في وقت اختار فيه مهرجان البندقية السينمائي كايت بلانشيت أفضل ممثلة ومنح الفيلم التسجيلي “كل الجمال وإراقة الدماء” عن المصورة الأميركية نان غولدن جائزة الأسد الذهبي الرئيسة، وجه رسالة سياسية إلى إيران، إذ منحت لجنة التحكيم جائزة خاصة للمخرج جعفر بناهي المسجون منذ يوليو (تموز).
وقد اختتم المهرجان، السبت الـ10 من سبتمبر (أيلول)، دورته الـ79، بعدما جذب على مدى 11 يوماً كوكبة من النجوم من بينهم تيموتي شالامي وآنا دي أرماس وسايدي سينك وهاري ستايلز وبينيلوبي كروز وكريستوف والتز.
كيت بلانشيت أفضل ممثلة
فازت كيت بلانشيت بجائزة أفضل ممثلة، للمرة الثانية خلال مسيرتها في هذا الحدث العالمي، عن دورها كقائدة أوركسترا متعطشة للسلطة في فيلم “تار” للمخرج تود فيلد.
وقدمت الممثلة الأسترالية، البالغة 53 عاماً، والمعروفة بالتزامها القضايا النسوية، أداء لافتاً في هذا العمل الدرامي الذي يقارب مسائل معاصرة حول الهوية، وإساءة استخدام السلطة، و”ثقافة الإلغاء”.
وقالت بلانشيت عند تسلمها الجائزة “شكراً (…) لهذا المهرجان الذي يدعو الجمهور للعودة إلى قاعات السينما، هذا رائع”.
أضافت، “لن أكون هنا مع هذه الجائزة لولا وجود مخرج رائع، فهذه الجائزة تخص أيضاً تود فيلد (…) وهو سينمائي عظيم يعرف أين يضع الكاميرا في كل ثانية”.
وفاز بجائزة أحسن ممثل الإيرلندي كولين فاريل عن دوره في فيلم الكوميديا المأساوية (ذا بانشي أوف إينيشيرين).
جائزة الأسد الذهبي الرئيسة
وفاز الفيلم التسجيلي “كل الجمال وإراقة الدماء” (أول ذا بيوتي أند بلودشيد) عن المصورة الأميركية نان غولدن وصراعها مع أسرة ساكلر الثرية بجائزة الأسد الذهبي الرئيسة في المهرجان.
ويمزج الفيلم الذي أخرجته الصحافية الاستقصائية لورا بويتراس القصة المشهودة عن حياة غولدن بالحملة التي شنتها لتحميل أسرة ساكلر وشركة الأدوية التي تملكها المسؤولية عن أزمة المواد الأفيونية الأميركية.
وهذه هي المرة الثانية في تاريخ المهرجان السينمائي الممتد منذ 79 عاماً التي تذهب فيها جائزته الرئيسة إلى فيلم تسجيلي، ويعتبر المهرجان في الغالب منصة انطلاق لأعمال الطامحين للفوز بجوائز الأوسكار.
وتفوق فيلم “أول ذا بيوتي أند بلودشيد” على مجموعة من الأفلام المنافسة التي حظيت باهتمام كبير، ومن بينها رباعية لعملاق البث الأميركي “نتفليكس” وأفلام دراما أوروبية.
ويدور الفيلم التسجيلي حول كثير من صور غولدن المأخوذة من عرض الشرائح الخاص بها وعنوانه “أغنية التبعية الجنسية” الذي يوثق الثقافات الفرعية في نيويورك في الفترة من عام 1979 إلى عام 1986.
لكن غولدن تقول، إن مسيرتها المهنية انتهت تقريباً عام 2014 عندما أدمنت عقار أوكسيكونتين المسكن للآلام الذي تنتجه شركة “بورديو فارما” المملوكة لعائلة ساكلر، والذي تناولته بعد عملية جراحية.
وهناك زعم بأن “بورديو فارما” هونت من شأن مخاطر إدمان أوكسيكونتين مما ساعد في اشتعال أزمة صحية تسببت في وفاة أكثر من نصف مليون شخص بجرعات زائدة من المواد الأفيونية على مدى عقدين، وطلبت الشركة إشهار إفلاسها في عام 2019.
