المحامي اسامة العرب – اللواء
عندما يوجد في لبنان مئات الآلاف تحت عتبة الفقر وكنا قد نبّهنا لذلك في العديد من مقالاتنا منذ العام ٢٠١٩ وحتى يومنا هذا، ولم يكترث أحد لما كنا نكتب لأن المسؤولين غير مهتمّين بالوضع الاجتماعي في وطننا تحت شعار ان هناك اولويات. لذلك حدث ما حدث ولا يمكننا الا ان نتوقّع أن المواطنين قد يلجأون الى مخالفة القانون للحصول على لقمة عيشهم، وهذا ما حصل وإن كنا لا نبتغيه، ولكن يجب علينا ان نتكلّم بصدق وصراحة وعدل. إن مسألة الفقر هي من المعضلات التي يصعب مواجهتها او حتى التقليص من حجمها في الوقت الذي لا يتوفر في لبنان سياسات اجتماعية قادرة على تقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين سكانه منذ عشرات السنين. فكيف الآن في هذا الوضع السياسي المزري الذي انعكس على السكان نتيجة بعض السياسيين الذين اوقعونا في ازمة مخيفة قد لا نستطيع، لا سمح الله، ان نتخلص منها قبل عشر سنوات على الأقل؟. وما يزيد الامر سوءاً ان شريحة واسعة من السكان كانوا في السابق وازدادوا الآن واصبحوا في وضعية اجتماعية واقتصادية حرجة وهم في حاجة دائمة الى المساعدة والدعم الغذائي والاجتماعي العام. إن هذه الوضعية تجعل هذه الشريحة تعاني من التهميش والحرمان وتمنعهم من الخدمات العمومية الضرورية. هذا الوضع كان في السابق فكيف هو الآن بعدما حدث ما حدث من تطورات جعلت وضعنا الاقتصادي مخيف بشكل كبير. وعندما يتضافر الفقر والأمية والبطالة على رب الاسرة ومعيلها، فإن الوضعية تزداد تفاقماً وهو ما يلاحظ في العديد من الأحياء الشعبية وخصوصاً في القرى والمدن الكبرى. وعلى ما يبدو، فإن إهمال بعض السياسيين والحكام للوضع الاجتماعي جعلنا نصل الى هذا الوضع المزري وإلى هذا الظلم الاجتماعي المتزايد. فأكثرية الشباب تهاجر لكي تحصل على فرصة عمل في الخارج وتستطيع ان تؤمن لقمة عيشها وتساعد عائلاتها وهذا ما يبين مدى تقصير المسؤولين سابقاً حتى الآن. فدور الاسرة مستمر في الانحدار والعمل الخيري توقّف عند حدود معيّنة على الرغم من وجود قلٌة من الأفراد الذين يتّسمون بقدر غير عادي من السٌخاء. اما الدولة فقد أصبحت مثقلة بالديون ولم تعد تمتلك ما يلزم من الوسائل او الارادة لتحمّل المزيد من المسؤوليات. اذاً من قد يأخذ على عاتقه مسؤولية حماية الأشخاص الأكثر ضعفاً اذا لم يكن بوسع اي من هذه الجهات ان تتحمّلها على النٌحو اللائق. وهل نتجه نحو دولة يوحّدها العجز المشترك وانعدام الكفاءة؟.
إننا الآن اصبحنا بحاجة الى انشاء مجلس استشاري لحقوق الانسان على الاقل ليتأمن لهذا المواطن المُعدم الصحة والسكن، والعمل والتعليم، والكهرباء والمياه، فلم يعد يوجد شيء في وطننا الحبيب لبنان. فعلى الاقل يجب على جميع اللبنانيين رغم خلافاتهم السياسية أن يتوحّدوا حول انقاذ شعبهم ومحاربة الفقر والجوع والمرض، حيث يعدّ ذلك امراً حيوياً من اجل نجاتنا جميعاً. وهم يعرفون ان الفقر المدقع يهدّد حياة مئات الألوف من البشر في لبنان الذين لا يستطيعون الحصول بشكل مؤكد على التغذية الكافية والمياه الصالحة للشرب والرعاية والتعليم، وهم يعرفون ايضاً ان المخاطر لا تتوقّف عند حافة القرية او الحي الفقير، فالنقاط الساخنة للجوع اليوم هي عادة ما تصبح نقاط ساخنة للعنف غداً وبغض النظر عما إذا كنا اغنياء او فقراء او بين الغنى والفقر. فنحن نشترك في مصلحة مهمة للغاية تتمثّل في إنجاح الأهداف الاجتماعية للتنمية وذلك حتى يتسنّى لكل منطقة تعاني من الفقر المدقع ان تتحرّر من هذا الفقر وتنمو وتزدهر. فالطبقة المتوسطة في لبنان قد انتهت واصبحت كادحة ومثقلة بالديون. اليس لها الحق في الاستفادة من الإعانات ايضاً هذا اذا كان هناك إعانات في هذه الأيام؟. باعتقادي، لا بدّ من إيجاد موارد مالية تكون مهمتها الأساس هي إطعام المساكين وإسكانهم عبر إنشاء مراكز اجتماعية تهتم بوضع إعانة العاطلين عن العمل والفقراء والمساكين، وخصوصاً ان الاحصائيات كانت قد اثبتت اليوم ان الفقر اصبح يضرب 80% من الشعب اللبناني ولا بد ان يعي اصحاب القرار ذلك ويعملوا ليل نهار من اجل انقاذ محدودي الدخل في وطننا والطبقات المهمشة قبل فوات الاوان. فنحن نعاني من تضخم كبير ومن هبوط لليرة اللبنانية لدرجة مخيفة من قيمتها. تجعلنا نتساءل إذا ما أصبحنا على ابواب الـ50 الف ليرة للدولار الواحد؟. نتمنى ان لا يكون ذلك صحيحاً.