السبت, نوفمبر 23
Banner

حضر هوكشتاين وغادر: تفاؤل بلا “تقدّم نوعي”.. ولبنان يؤكّد: الحقوق والحدود كاملة

كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول:

خلاصة المشهد الداخلي، هي أنّ كل شيء مؤجّل، ولا عبور آنيًا للاستحقاقات السياسية والبحرية، وكذلك الاقتصادية والمالية. ذلك أنّ كل الطرقات المؤدّية إلى حلول وتفاهمات مقفلة بالكامل، من دون أن يلوح في الأفق سقف زمني يحدّد أوانها.

وفي زمن تأجيل الملفات الذي يبدو انّ لبنان دخله في هذه الفترة، طُويت كما هو معلوم، صفحة الاستحقاق الحكومي نهائيًا، بعدما انعدم الأمل في توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي على صيغة حكومية مرضية لكليهما. وانضمّ اليه الاستحقاق الرئاسي الذي بات مركونًا على رفّ انتظار ظروف معينة، داخلية او خارجية، تنزله عن شجرة التعقيدات، وتأتي للبنان برئيس جديد للجمهورية. ولحق بهما الاستحقاق البحري، مع التأجيل غير المعلن، ولأجل غير مسمّى، للحسم النهائي لملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.

وإذا كان الملف الحكومي، وكذلك الرئاسي قد ثبتا كمحطتين ساخنتين ومتفاعلتين سلبًا على خط التوتر السياسي الذي يزنّر مختلف المحاور الداخلية، قد خضعا بالأمس إلى تنحية مؤقتة عن هذا الخط، لتسهيل مرور الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل آموس هوكشتاين، الذي حلّ ضيفًا سريعًا على لبنان لساعات قليلة، وغادر مغرزًا، ما سمّاها مطلعون على أجواء محادثاته مع الرؤساء الثلاثة، «إبرة مخدّرة» في ملف الترسيم، بمفعول طويل الأجل، عبر حديث متكرّر عن إحراز تقدّم ملحوظ، هو نفسه «التقدّم الملحوظ الذي سبق ان تحدث عنه هوكشتاين بعد لقائه الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي في زيارته السابقة، وتبعه بوعد انّه سيأتي بالجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني».

وبحسب المصادر عينها، فإنّ النتائج التي انتهت اليه زيارة هوكشتاين، هي كما يلي:

اولًا، لم يحمل هوكشتاين أي طرح نوعي، او بمعنى أدق، لم يأتِ بما وعد به، من جواب نهائي اسرائيلي يحسم النقاط الخلافية ومصير «الخط 23»، وما يُسمّى «حقل قانا»، بل جلّ ما حمله، هو عرض بصورة موجزة للمحادثات التي اجراها في اسرائيل بعد لبنان، وعكس الرغبة في بلوغ اتفاق على الترسيم في اقرب وقت ممكن.

ثانيًا، انّ زيارة هوكشتاين لم تحرّك ملف الترسيم إلى الأمام، بل شكّلت إشارة اميركية غير مباشرة تنطوي على طمأنة الجانب اللبناني بأنّ مسار ملف الترسيم سالك نحو الخواتيم الإيجابية، وانّ الولايات المتحدة «مكمّلة بهذا الملف» وصولًا إلى عقد اتفاق نهائي بين لبنان واسرائيل، يصبّ في مصلحة الطرفين، وخصوصًا في مصلحة الجانب اللبناني الذي يعاني من وضع اقتصادي مرير. وهو ما عاد وأكّد عليه هوكشتاين بشكل صريح.

ثالثًا، لم يتحدّد موعد لزيارة جديدة لهوكشتاين.

رابعًا، المحسوم في هذا الملف انّ حسمه مؤجّل، ليس إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، فهذه مقولة خاطئة، بل هو مؤجّل لاسباب اميركية – اسرائيلية، اقلّه من الآن وحتى ما بعد الانتخابات النيابية في اسرائيل، وربما إلى ما بعد الانتخابات الاميركية. اما لماذا هذا التأجيل إلى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، فذلك حتى لا يبدو أي اتفاق يُعقد مع لبنان في شأن الحدود البحرية وكأنّه تنازل قد تستغله بعض المستويات السياسية للاستثمار عليه انتخابيًا مثل نتنياهو الطامح إلى العودة إلى رئاسة الحكومة في اسرائيل، وهو الامر الذي لا تريده إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن.

