عزة الحاج حسن – المدن
بدأت مراكز الخدمات التابعة لأوجيرو بالسقوط واحداً تلو الآخر، على وقع إضراب العاملين في أوجيرو، وتوقفهم عن القيام بكافة الأعمال، بما فيها تزويد السنترالات بالمازوت وإصلاح الأعطال التي طرأت وستطرأ على خدمات الاتصالات والإنترنت.
حتى اللحظة يصرّ العاملون بهيئة أوجيرو بكافة مسميّاتهم على الاستمرار بالإضراب حتى تحقيق المطالب وتعديل رواتب الموظفين، والتقديمات المرتقبة كالطبابة والتعليم وغير ذلك. وحسب معلومات “المدن”، فقد انتهى الاجتماع الذي عقد يوم أمس بين ممثلين عن نقابة موظفي أوجيرو ووزير الاتصالات بخلافات عميقة في وجهات النظر، حول كيفية معالجة أزمة الموظفين وحل الإضراب.
ماهية المطالب
لم يُبد وزير الاتصالات أي تجاوب مع مطالب موظفي أوجيرو. حتى أنه رفض في لقائهم يوم أمس تحسين الرواتب قبل إقرار الدولار الجمركي. فالوزير جوني القرم كما السلطة السياسية برمّتها تعوّل على إيرادات الدولار الجمركي المرتقب إقراره قريباً، متجاهلين عمداً ما سيُحدثه الدولار الجمركي من كوارث على مستوى معيشة الطبقات الاجتماعية الفقيرة ومحدودة المداخيل، ومنهم الموظفون طبعاً.
وحسب المعلومات، كان الاجتماع مع الوزير عاصفاً، ولم ينته لأي اتفاق. وعليه، قرر موظفو أوجيرو الاستمرار بالإضراب لحين تنفيذ مطالبهم. وحسب مصدر من نقابة موظفي أوجيرو، فمطالب الموظفين تُرجمت بدراسة أعدها مجلس النقابة، لكيفية تعديل رواتب العاملين في الهيئة.
لم تربط الدراسة رواتب الموظفين باحتساب الدولار عند 8000 ليرة ولا عند 12000 ليرة وغيره، إنما بزيادات على الرواتب تتناسب وارتفاع نسب التضخم وتؤمن معيشة مقبولة للموظفين، خصوصاً مع ترافقها مع تحسين لخدمات الطبابة وبدلات النقل ومنح التعليم في المدارس والجامعات وغير ذلك. طرح النقابة يلامس طموحات الموظفين، وإن لم يكن حلاّ مثاليا بالنسبة إليهم، لاسيما أن كُثراً منهم يتمسّكون بالعودة إلى العقودة المبرمة معهم والمعقودة بالدولار. لكن ولعلمهم بأن ذلك غير ممكن، ارتضوا بزيادات تحاكي غلاء المعيشة وتقارب رواتب زملائهم في عدد من المصالح المستقلة، ومنها الريجي.
مصير الإنترنت
بعد توقف سنترال الحمرا في بيروت عن العمل أمس، لحق به سنترال صيدا الذي يوزّع على كافة سنترالات ومراكز خدمة منطقة الجنوب. وسرعان ما توقفت الاتصالات والإنترنت وتراجعت الخدمات في مناطق أخرى. فما كان من شركة كهرباء لبنان إلا أن أمّنت التغذية الكهربائية لسنترال صيدا لتشغيل مراكز الجنوب. حضرت الكهرباء بعد غياب تام دام أشهراً، للتعويض عن غياب الموظفين المضربين لتحسين رواتبهم.
أما حال الإنترنت في باقي المناطق، فيتعلّق استمرار توفّرها بعودة الموظفين عن إضرابهم. ودون ذلك، فإن الإنترنت معرّض للتوقف في أي منطقة وربما في كافة المناطق تدريجياً. لاسيما أن الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الاتصالات، وعبر المشغّل الوحيد أوجيرو، هي مَن تستقدم الانترنت وتبيعه رزماً للقطاع الخاص الشرعي، ويشمل شركات IDM وCyberia وGDS وكل ما يتفرّع منها من شركات.
باختصار، في حال استمر موظفو أوجيرو بالإضراب لفترة طويلة، وتنفيذ خطوات تصعيدية وفق ما هو مقرّر، فربما تتوقف خدمة الانترنت في كافة المناطق مع بعض الإستثناءات، إلا في حال سلّمت وزارة الاتصالات “عنقها” وعنق أوجيرو لشركات القطاع الخاص، خصوصاً IDM وCyberia اللتين راسلتا الدولة اللبنانية وعرضتا خدماتهما بتعبئة المازوت لسنترالات أوجيرو وتشغيلها.
حينها لا تكون الدولة قد سلّمت أحد أكثر قطاعاتها أهمية للقطاع الخاص فحسب، بل سلّمته لأزلامها ومنتفعيها من السياسيين. فالشركات الثلاث المذكورة أعلاه تتفرّع منها شركات مملوكة جميعها -حسب مصدر موثوق- وتُدار من قبل سياسيين وشركاء لهم وأقارب من مختلف الأطراف السياسية. ويؤكد المصدر أن “جميع الأطراف السياسية من دون استثناء يستفيدون من شركات الإنترنت الخاصة التي تتزوّد بالإنترنت من شبكة وزارة الاتصالات”.
الإضراب مستمر
ولا يقتصر رفض تلبية مطالب الموظفين على وزير الاتصالات، فإدارة أوجيرو ممثلة بمديرها العام عماد كريدية، رأى في حديث له أن “رفع أسعار الاتصالات وتكلفة الإنترنت لا يعني أنه تلقائياً سيكون هناك رفع للاعتمادات المالية، بل يجب اللجوء للمجلس النواب من أجل تطبيق القانون”. ويلفت إلى أن الحل يرتبط بوزارتي المال والاتصالات.
وإن كان كريدية لا يؤيد إضراب الموظفين في الوقت الراهن، إلا أنه أيضاً لم يعلن رفضه التام له. وفي مطلق الأحوال لا يبدو من نية لدى نقابة موظفي أوجيرو بالتراجع عن الإضراب، لا سيما في ظل اندفاع وإصرار الموظفين على تحصيل حقوقهم، ودفع النقابة إلى المضي قدماً بالمواجهة.