كتبت صحيفة “النهار” تقول: اذا صح الكلام عن تطور يحتمل القاء الضوء عليه في ملف تعقيدات #تشكيل الحكومة الجديدة، التي لا توجد ظاهريا أي مؤشرات إيجابية حيال تخطي العقبات التي تعترضها، فهو يتمثل في خروج “حزب الله” عن مواقفه العامة غير التفصيلية الداعية الى تشكيل حكومة جديدة، للإعلان صراحة عن مطالبته بتعويم حكومة تصريف الاعمال وحسب. هذا الموقف اخترق دوامة التحركات العقيمة المتصلة بالاستحقاق الحكومي عشية بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، علما انه من غير الواضح تماما اذا كان الحزب قام فعلا بوساطة أخيرا بين بعبدا والسرايا، وانتهت به الى اشهار هذا الموقف علنا على لسان رئيس كتلته النيابية محمد رعد، ام انه جاء بتوقيت خاص بحسابات الحزب ليشكل ضغطا على حليفه العهد العوني ورئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي. وثمة معطيات من شأنها ان تعزز الفرضية الثانية، اذ تفيد بان “حزب الله” وخلافا لما تردد بشكل كثيف في الأيام الأخيرة، لم “يورط “نفسه بوساطة مباشرة وعملية بين رئيس الجمهورية #ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي لاعتبارات عديدة ولكنه يؤثر بقوة الذهاب بأسرع وقت الى تسوية حكومية تخرج بتوافق الرئاستين. ومع ذلك يبدو مبكرا التكهن باي إيجابيات محتملة على المسار الحكومي، اذ ان اللقاء الذي عقد امس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس ميقاتي في عين التينة، لم ترشح عن مداولاته اي تطورات إيجابية حيال الملف الحكومي، كما ان المواقف الإضافية التي اطلقها امس الرئيس عون لا تنم عن أي تطور واقعي إيجابي حكوميا، بل ان عون الذي أعاد التذكير بالبيان الذي أصدره مكتب الاعلام في #رئاسة الجمهورية في نهاية الأسبوع الماضي، ولم يترك مسافة للتمييز بين الخطاب الخاص بمقام الرئيس والنبرة المستغربة لذاك البيان الذي تضمن هجمة مقذعة على سياسيين واعلاميين ذهبت الى حد نعتهم بانهم “ولاد حرام”، لوحظ انه شرع منذ البارحة في “استجماع جردة” بما يعده “إنجازات” عهده فيما غابت عن هذه الجردة، بما لم يفاجئ أحدا طبعا، كل المعطيات المتصلة بمسؤولية العهد عن الانهيار ودوما على قاعدة “ما خلونا”، ولكن اللافت ان عون لم يغلق الباب على المشاورات في شأن الملف الحكومي راهنا.
في السياق الحكومي اذن، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في عين التينة وغادر الاخير من دون الادلاء بأي تصريح. كما استقبل بري رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط الذي اكد ان البحث مع الرئيس بري تناول مختلف الملفات ومن بينها الشأن الحكومي. وأوضح جنبلاط أنه خلال اللقاء مع الرئيس برّي، جرى التأكيد على “الإصلاحات المطلوبة والموازنة، وضرورة معالجة ملف الكهرباء، وإكمال التفاوض مع صندوق النقد، وعلى إجراء انتخابات الرئاسة في المهل الدستورية”. وقد حضت كتلة “اللقاء الديموقراطي” بعد اجتماعها مساء برئاسة جنبلاط على “ضرورة احترام الاستحقاقات الدستورية وإنجازها في مواعيدها، خصوصا انتخابات رئاسة الجمهورية” كما أكدت “ضرورة السعي الجدي لتشكيل حكومة والإلتزام بنصوص الدستور لجهة قيام الحكومة الحالية بمهامها كاملة دون اي اجتهادات دستورية في حال الوقوع بالشغور الرئاسي”.
عون و”إنجازاته”
اما الرئيس عون فقال عن التحرك في الملف الحكومي وموقف الدول الخارجية منه ان “الخارج يتحدث ايجاباً عن تشكيل الحكومة. ولا شك ان هناك عقبات لا تزال تعترض عملية التأليف، انما المسار لم يتوقف والمشاورات لا تزال قائمة”، منبها الى ما وصفه بـ”السلوك المزدوج في التعاطي مع هذا الملف”.
