سليمان بختي – النهار
كتب على مدونته :” صفعت الموت على خده الأيمن ورميت القفاز في وجه القدر، ومشيت”. هكذا أنهى الشاعر اللبناني #باسكال عساف معركته مع السرطان، ومشى. كان في حومة الشعر والمغامرة. إلتقيته قبل شهر وأخبرني أنه يكتب رواية عن شارع الحمراء. قال ذلك بصوت حيي بكل الرقة وكل اللطف وكل الدفء التي في روحه. كان باسكال عساف يقارب الشعر كأنه يكمل التواصل والحديث والتدفق في الحياة. كنت أشعر أنه يكتب قصيدة طويلة متفلتة تنقله ثم يعمد الى تقطيعها لضرورة الدراما أو ضرورة النشر. إستطاع باسكال عساف أن يزاوج في شعره بسهولة بين الرمزية والواقعية والسوريالية، وأن يكتب بإيقاع داخلي مثير وكأنه موزون أو مجزوء التفعيلة وقصيدة نثر في آن. كتب باسكال عساف “أوبرا الوجع” 2012 و”وجوه وأقنعة” قصص قصيرة 2014و”أحب إمرأة واحدة” 2015 و”اكره كل النساء” 2016 وفي عام 2017 كتب آخر كتبه”شعر ذاتي” وكلها صدرت عن دار نلسن. وسأل في كتابه: “على من تقرأ مساميرك أيها الشاعر”. وفي هذا الكتاب إقترب كثيرا من حالة الموت:” أعتذر إليك أيها الموت/ ربيت في قصائدي/ قططا تشبهك/ وعلمتها كيف تقف/ على قائمتيها الخلفيتين/ وتمشي حولي/ عندما أرفع إصبعي/ وأرسم دوائر في الهواء”. أو “عندما تحين ساعتي/و يأتي الموت ليأخذني/ سأتسلق ظهره أجلس على كتفيه/ أحبس نفسي الأخير في صدري/ وأقول: أعبر بي أيها المحتال/ خذني الى هناك/ فقد رأيت كل شيء هنا”.
شاعر شذرات أيضا باسكال عساف وشاعر قصة أو حكاية أو مشهد. حاول باسكال عساف أن يقول ما في قلبه صادقا. أن ينقل صوت الأسى وصوت الضجر وصوت الشوق وصوت الأقاصي. كان يعرف أن بينه وبين العالم قصيدة. وأصر أن يسأل:” هل تريد أن تكون شاعرا؟” والجواب:” جرب أن تدق مساميرا في يديك”. مثّل باسكال عساف لبنان في المهرجان الشعري “أصوات خوض المتوسط 2013” في لوديف فرنسا. وقرأ قصائده في الأمسيات والندوات والمؤتمرات و المهرجانات. وقرأها لإمرأة جميلة على زاوية الطريق. وقرأها على طاولة المقهى وحيدا في ليل ماطر. كتب في “وجوه وأقنعة” :” لو كنت أملك جناحيك لحلقت إلى أقاصي الدنيا. قال لها:” لو كنت أملك جذورك لما بحثت كل عمري عن وطن”.
سنفتقد الشاعر الصديق باسكال عساف في حركته الأنيقة الراقية حاملا أوراقه كالأمل في كتاب جديد، في حبر جديد. موهبة كبيرة تودعنا في زمن نحتاج فيه الى امل الى كلمة طيبة مبدعة تعيننا على مواصلة الطريق في زمن الضيق.