الجمعة, نوفمبر 22
Banner

السوق السوداء تشعل الدولار ومخاوف من «الأعظم».. ودعوة عربية لحفظ الاستقرار

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:

باقٍ من المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية 58 يوما، فيما مفتاح الاستحقاق الرئاسي ضائع في مغارة المجهول. ولأنّ هذه المغارة مقفلة بشيفرة سياسية مبعثرة رموزها بين مكونات سياسية تعاني ذروة التصادم والانقسام، ليس من سبيل سوى الاستعانة بشخصية تشبه «علي بابا» بطل واحدة من حكايات الف ليلة وليلة، لينطق بتلك الجملة السحرية «افتح يا سمسم»، لينشقّ باب المغارة ويُنتشل مفتاح الرئاسة من أعماقها. ولكن من هو هذا الـ»علي بابا»؟ ومن أين سياتي؟ وهل هو موجود أصلاً؟ وإن كان موجوداً، هل سيقبل بأن يعيّن أطرافاً لا يعيّنون أنفسهم؟!

ما يدفع الى استحضار هذه الفرضية الخرافية، هو تطابقها مع الحالة المرضيّة المستعصية التي يعانيها لبنان؛ التي تتجلى في التمزّق على مستوى مكوناته السياسية، وفي المسافات الشاسعة التي تفصل فيما بينها، وتصادم رؤاها وتوجهاتها وأجنداتها، وافتراقها على الثانويات والأساسيات من القضايا التي تعني بلداً قابعاً في قعر الدرك الأسفل ماليّا واقتصاديّا ومعيشيّا، وفي اتقانها فقط فنّ النكد والنكايات والكيد ونصب الكمائن والمكائد لبعضها البعض.

السؤال الذي يفرض نفسه امام هذا الواقع المهترىء: كيف يمكن لوطن ان يعود الى الحياة مع وضع كهذا؟ وكيف لمكوّنات تُعادي بعضها بعضاً أن تتفاهم او تتوافق على إتمام استحقاق رئاسي يحلم اللبنانيون في أن يشكل معبرا الى زمن سياسي جديد يؤسس لاضاءة ولو شمعة في نفق البلد المظلم وأزمته الخانقة؟

لعل جولة سريعة على مواقف القوى السياسية وتحضيراتها المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي كافية للجزم باستحالة إتمامه بشكل سلس، فكل طرف يعزف مواله الرئاسي، ويروّج لما تبدو «مواصفات مقدسة»، حتى اسقط هذا الاستحقاق في صدام مواصفات مفتوح على كل شيء، الا على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. من هنا تتبدّى في هذه الصورة الحاجة الملحة الى من ينتشل الاستحقاق الرئاسي من قمقم الخلافات الداخلية، ويجنّب لبنان فراغا رئاسيا وما قد يتأتّى منه من مخاطر مجهولة الكمّ والنّوع. وبديهي هنا الرهان على «صديق» يمد يد المساعدة، ولكن هل هذا الصديق موجود حيث لم يعد ثمة صديق حقيقي للبنان؟

إشعال الدولار!

ولعل المريب في هذا المشهد الداخلي الملبّد بضغوطات وأعباء ثقيلة على اللبنانيين، هو تزامن بدء مهلة الستين يوماً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع إشعال الدولار، ومواظبة الغرف السوداء التي تتحكّم به على دفعه بقفزات خطيرة لامست امس سقف الـ36 الف ليرة، وعلى نحوٍ ترافق مع ارتفاع اضافي في اسعار المواد الاستهلاكية، وادخال اسعار المحروقات الى مدار التحليق من جديد، توازياً مع مُسارعة بعض محطات المحروقات الى رفع خراطيمها.

اللافت في هذا السياق ما أشارت اليه مصادر مالية بقولها لـ«الجمهورية» ان «عودة اللعب بالدولار ليس مردّها الى عامل مالي او اقتصادي، بل الواضح في هذا السياق ان ما يجري على هذا الصعيد هو جراء عامل سياسي، وَكّلَ يداً خفيّة بإعادة اشعال الحريق المالي في البلد… وهذا يبعث على الخوف من الأعظم الآتي».

وتخوفت المصادر من ان يكون هذا التلاعب، في هذه المرحلة تحديدا، دفع البلد نحو انفجار مالي يصل بالدولار الى ارقام فلكية للضغط على الاستحقاق الرئاسي وتمريره خدمة لحظوظ مرشحين معينين، ولكن ما يثير الخوف الشديد انه إن وقعَ هذا الانفجار، فقد لا يكون في مقدور احد ان يُلملم آثاره، سواء انتخب رئيس للجمهورية ام لا. لأن لبنان ساعتئذ يكون قد سقط في قعر الكارثة».