وتحدث عون امام عدد من الاعلاميين عما وصفه بـ”الحملات التي تستهدفه”، وردد مجددا انه، “مذ عاد الى لبنان تقدم بالكثير من مشاريع القوانين التي فاقت الـ220، لم يبصر منها النور سوى نحو 50 قانوناً فقط، فيما الباقي لا يزال ينتظر ومنها على سبيل المثال قانون ضمان الشيخوخة، وقانون انشاء محكمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم المالية بحق الدولة وغيرها”. وعن ابرز ما تحقق في عهده قال عون: “اول ما قمت به لدى تسلمي مهامي كرئيس، كان العمل على استصدار مراسيم لتحقيق استخراج النفط والغاز، وهو امر تم ايقافه منذ العام 2013، ولكن اصراري عليه ادى الى ان يبصر النور وهو يعود بالفائدة على لبنان الذي يحتاج هذه الموارد الطبيعية التي يملكها. وتمت خلال الولاية الرئاسية، عمليات تحرير الجرود اللبنانية من الارهابيين، والقضاء على الخلايا النائمة التي كانت تخطط للقيام بعمليات ارهابية، وبدأت مسيرة استتباب الامن التي لا تزال قائمة، والحملة لمكافحة المخدرات، كما تم وضع اسس الانتظام المالي بعد اقرار الموازنة لاول مرة منذ 12 عاماً وما تخلل هذه الاعوام من صرف للاموال بطريقة غير قانونية وغير شرعية. وعملنا ايضاً على تعزيز وضع السفارات اللبنانية في الخارج، واقرينا قانونا انتخابيا جديدا اعطى عدالة افضل للجميع، ناهيك عن التدقيق المالي الجنائي، وعن ملف ترسيم الحدود البحرية الذي بات في مراحل متقدمة”. ولفت الى ان “الصراع كان كبيراً بينه وبين عدد من المسؤولين الى ان تم اقرار مسألة التحقيق المالي الجنائي، وكانت العراقيل كثيرة ومتنوعة والتأخير في تأمين المعلومات والوثائق على مدى اكثر من سنتين وثلاثة اشهر وتم تذليلها، ومن شأن هذا التدقيق ان يكشف الكثير من المعطيات حول السرقات التي حصلت، وهوية المسؤولين عنها”.
“الحزب” والحكومة
وسط هذه الأجواء برزت حملة مركزة تشدد على تشكيل حكومة جديدة على السنة مسؤولين ونواب في “حزب الله” . وفي هذا الاطار أشار رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، إلى أن “المطلوب منّا أن نعي خطورة اللحظة التي نحن بصدد التصدي لها ، وأن نتماسك داخليًا وأن ننظم صفوفنا ونحرص على وحدتنا، وأن لا تأخذنا أمواج التفرقة لا على وسائل التواصل الاجتماعي ولا عبر التنافسات الداخلية على هذا الموقع”. وأكد أن “بلدا من دون حكومة لا يمكن أن يستقرّ وضعه والدّلع الذي نعايشه في طريقة تشكيل الحكومة لا محلّ له الآن، ونحن لا يعنينا من يأتي ومن يذهب ومن يعود، بل عوّموا هذه الحكومة لتكون حكومة كاملة الصلاحيات” .من جانبه، أكد النائب حسن فضل الله أن “حزب الله يرفض الفراغ في المؤسسات الدستورية، وهو مع أن يكون لدينا حكومة كاملة الصلاحيات، وأن تكون لدينا انتخابات رئاسية، وألا يكون هناك فراغ في أي مرفق من مرافق الدولة، لأن الحل في لبنان لا يكون إلا عن طريق مؤسسات الدولة، ولا إمكانية لأي جهة أو حزب مهما كانت لديه الامكانات والقوة أن يعالج المشكلات في لبنان، وبعد كل التجارب السابقة والحالية، والنقاشات والبحث المعمق عن الحلول، وهو ما قام به “حزب الله” على مستوى هيئاته القيادية وناقشه مع الآخرين، فإن إعادة بناء الدولة على أسس سليمة والنهوض بها، هو الذي يوفر الحل لأزمات البلد، فالحلول موجودة وممكنة لكنها تحتاج إلى دولة وإلى تعاون القوى المؤثرة والوازنة، وهو ما نعمل عليه رغم كل التعقيدات الداخلية الناجمة عن التركيبة الطائفية والمذهبية والحسابات الشخصية للكثيرين ممن هم في موقع التأثير، ولذلك لا أحد يستطيع أن يحل على سبيل المثال مشكلة القمح، والكهرباء”.