خامسًا، وهنا الأهم، الزيارة لم تحمل ما يحقق ما يطمح اليه لبنان في حسم هذا الملف، للشروع في الاستفادة من ثرواته البحرية من النفط والغاز، ما يعني انّ الجانب اللبناني كان محبطًا مما بدت انّها مماطلة من الاميركيين والاسرائيليين. فالإيجابيات والتقدّم الذي يشير اليه هوكشتاين لا تنسجم مع «تجميد» الملف عند هذه النقطة، أي ايجابيات نظرية بلا ترجمة عملية. وهو الامر الذي دفع مرجعًا مسؤولًا إلى القول، «عنوان وجوهر زيارة هوكشتاين قُرئ قبل ان يصل إلى بيروت، ولو كانت ثمة إرادة جدّية لديهم في بلوغ اتفاق سريع، يراعي ما يطالب به لبنان لجهة التمسّك بكامل حدوده البحرية وحقوقه فيها، فلا شيء يمنعهم من ذلك، اعتقد اننا امام اشهر من الانتظار».

سادسًا، كتأكيد على انّ زيارة هوكشتاين لا تعدو اكثر من زيارة بروتوكولية، فإنّها لو كانت غير ذلك، ولو كان فيها ما يُعوّل عليه بالنسبة إلى مستقبل هذا الملف، لكان اللقاء معه جماعيًا، أي الرؤساء الثلاثة مجتمعين، على غرار اجتماعه الأخير معهم في بعبدا، وإبلاغه بموقف لبنان الموحّد بالتمّسك بالحقوق والحدود كاملة، وليس كما حصل بالأمس، لقاءات بالمفرّق مع الرؤساء الثلاثة.

سابعًا، انّ الزيارة شكّلت فرصة جديدة لتأكيد وتكرار الموقف اللبناني بالتمسك بحقوق لبنان وثرواته وكامل حدوده الخالصة، وكامل الخط 23.

وفيما لفت المرجع لـ«الجمهورية»، «انّ الحديث عن ايجابيات هو امر مبالغ فيه، فهناك حديث يجري يتخلّله صعود وهبوط، ونحن حاليًا في مرحلة صعود وهبوط»، اكّدت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ الامور ما زالت تراوح حول النقاط ذاتها، ولم تتقدّم، بل ربما تأخّرت، بالتالي لا يمكن الحديث عن تقدّم طالما لم نلمس ذلك بشكل محسوس. ملمّحة في هذا السياق إلى ما تردّد عن انّ هوكشتاين اكّد من جهة انّه يرغب في بلوغ اتفاق في اقرب وقت، الّا انّه في الوقت ذاته تقدّم بمطلب اسرائيلي جديد يرتبط بأن تخضع النقطة «B1» الواقعة في منطقة رأس الناقورة لاسرائيل وذلك لضرورات أمنية، وقالت المصادر: «إن صح ذلك، فهذا يؤخّر الامور ويجعلها تتعثر لا ان تتقدّم».

ابراهيم

واللافت في هذا السياق، ما اكّد عليه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كان حاضرًا على خط الاتصالات، في موازاة ما يُشاع عن طروحات، حيث قال لـ«الجمهورية»: «لا تداخل على الاطلاق في الترسيم بين البحر والبر، والطروحات سرية للغاية، وسرّ من أسرار الدولة، لأنّها تتعلق بأمن لبنان، وبالتالي كل ما يُشاع غير صحيح».

اللقاءات

وكان هوكشتاين قد وصل إلى بيروت آتيًا من اسرائيل، وأجرى محادثات مع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي. وافيد بأنّ جوهر ما عرضه هو الاتصالات التي أجراها في خصوص ملف الترسيم، مع بعض التوضيحات حول الخط 23. وحرص على القول بعد لقائه الرئيس عون: «لقد أحرزنا تقدّمًا ملحوظًا، وانا متفائل». مضيفًا انّ اللقاء مع عون «كان ممتازًا، وآمل بإحراز المزيد من التقدّم في المفاوضات المرتبطة بترسيم الحدود البحرية وسنتوصل لاتفاق قريبًا».

وبحسب بعض المعلومات، فإنّ الاجواء ليست سلبية، وقد شهد الاجتماع مع عون عرضًا لبعض النقاط التي طلب هوكشتاين توضيحها من الجانب اللبناني والتي تتعلق بالخط 23 وحقل قانا».