مخاوف حقيقية

على ان هذا الاشتعال، في هذا التوقيت بالذات، وصفته مصادر اقتصادية بالمخيف، وينبغي رصد تداعياته في الايام المقبلة. وكشفت لـ«الجمهورية» انها وقفت على معلومات شديدة الخطورة من مسؤول كبير في احدى المؤسسات المالية الدولية، خلاصتها ان لبنان، إن لم تبادر الحكومة الى اجراءات عاجلة، سيكون امام «الكارثة المميتة». وقال ما حرفيّته: عينكم على الدولار، فإن تجاوز سقف الثلاثين الف ليرة، فقد لا يكون له سقف آخر بعده.. انتبهوا».

وقالت المصادر: كان الرهان وما يزال على برنامج تعاون بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وأحد شروط صندوق النقد إقرار قانون الكابيتال كونترول، وعدم اقرار هذا القانون معناه ان لا برنامج تعاون مع صندوق النقد. والاخطر من ذلك انّ عدم وجود هذا القانون معناه انّ الاحتياط المتبقّي من العلّات الاجنبية في مصرف لبنان سيذوب نهائياً، والنتيجة الحتمية هنا هدم لبنان.

ولفتت المصادر الى انّ ما حصل في جلسة اللجان النيابية المشتركة قبل يومين ارسل الى الصندوق واحدة من أسوأ الاشارات السلبية، والتي اكدت ان لا توجّه جدياً الى إقرار مثل هذا القانون. بل اكدت في الوقت ذاته انّ ما يحكم البلد هو سياسة النكايات والكيديات حتى على الامور التي تعني الشعب اللبناني.

واضافت المصادر: أنظروا الفرق بين الدول المسؤولة والدول اللامسؤولة، فبعد مضي شهر على أزمة طاحنة شهدتها سيريلانكا، تم توقيع برنامج تعاون بينها وبين صندوق النقد الدولي. وبعد فترة قصيرة على ازمة مماثلة شهدتها باكستان، تم منذ اسبوع توقيع برنامج تعاون بين الباكستان والصندون، واما في لبنان فمنذ حوالى ثلاث سنوات من ازمة طاحنة تعصف به لم نقترب ولو مترا واحدا من توقيع برنامج تعاون مع صندوق النقد الدولي.

إرباك سياسي

سياسياً، ومع طَي ملف تأليف الحكومة نهائياً، في اللقاء الاخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وسقوط محاولة رئيس الجمهورية بالذهاب الى حكومة سياسية، باتت الاولوية للاستحقاق الرئاسي، والانظار متّجهة نحو عين التينة وما سيقرره رئيس مجلس النواب نبيه بري في شأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية».

في هذا الاطار جزمت مصادر مسؤولة لـ«الجمهورية» بأنّ شهر ايلول لن يحمل معه اي تطور او إجراء مرتبط بالاستحقاق الرئاسي، فالرئيس بري له ان يمارس صلاحيته الدستورية الحصرية بالدعوة الى تلك الجلسة ساعة يشاء، الّا انه سبق له ان أعلن انه لن يدعو الى جلسة انتخابية الّا بعد إقرار الهيئة العامة للمجلس النيابي البنود الاصلاحية التي طالبَ بها صندوق النقد الدولي. هذا من جهة، امّا من جهة ثانية، فإنّ ايلول الجاري، في حال كانت هناك جدية في التوجّه الى إتمام الاستحقاق الرئاسي، يشكّل حتماً فرصة اجراء مشاورات مكثفة تمهّد لجوجلة الاسماء المدرجة في نادي المرشحين للرئاسة الاولى، وصولاً الى التوافق على شخصية تتمتّع بالمواصفات المطلوبة. هذا مع العلم انّ إمكانية التوافق بين المكونات السياسية امر مستحيل في ظل الانقسام القائم».

لا أحد مهتمّ بنا!

ورداً على سؤال عما اذا كان ثمة رهان على اصدقاء لبنان الدوليين والاقليميين لمساعدته على عبور الاستحقاق الرئاسي وتَجنيبه فراغاً رئاسياً محفوفاً بالمخاطر، قالت المصادر المسؤولة: لنكن صريحين، إنه امام الاحداث التي تتسارَع عالمياً، وخصوصاً الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها على مستوى العالم بأسره، اضافة الى ما يرتبط بالملف النووي، والاحداث المشتعلة في اكثر من منطقة في العالم، تجعل لبنان نقطة غير مرئية امام هذه الاحداث. وبالتالي، علينا ان نعترف ان لا احد في العالم مهتمّ بنا، ومشكلتنا اننا بدل ان نقتنع بهذه الحقيقة ونقلّع شوكنا بأيدينا، نُسارع الى زرع اشواك اضافية في جسمنا.

نصيحة عربية

وفي السياق نفسه، ابلغت مصادر ديبلوماسية عربية مسؤولة الى «الجمهورية» قولها: ان الاسرة العربية تشعر بالأسى ازاء ما بلغه الوضع في لبنان، والمعاناة الصعبة التي يعيشها الاشقاء اللبنانيّون، وتأمل ان ترى لبنان وقد بدأ يسلك طريقه نحو الخروج من هذه الازمة، والخطوة العاجلة على هذا الصعيد تكمن في مُسارعة الاخوة في لبنان الى الاتفاق فيما بينهم على اعادة التوازن للبنان والسعي بكل جهد لإعادة انتظام مؤسساته السياسية.

