أعاد مجلس النواب الكرة الى بعبدا، باعتبار رئيس الجمهورية ركن من اركان السلطة الاجرائية، الى جانب رئيس مجلس الوزراء والوزراء في الحكومة، بتسليم بعبدا نص القرار الذي صدر عن جلسة مجلس النواب، التي عقدت في الاونيسكو بعد ظهر امس، ردا على رسالة الرئيس ميشال عون، في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي.
وجاء هذه الخطوة، في الوقت الذي خطت فيه فرنسا خطوة الى الامام بالاعلان عن تنظيم مؤتمر في الاليزيه بالاشتراك مع الامم المتحدة لتقديم مساعدات انسانية للبنان، بعيداً عن مساهمة السلطة الحاكمة، مع كشف مصادر فرنسية عن عزم الرئيس ماكرون زيارة لبنان في نهاية الشهر المقبل لتفقد وحدات بلاده العاملة ضمن قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب (اليونيفيل) وإجراء لقاءات مع مسؤولين اذا كانت الحكومة رأت النور.
والامر نفسه، ناقشه المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش مع الرئيس ميشال عون، فضلا عن الاحاطة لمجلس الامن في ما خص القرار 1701، وتأليف الحكومة الجديدة والاصلاحات المتوقعة..
وفي خطة ذات دلالة، اجتمع الرئيس عون مساء امس في قصر بعبدا مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبحث معه في موضوع المواد الاساسية والضرورية والاجراءات الايلة الى استمرار هذا الدعم في الظروف الراهنة.
وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة ان يشهد الأسبوع المقبل تحركات لاختراق الجمود الحاصل في عملية التشكيل بعد استنزاف مزيد من الوقت الضائع بلا جدوى بسبب محاولات الضغط وفرض الشروط والمطالب التعجيزية على الرئيس المكلف سعد الحريري،ولاسيما من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وغيره من الاطراف السياسيين لتجاوز مضمون المبادرة الفرنسية والالتفاف عليها من خلال تشكيل حكومة تفتقد للمواصفات الانقاذية التي تنص عليها، وذلك من خلال اصرار الحريري على الالتزام باسس المبادرة المذكورة ومضمونها وانجاز تشكيلة وزارية انقاذية تتالف من اخصائيين غير حزبيين مشهود بكفاءاتهم ومهنيتهم في عملهم بالقطاع الخاص بلبنان والخارج، على ان يقدم هذه التشكيلة بعد اكتمال كل مقوماتها إلى رئيس الجمهورية في بحر الاسبوع المقبل لكي يتم التشاور فيها وتقرير الخطوة المقبلة بشأنها.
ووصفت مصادر نيابية القرار الذي صدر عن المجلس النيابي بالأمس بخصوص اخضاع المصرف المركزي وسائر وزارات ومؤسسات وادارات الدولة للتدقيق الجنائي المالي، انه بمثابة مخرج مقبول،للتجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية للمجلس بهذا الخصوص من جهة ولارضاء الاطراف السياسيين الذين يعترضون على حصر التدقيق بمصرف لبنان دون غيره من المؤسسات والادارات الرسمية من جهة ثانية، وبالرغم من إيجابية هذه الخطوة فإن القرار المذكور يفتقد الى أي الزامية قانونيه للتنفيذ، ويبقى مجرد قرار معنوي بالشكل اذا لم يقترن فيما بعد باقرار القوانين المطلوبة لتنفيذه، في حين ان توسيع مهام التدقيق الجنائي ليشمل جميع مؤسسات وقطاعات وادارات الدولة دون استثناء، وهو بالامر غير السهل بالرغم من أهميته قد يتطلب اكثر من شركة تدقيق وتكلفة مالية باهظة بالعملة الاجنبية وهي غير متاحة حاليا بسبب الازمة المالية التي يواجهها لبنان حاليا مايعني بالنهاية استحالة تنفيذ القرار المذكور .
وفي 22 كلمة فقط تضمنها نص القرار، ازاح المجلس النيابي عن كاهله، المسؤولية، التي لا ناقة ولا جمل فيها، لولا رسالة رئيس الجمهورية بدعوة النواب لتحمل مسؤولياتهم بعد وقف شركة تدقيق الحسابات التي وقع معها لبنان عقد التدقيق في حسابات مصرف لبنان، وهي شركة الفاريز اند مارسال، ورأى فيه الرئيس عون «انجازاً للبنانيين، الذين يريدون معرفة من هدر مالهم واستباح رزقهم، كما هو اطلالة مضيئة على المجتمع الدولي المتضامن معنا في معركتنا ضد الفساد والهدر».
