الجمعة, نوفمبر 22
Banner

زيادة تعرفة الضمان: استفادة “غير كافية” للمستشفيات والأطباء

خضر حسان – المدن

يطالب الأطباء والمستشفيات، تكراراً، بتعديل التعرفة التي يتقاضونها من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لقاء الأعمال الطبية والاستشفائية. فما يقدّمه الضمان كتغطية عن المرضى، لم تعد قيمته المقوّمة بالسعر الرسمي للّيرة، تتماشى مع ما يُدفَع وفق سعر السوق. وعدم تعديل التعرفة بشكل دائم، انعكس سلباً على المريض الذي ما عاد “زبوناً مغرياً” للمستشفيات والأطباء، بفعل تراجع قيمة التغطية التي يدفعها عنه الضمان. يضطر المريض لتغطية فارق الفاتورة من جيبه الخاص، فترتفع بذلك فاتورته الصحية، ما يدفعه أحياناً إلى “بيع أثاث منزله أو سحب تعويض نهاية خدمته” لتسديد كلفة التغطية، وفق ما يؤكّده المدير العام للصندوق محمد كركي.

خطوة إيجابية

قرار رفع التعرفة كان منتظراً، وخرج إلى النور بعد موافقة مجلس إدارة الصندوق ووزارة العمل، بوصفها وزارة الوصاية. ويستند قرار رفع التعرفة على “زيادة موارد الصندوق المتأتّية من ارتفاع نسبة الاشتراكات للمؤسسات الخاصة، بعد رفع الحد الأدنى من 675 ألف ليرة إلى مليوني ليرة”، وفق ما تؤكّده مصادر إدارية في الصندوق. وتشير في حديث لـ”المدن”، إلى أن الإيرادات “سترتفع قريباً مع رفع الحد الأدنى. الأمر الذي يزيد إيرادات الضمان التي ستوظَّف في رفع قيمة التقديمات والتعرفات”.

وتجدر الإشارة إلى أن زيادة التعرفة ستتراوح بين 2.5 للأعمال الطبية العادية غير المقطوعة و3 مرات للأعمال الجراحية المقطوعة، وفق المبالغ المقطوعة المعتمدة في وزارة الصحة. أي أن قيمة الفاتورة التي سيغطيها الضمان، ستكون أعلى من قيمة الفاتورة التي تغطيها الوزارة، وفق هذه المعدّلات.

ترحب المستشفيات الخاصة بهذه الزيادة رغم أنها “غير كافية لتغطية المصاريف، لكنها تساعد إلى حدٍّ ما”، وفق ما يقوله لـ”المدن”، نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون. وما يقلّل من تأثير الزيادة، هو احتساب الدولار بنحو 7000 ليرة فيما هو في السوق بنحو 38 ألف ليرة. وبنظر هارون، إن “الفجوة بين أسعار الدولار كبيرة، لكننا نعلم أن امكانيات الصندوق محدودة”.

ويطمئن كركي إلى أن “هذه الخطوة هي بداية لتصحيح التعرفات في الضمان الاجتماعي وسوف تتبعها خطوات لاحقة فور صدور المرسوم الجديد بإضافة 600 ألف ليرة لبنانية إلى الحد الأدنى للأجور والذي سوف يؤمن للضمان مدخولاً إضافياً بحوالي 400 مليار ليرة”. ما يعني أن التعرفة ستزداد مستقبلاً، ما يعزّز وضع المريض أمام المستشفيات والأطباء. وأكثر من ذلك، يدرس مجلس إدارة الصندوق “مشروع القرار اللازم لزيادة التعرفات لجلسة غسيل الكلى لتصبح مليون و250 ألف ليرة”.

معطيات غير شعبوية

قبل الأزمة المستمرة التي أودَت بسعر صرف الليرة، كان المريض المغطّى من الصندوق، يدفع 10 بالمئة من قيمة الفاتورة الصحية، أما اليوم “يدفع بين 50 و70 بالمئة”. وبسبب تراجع قدرته المادية “تبيَّنَ للصندوق أن الكثير من المرضى كانو يستغلّون التغطية للقيام بإجراءات استشفائية لم تكن طارئة، لكن كان يدفع ثمنها الصندوق. أما اليوم، فلأن المريض هو من يتحمّل الكلفة الفعلية، بات يدخل المستشفى للضرورة فقط ووفق الحاجة الفعلية”. وتضيف المصادر أن هذه النتيجة “تُلتَمَس من انخفاض عدد طلبات الموافقات المسبقة، والتي انخفضت خلال عام واحد، بين السنة الماضية والسنة الحالية، بنحو 150 ألف موافقة”. مع التأكيد على أن الصندوق “يوافق على كل الطلبات، والانخفاض ليس نتيجة الرفض، وإنما نتيجة عزوف المرضى عن تقديم موافقات مسبقة”.

في المقابل، لا تعني هذه الوقائع أن المرضى يستنزفون مالية الصندوق، فالموافقات المسبقة تتراجع بسبب تراجع قيمة التغطية مقابل كامل المبلغ المدفوع وفق سعر السوق. لكن ما يمكن الركون إليه لتحسين وضع الصندوق، هو إعادة النظر بالإجراءات السابقة التي كانت تغطّي الفواتير الوهمية للمرضى والمستشفيات والأطباء، وبحجم العمليات الاستشفائية الوهمية ذات الأكلاف المرتفعة… وغير ذلك من مزاريب الهدر التي استنزفت الصندوق على مدى سنوات. فضلاً عن التوظيفات الوهمية داخل أروقة الصندوق.

يُحسِّن الصندوق من موقع المريض تجاه المستشفيات والأطباء، ويفي بمسؤولياته تجاه الأطباء والمستشفيات من خلال الالتزام بتحويل مستحقات الطرفين بشيكات منفصلة تضمن وصول المستحقات إلى كل طرف. ووسط محاولة ضمان استمرار الالتزام بالمسؤوليات، تتخلّف الدولة عن التزاماتها بدفع نحو 5000 مليار ليرة للصندوق، وهو مبلغ تتضاءل قيمته تباعاً مع تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار.

Leave A Reply