اما في لقاء هوكشتاين مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، فقد أفيد بأنّ هوكشتاين «عرض نتائج جولته، وما حمله للبنان على إثر الاجتماع الاخير الذي ضمّ الرؤساء الثلاثة في بعبدا»، فيما اكّد الرئيس بري بدوره «على تمسّك لبنان باتفاق الاطار وعزمه على الاستثمار لثرواته في كامل المنطقة الاقتصادية الخاصة به وحقه وسيادته عليها، مشدّدًا على ضرورة العودة إلى الناقورة للتفاوض غير المباشر برعاية الامم المتحدة وبوساطة الولايات المتحدة الاميركية وفقًا لاتفاق الإطار حتى الوصول إلى النتائج المرجوة».

هوكشتاين

وبعد انتهاء لقاءاته، انتقل هوكشتاين إلى مطار بيروت الدولي حيث قال قبل مغادرته: «من الجيد أن نكون في زيارة قصيرة إلى لبنان، كالعادة شيء جيد ومناقشة جيدة، ومفاوضات جيدة مع المسؤولين، كما تعلمون انا متفائل كالعادة وأشعر أننا تقدّمنا في المفاوضات في الأسابيع الأخيرة، وآمل أن نتابع التقدّم ونحقق شيئًا ملموسًا للتوصل إلى اتفاق، وهذا الاتفاق سيعطي الامل وينعش الاقتصاد في لبنان ويحقق الاستقرار في المنطقة، وسيكون جيدًا لكل المعنيين».

أضاف: «أنا متفائل بكل المناقشات التي جرت اليوم، ولكن يجب القيام بالمزيد من العمل وأميركا ملتزمة بمتابعة العمل من أجل حلّ الثغرات المتبقية لمعرفة ما إذا كان يمكننا التوصل إلى الاتفاق الذي سيفيد الشعب اللبناني، وهذا هو الهدف الذي نطمح إليه لحلّ هذه الأزمة».

مسيّرة اسرائيلية

على انّ ما لفت الانتباه، هو الحدث الذي تزامن مع زيارة هوكشتاين إلى بيروت، والذي تمثل بإعلان اسرائيل عن سقوط مسيّرة اسرائيلية في المنطقة البحرية. وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي افيخاي ادرعي عبر حسابه على «تويتر»: انّ «طائرة مسيّرة سقطت مساء امس في المنطقة البحرية بالقرب من الحدود الشمالية نتيجة عطل».

واضاف ادرعي، انّ جيش الاحتلال قام بإخراج المسيّرة من البحر وسيتمّ التحقيق في الحادث، حيث تمّ إيقاف نشاط هذا النوع من المسيّرات حتى انتهاء التحقيق.‎‎

اسرائيل و«الحزب»

في هذا الوقت، أعلن القائد الجديد للمنطقة الشمالية الإسرائيلية، الجنرال أوري غوردين، أنّ «مهمّته الأولى ستكون الإستعداد لآلاف الصواريخ التي يمكن لـ«حزب الله» إطلاقها في حال وقوع أي مواجهة»، كاشفًا أنّه «يمكن لـ«حزب الله» إطلاق 4000 صاروخ يوميًا خلال أي قتال محتمل بين الجانبين».

ولفت غوردين (الذي تولّى سابقًا منصب قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلية)، لوكالة «أسوشيتد برس»، إلى أنّ «الجيش الإسرائيلي يقدّر أنّ الحزب قد يضرب ما يصل إلى 7000 صاروخ على مناطق إسرائيلية في أي حرب مستقبلية قد تمتد أسابيع عدة»، مؤكّدًا أنّ «صواريخ «حزب الله» يمكنها أن تُحدث بعض الأضرار الكبيرة».

وكان «حزب الله» قد هدّد على مدار الأشهر السابقة بضرب منصات الغاز الطبيعي الإسرائيلية في البحر المتوسط. وأسقطت إسرائيل في تموز الماضي 3 طائرات إستطلاع مسيّرة أطلقها الحزب باتجاه حقل غاز «كاريش» المتنازع عليه.

ولفت في هذا السياق ايضًا، ما قاله رئيس لجنة الشكاوى السابق في الجيش الإسرائيلي، الجنرال في الاحتياط إسحاق بريك، في مقال له عبر القناة 12 الإسرائيلية، من أنّ «حزب الله قد يعبر الحدود في أي معركة مقبلة أمام الجيش الإسرائيلي وبأعداد كبيرة».