وكان الرئيس نبيه بري وقع القرار الذي ارسله فوراً الى بعبدا ونصه: «جواباً على رسالة فخامة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، وبعد مناقشة مضمون الرسالة، اتخذ المجلس القرار الآتي: تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون أي عائق او تذرع بسرية مصرفية او خلافها.
وذكرت مصادر نيابية لـ«اللواء» ان القرار بمثابة تأكيد من كل الكتل النيابية على المضي بالتدقيق الجنائي في كل وزارات ومؤسسات وادارات الدولة، وهو قرار غير خلافي بل توافقي وتقرر بالإجماع، على ان يتابع المجلس تنفيذ هذا القرار بإقرار اقتراح قانون من الاقتراحات المقدمة من الكتل النيابية بإخضاع كل الادارات الرسمية للتدقيق الجنائي المحاسبي.
كما أقر المجلس في جلسة تشريعية افتتحت بعد جلسة التدقيق الجنائي، اقتراح قانونٍ مقدمٍ من كتلة «التنمية والتحرير»، يقضي باعتبار شهداء انفجار مرفأ بيروت بمثابة شهداء في الجيش اللبناني، واعتبار جرحى الانفجار مستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدى الحياة.
إذاً، من بعبدا، الى الاونيسكو (ساحة النجمة سابقاً) ترمى الكرة في ملعب رئيس حكومة تصريف الاعمال.
وطالبت وزيرة العدل في حكومة التصريف ماري كلود نجم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتسليم وزارة المال فوراً كل المستندات المطلوبة.
والسؤال، وان كان القرار اقل من قانون واكثر من توصية، ما المسار الذي يمكن ان تسلكه الاتصالات لحمل مصرف لبنان على التجاوب مع دعوة المجلس النيابي للتدقيق المالي في القطاع العام دون اي عائق؟
ومن ضمن الاسئلة، هل وفر القرار الغطاء للطلب من سلامة التجاوب؟ ام ان حكومة الرئيس دياب المستقيلة، ستلجأ الى التفاوض مع شركة جديدة للتدقيق، بتفويض الرئيسين لوزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني التفاوض من جديد، في حال اصرت الشركة المنهية عقدها على هذا الانهاء لتوقيع عقد مع شركة اخري، ام ان هناك مسارات أخرى، ممكن سلوكها.
وبصرف النظر عن التهليل الحاصل، لدى تكتل لبنان القوي وبعبدا، حيث جيّر رئيسه النائب جبران باسيل اقرار القرار بأنه انجاز لرئيس الجمهورية. أبدت اوساط اقتصادية معارضة، عن تخوفها من ان تدرج خطوة الاقرار في سياق «كسب الوقت» وتبرئة الذمة.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه بعد قرار مجلس النواب في ما خص التدقيق الجنائي اتفاق من جديد سواء مع شركة الفاريز ومارسال أو مع شركة أخرى طالما أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بالتدقيق الجنائي واختار هذه الشركة في قرار سابق فأن عاودت العمل بعد هذه الضمانات كان به وإن لم تعاود يتم التوجه إلى شركة أخرى للبدء بالتدقيق الجنائي والذي قال مجلس النواب في قرار صادر عنه أنه لا يحتاج إلى رفع السرية المصرفية ولا يعوقه أي عائق.
وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في تصريح لـ«اللواء» تعليقا على قرار مجلس النواب حول التدقيق الجنائي أن مجلس النواب انجز ما طلبه رئيس الجمهورية باجماع كامل وسواء صدر ذلك بقرار أو توصية وأكد في رد على سؤال أن ما من انتصارات في ما جرى لأن القرار الذي اتخذ اظهر أن الطريق السليم يؤدي إلى نتيجة سليمة.
وأوضح أن الخطوة المهمة حصلت ومن حق النواب تقديم اقتراحات قانون تدرس في اللجان ويبنى على الشيء مقتضاه.
