منذ ايام توفي موقوف في سجون الدولة اللبنانية تحت ظروف الاستجواب ، وبمعزل عن اسباب الحادث ومن هو المتهم وكيف حصل ذلك ومن المسؤول ، فهذه كارثة انسانية في مفهوم القانون الدولي الانساني ولو حصلت في غير بلد لاستقال نصف المسؤولين فيه..
هذه الحادثة وغيرها من القضايا والاحداث المرتبطة بالقضاء تدفعنا الى التوقف مليًا أمام الانحدار غير العادي الذي يحصل في مسار العدالة في لبنان ، فالتشكيلات القضائية معطلة في اروقة السياسيين والتحقيقات العدلية في الملفات الحساسة متوقفة لأسباب سياسية وقضائية ، وأموال المودعين في خبر كان بسبب النفاق المسيطر على ادارة البلاد وسطوة رجال المال على مفاصل الدولة العميقة ، ولقمة العيش صارت عزيزة في وطن لا يرحم اهله بعضهم البعض ، وملفات الفساد تُفتح وتُفتح ثم تذهب أدراج الرياح ويبقى الفاعل مجهولا ، وقطاعات الدولة تُشلّ الواحدة تلو الاخرى حتى وصل الامر الى أقواس العدالة .
ورغم كل ما يشوب القضاء من أزمات ما زال هناك العشرات من القضاة الابرار الذين يعوّل عليهم الناس لحماية ما تبقى من كرامة وحقوق ، فلماذا التعطيل ؟ فالاضراب عمل غير مشروع وفقا لقانون الموظفين وقانون التنظيم القضائي ، ومهما سميتموه اضرابا او اعتكافا فهو مخالفة قانونية يرتكبها قضاة.
صحيح ومما لا شك فيه أن حقوقكم في العيش الكريم مسلّمةٌ لا جدال فيها وانتم الذين لم تُنصفوا يوما، ولكن في هذه الظروف الاستثنائية ينبغي التصرف بحكمة استثنائية وعالية فالتاريخ سيسجل أحد أمرين :
1- ان القضاة آثروا العدالة على انفسهم وضحوا وصبروا لأجل الناس ومضوا يقومون بواجباتهم في أصعب الظروف.
2- او أن القضاة استسلموا أمام البلاء فقرروا التضحية بحقوق الناس حتى ينالو حقوقهم!!
وبالتأكيد الاولى شرف عظيم ، والثانية سقطة لن يرحمكم التاريخ لأجلها.
ثم ألسنا أصحاب رسالة وقضية ؟ وأي سبب سيبرر لنا التخلي عن هذه المهمة الالهية العظيمة؟ المال؟ الحق؟ البلاء؟ …امام العدالة كل شيء يصغرُ..
واذا توقفتم ، من للمظلومين المعذبين دون محاكمة وهل ترضون ان يجري على اولادكم ما يصيب هؤلاء الناس.
أيها القضاة الشرفاء ، انتم حماة ما تبقى من مؤسسات ، عودوا الى ضمائركم وكونوا روادا للعدالة لا للوظيفة.
قد يرد قائل منكم – ممن لم يؤتَ من العلم الا قليلا – ما لكاتب هذا المقال يُنظّر علينا وهو الخارج من اللعبة ،أقول لك سلفا انني وبكل فخر لم أُصرف ل ظلم ارتكبته ولا ل رشوة معاذ الله ان اقربها ولا لخدمة اديتها لاحد الا الله .لقد ادانوني بالفضيلة وعاقبوني لاني عاقبت مجرما ملاحقا باربعين جناية وجنحة وهو يستحق العقاب.. لقد اديت واجبي الديني والقانوني والوطني لحفظ هيبة القانون فقُتلت لاجل ذلك _ واسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون _حينها بدأ الانحدار وسبق السيفُ العدل وافتقدت الادارة القضائية معايير المحاسبة الشفافة والعادلة..
وبعيدا عن هذا الاستطراد الضروري ، انكم اليوم بإضرابكم تعمقون جرح العدالة أكثر وتوسعون مساحة الللاثقة بينكم وبين الناس ، اهجروا الحاكم والمصارف وارتضوا بتسوية
(الراتب + المساعدة الاجتماعية+ راتب التعاضد) ك حل مؤقت يروي شيئا من ظمئكم في هذه الايام الحالكة على الوطن
ولتعودوا لحمل الامانة ولو تحت قصف الرعود.. هكذا فقط يباهي بكم لبنانُ العالم..
ايها القضاة الشرفاء لقد وقع القضاء في كثير من الافخاخ وسبق السيفُ العدل ..ثوروا على انفسكم وعلى الطغيان والفساد وليكن كل منكم ثائرا بحسب صلاحيته حينها تعود العدالة ل تسمو ويعود العدل سلطانا مسلطا على كل قراراتنا..
ايها القضاة لقد سبق السيفُ العدل ، ف هللا يسبق العدلُ السيف .. وتعودون الى العمل ؟
أخبار عاجلة