ونفت أسرة ساكلر ارتكاب أي خطأ، لكنها قالت في مارس (آذار)، إنها “تأسف بصدق” لأن أوكسيكونتين صار “بشكل غير متوقع جزءاً من أزمة مواد أفيونية”.
وخاضت غولدن معركة استمرت سنوات لجعل المتاحف تتوقف عن قبول أموال من الأسرة قائلة، إنها يجب ألا يُسمح لها بأن تشتري الاحترام عبر “التبرعات المسمومة”.
وقالت المخرجة بويتراس وهي تتسلم جائزة الأسد الذهبي، “عرفت في حياتي كثيراً من الأشخاص الذين يتسمون بالجرأة والشجاعة، لكني لم أقابل أحداً مثل نان، الإنسانة التي استطاعت أن تتخذ قرار مواجهة أسرة ساكلر صاحبة المليارات”.
رسالة سياسية
ووجه المهرجان رسالة سياسية ضد الرقابة والسلطة في إيران، من خلال منح جائزة خاصة من لجنة تحكيم دورته الـ79، السبت، للمخرج الإيراني جعفر بناهي، تأكيداً على الرغبة في عدم ترك المخرج المسجون منذ يوليو (تموز) لمصيره.
وحصد المخرج الغائب قسراً عن الحدث، تصفيقاً طويلاً من الجمهور في البندقية، بعد الإعلان عن جائزته.
ويعرض بناهي، أحد أبرز الأسماء في السينما الإيرانية، في فيلم “الدببة غير موجودة” الذي تعذر عليه تقديمه في “الموسترا” بسبب وجوده في السجن، قصة مبدع محتجز في بلاده، بما يتماهى مع واقعه، للتنديد بشكل أفضل بالقمع.
وكان بناهي (62 عاماً) الذي بدأ مسيرته المهنية كمساعد لعباس كيارستمي، فاز بجائزة الأسد الذهبي في البندقية عام 2000 عن فيلم “الدائرة”، وجائزة السيناريو في مهرجان كان السينمائي عام 2018 عن فيلم “ثلاثة وجوه”، بعد ثلاث سنوات من نيله جائزة الدب الذهبي في برلين عن فيلمه “تاكسي طهران”.
وتلت مينا كاواني، إحدى الممثلات في الفيلم، رسالة على مسرح قصر السينما في البندقية جاء فيها “كلنا هنا بفضل قوة السينما، ومن أجل جعفر بناهي”.
وبعث المخرج المسجون بعد إدانته بـ”الدعاية ضد النظام”، برسالة إلى المهرجان الإيطالي، الأسبوع الماضي، وقع عليها مع زميله محمد رسول آف المسجون أيضاً، اتهما فيها طهران بالتعامل مع السينمائيين المستقلين كما لو أنهم “مجرمون”.
وأكد المخرجان في رسالتهما أن “تاريخ السينما الإيرانية يشهد على الوجود الدائم والنشط لمخرجين مستقلين ناضلوا ضد الرقابة ومن أجل ضمان استمرارية هذا الفن، ومن بين هؤلاء يشهد البعض على منع تصوير أفلام وأرغم آخرون على الإقامة في المنفى أو وضعوا في عزلة”.
الدراما الفرنسية وقصة حب
وذهبت جائزة المركز الثاني، وهي جائزة لجنة التحكيم الكبرى (الأسد الفضي)، إلى الدراما الفرنسية المعقدة “سانت أومير” للمخرجة أليس ديوب وهو العمل السينمائي الأول لها بعد سلسلة من الأفلام التسجيلية.
وذهبت جائزة أفضل مخرج إلى الإيطالي لوكا جوادانيينو عن فيلمه “بونز أند أول” “العظام وكل شيء” الذي يحكي قصة حب أحد طرفيها من آكلي لحوم البشر، وحصلت نجمته الشابة تيلور راسل على جائزة أفضل ممثل أو ممثلة ناشئين.
ونال مارتن ماكدونا جائزة أفضل سيناريو عن فيلم “ذا بانشي أوف إينيشيرين” الذي أخرجه أيضاً.
Follow Us:
اندبندنت