وفي سياق متصل لم يعرف ما إذا كانت هناك زيارة قريبة للرئيس المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا ام لا لكن ما فهم أنه إذا كانت هناك زيارة فإن الحريري قد يقدم تصورا اوليا، ولم يعرف ما إذا الحريري أجرى في الأيام الماضية مشاورات مع الافرقاء ام لا وهنا ليس واضحا هل أنه سيقدم تشكيلة تضم توزيعا كاملا للطوائف والوزارات أو لا.
وفي مجال آخر أشار النائب الفرزلي إلى أنه لا يزال مقتنعا بضرورة شق طريق تأليف الحكومة أملا أن تشكل الحكومة سريعا.
لا جديد حكومياً
اما على الخط الحكومي فالوضع على حاله والجمود سيد الموقف، في حين تفيد المعطيات بأن العقوبات الاميركية فعلت فعلها في التأُثير سلبا على عملية التشكيل بحيث زادت مواقف الاطراف كلّها، تشددا. وحتى الساعة، لا يبدو اي خرق ممكنا في انتظار زيارة يمكن ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا خلال 48 ساعة، ومعه مسودة تشكيلة وزارية من 18 وزيراً.
بين بعبدا وحارة حريك وبين واشنطن والرياض، سيبقى لبنان من دون حكومة. الرئيس الحريري يدرس خياراته، تقول اوساطه لـ«المركزية»، لكن الاوساط المراقبة تعرب عن اعتقادها بأنه ليس في وارد المجازفة بحكومة يصطدم فيها بالمعادلة المشار اليها. وقبل دخول بايدن البيت الابيض في 20 كانون الثاني 2021 علّ ليونة الرئيس الديموقراطي وعلاقته الجيدة بنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون توفر الغطاء الاميركي لحكومة الحد الادنى الانقاذية، لن يحظى بلبنان بنعمة حكومية.
حزب الله: لحوار مع الكتل
ورأى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في حوار بثته قناة «المنار» مساء امس: ان اسباب عدم التشكيل داخلية وخارجية، معتبرا انه كان على الرئيس المكلف الاجتماع مع رؤساء الكتل لاختيار الوزراء، لكن خطوة الرئيس المكلف عدم الاجتماع مع الكتل سببت تأخيرا، معتبرا ان المشكلة في منهجية تشكيل الحكومة.
والسبب الخارجي هو الموقف الاميركي، الذي يعطي اشارات، مثل ان الاميركيين قالوا انهم لا يريدون تمثيل حزب الله المشكلة الاميركية انهم يمارسون ضغوطا للامساك بالحكومة، وهم يشكلون عائقاً حقيقياً.
ورأى ان الحل متوافر عبر الانفتاح، ويمكن تقريب المسافات، واليوم ليس هو الوقت لتغيير منهجية تشكيل الحكومة، ولتشكل الحكومة وتوضع عقبات على رئيس الحكومة والوزراء، وتساءل «علام نتخانق، بامكاننا ان نقلع شوكنا بيدنا».
وتخوف من ان يبقى البلد بلا حكومة لاشهر، معتقدا ان الاميركي سيقبل بالامر الواقع.
ودعا حكومة تصريف الاعمال الى العمل، وعقد جلسات للحكومة في الامور الطارئة.. محذرا من حالة الانتظار.
ودعا الى تقديم تنازلات، والمناقشة بالاسماء، واخراج النقاش من دائرة الرئيسين الى الكتل النيابية..
وقال: لم نصل بعد الى مرحلة تسمية الوزراء الشيعة، وعندما نصل الامور سهلة، ولن يكون هناك عقبات، واكد ان العلاقة قائمة، مع الرئيس المكلف، والطريقة المثلى: حوار الرئيس المكلف مع الكتل.. وان لا حكومة بلا موافقة الكتل النيابية، وانتقد طريقة: هذا له الحق بالتسمية وذاك لا..
وقال: لا مشكلة مع حزب الله، ولا مشكلة بحزب الله.
ودعا الرئيس المكلف الى مراجعة تجربته، واتخاذ مبادرة محاورة الكتل، من اجل تشكيل الحكومة، والامر عندها لا يتجاوز الاسبوعين..
ودعا للاسراع بتأليف حكومة، بامكانها القيام بمهمة الاصلاح والتغيير الجاد، ويجب ان تكون الشفافية والمسؤولية والمساءلة الكلمات الثلاث، التي ينصب عليها الاهتمام.
