رفعت “حركة أمل” في إحيائها ذكرى تغييب مؤسّسها الإمام موسى الصدر، صوراً للعلّامة الديني الشيعي عبد الحسين شرف الدين، تعادل بالحجم، صور الصدر، في دلالة سياسية في هذا الوقت، تتخطى بأبعادها العلاقة بين شرف الدين والصدر، بالنظر الى أن الأول استقبل مؤسس حركة أمل لدى عودته الى لبنان، كما تتخطى نسب شرف الدين الذي أقام في مدينة صور مطلع القرن الماضي.
ظهرت الصورة بشكلين مختلفين. وراء منصة الخطيب في الاحتفال، بدت الى جانب الصدر وكخلفية له بحجم كبير يعادل صورة الصدر نفسه. أما على أطراف ساحة الاحتفال، فظهرت مستقلة بالحجم نفسه لصورة الصدر، لتبعث برسالة سياسية بالغة الأهمية في هذا التوقيت الذي تتهم فيه المقاومة في الجنوب، ويتصدرها “حزب الله”، بأنها تأتمر بأوامر إيرانية، فضلاً عن الاتهامات للطائفة الشيعية بالتماهي مع المواقف الإيرانية وبأنها امتداد سياسي لها.
وشرف الدين، هو عالم دين شيعي من جبل عامل، وأحد أبرز الشخصيات الشيعية التي خطت المسار السياسي للطائفة في حقبتي الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي. وقف الى جانب الثورة العربية الكبرى، وقاوم الانتداب الفرنسي، وشارك في مؤتمر علماء وادي الحجير، وكان له خطاب بليغ دعا فيه إلى نبذ التفرقة الطائفية.
واختيار صورة شرف الدين، بهذا الحجم، بدا لافتاً. أرادت “أمل” من هذا الاختيار أن يبعث برسالة الى الخصوم، بأن الطائفة الشيعية في لبنان ذات امتداد لبناني منذ سنوات طويلة، ولا يزال موقفها نفسه، بمعزل عن العلاقات مع إيران، وأن قرارها لبناني، كما هو حال شرف الذين تُعدّ “حركة امل” امتداداً له.
كذلك، تنفي بصرياً أن يكون التوعد بالخيار العسكري ضد اسرائيل على خلفية ترسيم الحدود، خياراً إيرانياً، أو متصلاً به بأي شكل من الاشكال، وأن منشأ المقاومة لبناني منذ ذلك الوقت، في العشرينيات، وهنا الدليل على هذا المنشأ، في إشارة الى شرف الدين الذي حكم عليه الفرنسيون بالإعدام غيابياً وأحرقوا داره ومكتبته النفيسة، فاضطر إلى الهرب خارج لبنان، فسكن دمشق فترة من الزمن، وبعدها ذهب إلى مصر، ومنها إلى فلسطين، قبل أن يعود الى جبل عامل في وقت لاحق.
تلك الإشارة الإعلامية، بدت لافتة في ظل الصراع السياسي الآخذ بالتوسع، والاتهامات الموجهة للطائفة بأنها تأتمر بأوامر إيران، رغم تأكيد “أمل” على العلاقة مع “حزب الله”، وهو ما كرره الرئيس نبيه بري، أمس الأربعاء، في احتفال صور.