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد، ويؤكد المجلس دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه».

انتخابات رئاسة الجمهورية

على كل الأحوال، هناك ثلاثة سيناريوهات مطروحة للاستحقاق الرئاسي وأزمة الصلاحيات في لبنان:

الأوّل وينص على انتخاب شخصية معتدلة لا تنتمي إلى المحاور التقليدية (8 و14 أذار)، وهو – إذا ما حصل – يُنبئ بمرحلة جديدة لبنان يكون في ضوئها توقيع على اتفاق لترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي وبدء تنفيذ إصلاحات أساسية في البلاد وعلى رأسها الكهرباء والقطاع العام.

الثاني وهو سيناريو تشاؤمي وينصّ على عدم القدرة على انتخاب رئيس جمهورية (السيناريو الأكثر ترجيحًا) وعلى هذا الأساس سيقع لبنان في معضلة دستورية أو عدم دستورية تولّي حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي صلاحيات الرئيس، وذلك في ظلّ غياب نصّ واضح حول هذا الموضوع وهنا نجد المطالعات القانونية غب الطلب.

الثالث وهو سيناريو ما بين الاثنين السابقين، وينصّ على عدم القدرة على انتخاب رئيس، ولكن في المقابل يتم تشكيل حكومة تأخذ الثقة من المجلس النيابي، وبالتالي يكون تأجيل انتخاب الرئيس أمرا متفقا عليه من الأطراف كافة. إلا أن المشكلة هي في طلبات النائب جبران باسيل الذي يتوعدّه الكثير من السياسيين بعد انتهاء ولاية الرئيس عون. فالوزير باسيل يطالب بالثلث الضامن في الحكومة، وهو ما يرفضه الرئيسان نبيه برّي ونجيب ميقاتي، بالإضافة إلى الحزب الإشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب اللبنانية وعدد من النواب الجدد.

وبغض النظر عن الذي سيحصل في المستقبل، تبقى الكلمة الفصل في اللعبة لحزب الله الذي يحاول رئيس الحزب الإشتراكي التقرّب منه بهدف ضمان انتخاب رئيس يكون وسطيًا – مع سقوط معادلة الرئيس القوي – وهو ما يتطلّب وقتًا قد نصل إلى نهاية ولاية الرئيس قبل الوصول إلى توافق على اسم رئيس.

عمليًا، دخل حزب الله على خط الوساطة بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي. وتفيد المعلومات أن حزب الله يسعى من خلال حراكه إلى إيجاد مساحة مشتركة بين الرئيسين تسمح بتشكيل حكومة نظرًا إلى أنهما – أي عون وميقاتي – الوحيدان المعنيان دستوريًا بتشكيل الحكومة وإصدار المراسيم.

في هذا الوقت تستمر معاناة المواطن اللبناني مع غطرسة وفجور التجار والمافيات التي رفعت الأسعار بشكل جنوني في ظل غياب المؤسسات الرقابية. فمثلًا ارتفعت معظم أسعار السلع والمواد الغذائية في السوبرماركات – عن غير وجه حقّ – من دون أن نعرف السبب، إذا كان كافيًا الحديث عن رفع الدولار الجمركي لترتفع الأسعار بشكل تلقائي. أيضًا وعلى الرغم من الإنذار الذي وجّهه وزير التربية الحلبي للمدارس لعدم قبض الأقساط بالدولار الأميركي الفريش، قامت معظم المدارس بقبض قسم من الأقساط بالدولار الأميركي وتحايلت على القانون عبر إعطاء وصل بالثمن المدفوع وكتبت عليه «مدفوع لصندوق دعم الأساتذة والموظّفين»! قمة النفاق.

ولم يكتف التجار برفع الأسعار، بل أصبحوا ناشطين جدًا على صعيد التهريب. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها جريدة «الديار»، فإن تهريب صفيحة بنزين تعود بربح صاف بقيمة عشرة دولارات أميركية وكل برميل مهرّب يؤمّن ربحا صافيا بقيمة مئة دولار أميركي. وبالتالي يُطرح السؤال: ما الذي سيدفع تجار المحروقات إلى بيعها في السوق المحلّية في الوقت الذي تؤمّن الأسواق الخارجية أرباحًا طائلة لا يستطيع السوق المحلّي تأمينها؟ الجواب: لا شيء! فالرقابة غائبة وحتى إن المصادر أكّدت لجريدة «الديارw أن شبكة التهريب تضمّ كل الأنواع والأصناف والغطاء مضمون.

على صعيد الدولار الأميركي، حاول التجّار التلاعب بسعره في السوق السوداء بحجّة الطلب، وذلك بهدف توجيه رسالة إلى السلطات الرسمية بعدم رفع الدولار الجمركي تحت طائلة رفع دولار السوق السوداء إلى مستويات عالية. وهذه الرسالة فهمتها السلطة السياسية وقامت بتأجيل الموضوع. إلا أن أحد أعضاء الحكومة، وهو نائب الرئيس سعادة الشامي، يعمل بجد لفرض سعر موحد وهو سعر منصة صيرفة على كل ما هو إيرادات للدولة اللبنانية من دون أن يضمّ ذلك معاشات القطاع العام. وهذا الأمر يعني تحرير سعر صرف الليرة بشكل واضح ورفع كل أنواع الدعم الآتي من مصرف لبنان بما في ذلك الأدوية والمحروقات والمواد الغذائية وغيرها.

وتُشير معلومات من مصادر مُقرّبة من الفريق المفاوض، أن الشامي يعمل على فرض سعر منصة صيرفة على كل مداخيل الدولة، بإيعاز من صندوق النقد الدولي، وهو ما يواجهه العديد من الوزراء في الحكومة وعلى رأسهم وزراء الثنائي الشيعي. ويضغط الشامي بشكل محدّد على مصرف لبنان لوقف العمل بالتعميم 161، وهو التعميم الذي يؤمّن من خلاله مصرف لبنان الدولارات إلى السوق المحلّي (إستيراد ومواطنون). وبحسب المعلومات يريد الشامي تنفيذ طلب صندوق النقد بتحرير سعر الصرف بالكامل على أن يتمّ رفع منصة صيرفة لاحقًا إلى السعر الذي ترسو عليه الأسعار في السوق السوداء.

Leave A Reply