ولدى السؤال اذا كانت ثمة مبادرة عربية في المجال الرئاسي؟ استبعدت المصادر هذا الامر، وقالت: الاستحقاقات اللبنانية أيّاً كان شكلها هي شأن يعني اللبنانيين، نحن بلا ادنى شك نشعر بقلق اللبنانيين وخوفهم من الفراغ الرئاسي، ومن دعوتنا الملحّة الى انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا ما أكدنا عليه لكل المسؤولين. وكذلك تشكيل حكومة تحفظ استقرار هذا البلد سياسياً وأمنياً واقتصادياً وعلى كل المستويات. نحن نعتبر انّ القوى اللبنانية على اختلافها، عليها، قبل ايّ طرف خارجي، سواء أكان صديقاً او شقيقاً، واجِب ان تقود لبنان خارج أزمته، وبناء مؤسساته وسلطاته، وفي مقدمها انتخاب رئيس الجمهورية».

تحذير فرنسي

الى ذلك، حذّرت وزيرة اوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية كاترين كولونا من هشاشة الوضع اللبناني المُنهك، ودعت المسؤولين فيه الى اتخاذ القرارات الحاسمة للاصلاح ومن اجل العدالة وطالَبتهم بالتوافق فيما بينهم وبين اللبنانيين، مشيرة الى ان فرنسا ستستخدم نفوذها لوقف الاهمال والتعسف!

واعتبرت، في خطاب لمناسبة ختام اجتماع السفيرات والسفراء الفرنسيين المعتمدين في العالم، انّ فرنسا تمثّل «قوة توازن، وهذا لا يعني اننا نضع انفسنا على نفس المسافة من الجميع لأننا نعرف اين هو مركزنا ونعرف حلفاءنا وشركاءنا ولأننا نبحث عن التوازن، ومنع الذين يبحثون عن زيادة الفوضى وزعزعة العلاقات الدولية».

واشارت الى عودة ايران الى خطة العمل الشاملة، وقد ذكر الرئيس ماكرون ذلك عندما قال «انّ الكرة اليوم في ملعب طهران»، وتابعت: «في نفس الوقت تستمر ايران في بسط نفوذها على حساب أمن وسيادة جيرانها، وهي لا تتخلى بأي حال عن خطابها المُهيمن». واكدت «ان الامن في الشرق الاوسط لا يتوقف على المسألة النووية لذلك يعود الينا تقديم اقتراحات من اجل الامن الاقليمي من جهة ومن اجل المحافظة على الحوار الذي افتتحه مؤتمر بغداد».

وفي هذا السياق قالت «انّ لبنان مُنهك، وشدة الازمة الاقتصادية ليس لها مثيل… مسؤوليتنا هي دعم الشعب اللبناني المنهك، واستخدام نفوذنا لوقف الاهمال والتعسف». ولاحظت «انّ اسباب الامل موجودة فقد حصلت الانتخابات النيابية وتمّ توقيع اتفاق فني مع صندوق النقد الدولي». وحذّرت من «انّ انهيار لبنان سيستمر من دون جهد المسؤولين اللبنانيين، لذلك سنكون متيقّظين بالكامل حتى يحقق المسؤولون اللبنانيون هذه المطالب للاصلاح والعدالة ويتوافق اللبنانيون فيما بينهم».

قصف إسرائيلي

نقلت وكالة «رويترز»، اليوم الجمعة، عن مصادر دبلوماسية واستخباراتيّة إقليمية قولها إنّ إسرائيل كثّفت ضرباتها على المطارات السورية لتعطيل استخدام طهران المتزايد لخطوط الإمداد الجوي، والتي تقدّم من خلالها الأسلحة والذخيرة لحلفاء إيران في سوريا ولبنان بما في ذلك «حزب الله».

وبحسب الوكالة، فإنّ طهران اعتمدت النقل الجوي كوسيلة أكثر موثوقية لنقل المعدات العسكرية إلى الجهات المتحالفة بها، وذلك بعد تعطّل عمليات النقل البري.

وقالت المصادر الدبلوماسية والاستخباراتية إنّ إسرائيل ترى منذ فترة طويلة انّ الترسخ الإيراني في سوريا يُشكل تهديداً للأمن القومي، وبالتالي فإنّ تل أبيب توسّع ضرباتها لتعطيل الآلية المرتبطة بنقل الأسلحة.

واعتبرت مصادر دبلوماسية انّ الضربات الإسرائيلية على سوريا تمثّل تحوّلاً بالنسبة لإسرائيل، وأضافت لـ»رويترز»: «لقد بدأت إسرائيل بقصف البنية التحتية التي يستخدمها الإيرانيون في سوريا لإمدادات الذخيرة في لبنان.

Leave A Reply