وقال إنّ «الجيش الإسرائيلي ليس مستعدًا لمثل هذه المواجهة، مقارنة بـ«حزب الله»، الذي يتأهّب في أي لحظة لإسقاط آلاف الصواريخ والقذائف كل يوم على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، متوقعًا عبور الحزب بأعداد كبيرة إلى الداخل الإسرائيلي»، مناديًا بضرورة تحضير وتجهيز سكان البلدات الشمالية الإسرائيلية لأي مواجهة مستقبلية مع الحزب.

وشدّد الجنرال الإسرائيلي على أنّ الجبهة الداخلية والتي يعيش فيها حوالى 10 ملايين نسمة، تحتاج إلى معالجة حقيقية حتى يمكنها مواجهة آلاف الصواريخ والقذائف من «حزب الله»، مشيرًا إلى أنّ تلك الجبهة لم يتمّ تجهيزها للحرب الأصعب منذ حرب العام 1948.

ولم يكتف الجنرال الإسرائيلي في الاحتياط، إسحاق بريك، عند هذا التحذير، بل ناشد رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، بضرورة تدشين جيش قوي ونوعي بمستويات عالية من المهنية والحرفية العسكرية، مشيرًا إلى أنّ الجيش يتزود بمعدات وتقنية عالية وحديثة حتى يغطي بها على فشله، خصوصاً في ظل نقص التدريبات وعدم التدريب على استعمال التقنيات الحديثة الواردة إلى الجيش، فضلًا عن النقص الكبير في القوى البشرية المهنية.

الحزب و«اليونيفيل»

إلى ذلك، تفاعل موقف «حزب الله» حول قرار مجلس الأمن الدولي الاخير بتوسيع صلاحيات قوات «اليونيفيل» في الجنوب، حيث سأل الوكيل الشرعي العام للسيد علي الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك: «أين المسؤولون عن قرار مجلس الأمن بإعطاء القوات الدولية في الجنوب «اليونيفيل» حرية الحركة، وعلى الأطراف اللبنانيين التسهيل وعدم الحاجة إلى إذن من الجيش بحركة دورياتها المعلنة وغير المعلنة؟».

واعتبر «هذا نقض للاتفاقيات السابقة، وهذا تطور خطير يحوّل القوات الدولية إلى قوات احتلال، ودورها حماية العدو الاسرائيلي بتعقب الناس والمقاومة. ولم يُسمع صوت ولا موقف لمئات الخروق الاسرائيلية من قِبل القوات الدولية، فكيف حالها بعد إطلاق اليد؟ إن اتخذ القرار على حين غفلة من الحكومة ووزارة الخارجية فتلك مصيبة، وإن كان على علم فالمصيبة أعظم. فالقرار مؤامرة على لبنان وسيادته».

أهالي ضحايا المرفأ

في تطور داخلي، نفّذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وقفةً أمام وزارة العدل منذ الصباح الباكر، احتجاجًا على موافقة مجلس القضاء الأعلى على اقتراح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، القاضي بتعيين محقّق عدلي رديف للمحقّق العدلي الأصيل في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار؛ رافعين لافتات تندّد بـ«تدخّل السّياسة في عمل القضاء»، وتدعو إلى «عدم تخريب التحقيق».

واقتحم بعض أهالي الضحايا مبنى وزارة العدل، ولكن لم يتمكنوا من الوصول إلى الطبقة الخامسة حيث مكتب وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، والمدير العام للوزارة، إذ تمكنت العناصر الأمنية المولجة حماية مدخل الوزارة من إعادتهم من الطبقة الأولى وإخراجهم من المبنى، علماً أنّ الخوري غير موجود في مكتبه.

في السياق، شدّد نادي قضاة لبنان، على أن «ليس هكذا تصان الحقوق وتتحقق العدالة، وليس هكذا يتمّ إعادة الثقة بالقضاء ليقوم بفرض هيبته، وليس هكذا يتصرف من يفاوض ويناقش للاستحصال على قانون يكرّس استقلالية السلطة القضائية».

واشار إلى انّ «الضرورات، أيًا كانت أشكالها وأنواعها، لا تبيح المحظورات! فلا تشاركوا في تدمير ما تبقّى من هيبة للقضاء، ولا تشاركوا من يقترح حلولاً اعتباطية، بل تراجعوا عن قراركم، فإنّ الرجوع عن الخطأ فضيلة».

Leave A Reply