وكشف قاسم عن مراجعة ستجري مع التيار الوطني الحر لبنود التفاهم بالبنود العشرة، مؤكداً ان حزب الله والتيار في خندق واحد. وقال: نخالف التيار الوطني الحر بتعطيل مكافحة للفساد.
وكرر السفير البريطاني رامبلينغ انه لا يعود لبلاده ان تقرر من يجب ان يتمثل في الحكومة، وموقفنا من حزب الله واضح، ونعتبره منظمة ارهابية.
الجلسة
وبالعودة الى الجلسة النيابية، فقد افتتح الرئيس بري الجلسة، بالتأكيد ان رسالة رئيس الجمهورية جاءت في الوقت المناسب، داعيا الى ان يكون التدقيق شاملا وكاملا، والموقف موحدا لاعطاء صورة ايجابية للداخل والخارج.
واستهلت الجلسة بتلاوة اسماء النواب المتغيبين، وغاب عنها الرئيس حسان دياب، ووقف النواب دقيقة صمت حدادا على روح النائبين السابقين سايد عقل ومحمود طبو.
وتحدث النائب ابراهيم كنعان باسم «تكتل لبنان القوي» داعيا الى موقف استثنائي يؤمن للبنانيين حقهم في معرفة مصير ودائعهم.
ووصف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مناقشة رسالة رئيس الجمهورية بأن له علاقة بسمعة الدولة، معلنا التأييد بحزم لاجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان، ونوافق على ان ينسحب الى سائر مرافق الدولة العامة، مقترحا اقرار استثناء موضعي في قانون يعالج السرية المصرفية.
وقال النائب سمير الجسر باسم كتلة نواب «المستقبل» ان الكتلة سعت الى اخضاع كل حسابات ادارات الدولة وحسابات التدقيق العامة والمرافق التابعة للدولة لنظام التدقيق الخارجي، المستقل من قبل مكاتب التدقيق والمحاسبة.
وشن النائب هادي ابو الحسن باسم كتلة اللقاءالديمقراطي حملة على تكتل لبنان القوي، سائلاً: لماذا اهدرتم الوقت والمال ولم تبادروا الى وقف النزيف القاتل.. انتم تبيعون الناس، اوهاماً واهية.
وقال النائب جورج عدوان باسم كتلة الجمهورية القوية: يجب ان يصدر عن الجلسة تأييد لما فعلته الحكومة وان نثني على ما فعلته كما يجب ان تأتي بشركة تدقيق جديدة وتستمر بعملها».
وبالتزامن، وقبل أنْ يختم المعتصمون وقفتهم أمام «الداخلية»، وزّعوا مناشير على المارّة والسيارات على الطرق المؤدية إلى قصر الأونيسكو، حيث تلتئم الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشة الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية الى مجلس النواب حول التدقيق الجنائي المحاسبي.
واستهل المنشور بكلمة موجّهة إلى «السيد النائب الممثل عن الشعب اللبناني. إنّ أنظار اللبنانيين تشخص باتجاه الموقف الذي سيتخذه النواب في قضية هي قضية اللبنانيين جميعا وحقهم في معرفة الحقيقة في حسابات مصرف لبنان المركزي».
وعلى بُعد عشرات الأمتار من الأونيسكو، وقع إشكال بين القوى الأمنية وعدد من المحتجين، أسفر عن إصابة عدد من المشاركين بجروح مختلفة ونقلهم الصليب الاحمر الى أحد مستشفيات العاصمة.
خطة العودة عن الاقفال غدا
وينتهي قرار الاقفال اليوم ولن يتجدد. وقال وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال ان البلد سيفتح الاثنين، كاشفا اننا «سنعلن خطة الخروج من الاقفال في اجتماع سيعقد الاحد، ضمن خطة للخروج من الاقفال بشكل تدريجي، على ان تبت الخطة غدا».
وبعد اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة ملف كورونا، قال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال اننا: «نريد اعادة فتح البلد بكل قطاعاته، لان الاقتصاد لا يحتمل الاقفال، داعياً المواطن للالتزام للمساعدة في تعزيز الصحة والاقتصاد معاً».
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 6 حالات وفاة و1782 اصابة جديدة بفايروس كورونا، خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى 123941 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019