صلاح سلام – اللواء
رفع تعرفة الإتصالات و«تقريشها» على دولار «صيرفة»، لم يكن هو الحل الأمثل والأسلم لزيادة واردات الوزارة، وتمكينها من تسديد فواتير قطع الغيار والمازوت في محطات الإرسال، وتحميل المواطن اللبناني المزيد من الأعباء.
هو قرار لا يختلف عن نوعية القرارات الترقيعية التي تتخذها مختلف الوزارات والإدارات العامة هذه الأيام، والتي تعالج المشاكل السرطانية الكبرى مؤقتاً بحبات الإسبرين، دون تحمل عناء البحث عن الحلول الجذرية والمستدامة.
وزير الإتصالات يدرك أكثر من غيره، أن شركتي «تاتش» و«ألفا» تحولتا إلى ما يشبه مغارة علي بابا ، بعد أن تم حشوهما بأرتال من الموظفين، ينتمون سياسياً إلى التيار الوطني الحر، الذي تسلم هذه الوزارة منذ عهد الرئيس ميشال سليمان، عبر الوزير شربل نحاس، وإستمر فيها حتى نهاية العهد الحالي، مع فترة استثنائية قصيرة تولاها رئيس غرفة التجارة محمد شقير. وما تردد في نهاية الأسبوع الماضي حول انفجار الخلاف بين الوزير والمدير العام لشركة «ألفا» بسبب إصرار الأول وفريقه في الوزارة على ترفيع عدد من الموظفين المحظيين، وزيادة رواتب خيالية وبالدولار الأميركي لعدد آخر من الأزلام والمحاسيب، كشف حجم الهدر المستمر في قطاع الإتصالات، والفوضى في إدارة الشركتين، فيما الموظفون الذين تقوم على سواعدهم أعمال الشركتين يعلنون الإضراب في الشارع مطالبين بحقوقهم المشروعة في تصحيح الرواتب وتنفيذ عقد العمل الجماعي.
وزير الإتصالات يدرك أيضاً أكثر من غيره، أن شركات الخدمات الألكترونية المختلفة، تُشارك الوزارة في هذا المرفق الوطني ، دون أن تتحمل أية أعباء مالية بالنسبة لتحسين الخدمات أو حتى تفعيل الحالي منها، بل هي منافس غير شرعي لمؤسسة «أوجيرو»، في المضاربة بأسعار الإشتراكات بالانترنيت والعديد من الخدمات الأخرى. معظم هذه الشركات تتقاسم الترخيص لعملها أطراف المنظومة السياسية الفاسدة، كلٌّ حسب منطقة نفوذه!
الحديث عن الفساد المستشري في قطاع الإتصالات يطول ويتشعب، دون حسيب أو رقيب، وبمنتهي الوقاحة من قبل بعض الأطراف السياسية، كما هو حاصل حالياً بالنسبة للترقيات الملتبسة التي دفعت مدير «ألفا» إلى طرح إستقالته أمام الإعلام، وعلى الرأي العام مباشرة. شرارة إنتفاضة ١٩ تشرين ٢٠١٩ كانت قرار فرض رسم ٧ سنت فقط على خدمة الواتس آب، فأين جماهير الثورة بعد مضاعفة التسعيرات على كل الخدمات عشرات المرات؟