غسان ريفي – سفير الشمال
بات معلوما ان رئيس الجمهورية ميشال عون يسعى في أيامه الاخيرة الى تعزيز نفوذ التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل في السلطة سواء من خلال الحكومة او من خلال الحصول على ضمانات سياسية للمرحلة المقبلة، خصوصا بعدما بات على قناعة بأن حظوظ الصهر في الوصول الى قصر بعبدا معدومة، وان مسيرته السياسية بعد انتهاء الولاية ستكون صعبة خصوصا بعدما ادى سلوكه على مدار ست سنوات الى مقاطعة أكثرية التيارات له، والى ظهور عين حمراء من حلفائه الذين لم يعودوا قادرين على فهم ما يريد.
يدرك باسيل ضعف عمه الرئيس عون تجاهه، ويخشى في الوقت نفسه على مستقبله السياسي بعد خسارة التوقيع الاول الذي لطالما استقوى فيه على رؤساء الحكومات، لذلك فإنه اليوم يغالي في فرض الشروط والمطالب التي تساهم في ابقائه رقما صعبا في المعادلة في العهد الجديد، خصوصا ان كلامه السلطوي الذي ما يزال يتمسك به لجهة قبول هذا الامر ورفض ذاك، بات البعض يعتبره من باب الهزيان المعطوف على واقع نفسي مرير، لا سيما ما يتعلق بموقفه المعارض لوصول رئيس جمهورية ليس لديه تمثيلا شعبيا، حيث يؤكد البعض ان باسيل لا يمتلك ان يرفض او ان يقبل، وصحيح ان لديه كتلة نيابية مسيحية وازنة لكن دورها سيقتصر بعد انتهاء الولاية الرئاسية على التصويت أو عدمه داخل مجلس النواب لا اكثر ولا اقل ومن دون اي تأثير اضافي.
لذلك فإن باسيل يسعى اليوم الى التحصن بتوقيع الرئيس عون سعيا الى ان يحقق في الحكومة المقبلة ما عجز مع عمه عن تحقيقه في ست سنوات، حيث وضع شروطا اقل ما يقال فيها انها تعجيزية وخارجة عن المألوف والمنطق، ولا يمكن لأي رئيس حكومة ان يقبل بها وخصوصا الرئيس نجيب ميقاتي الذي يراعي التوازنات والحساسيات السياسية والطائفية ويشكل حارسا للدستور ولاتفاق الطائف ويمارس ذلك في عملية التأليف التي كان من المفترض ان تصل الى خواتيمها السعيدة لو كان هناك نوايا صافية او شعورا بالمسؤولية الوطنية تجاه بلد يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة.
تقول المعلومات إن موضوع تشكيل الحكومة أمر مفروغ منه بالنسبة لحزب الله الذي ذلل العديد من العقبات والعراقيل التي كان يضعها باسيل ويتبناها عون، وكان كلما وصل الى صيغة توافقية سارع باسيل الى الانقلاب عليها مفاجئا الجميع، والامثلة على ذلك كثيرة.
وفي هذا الاطار فإن الحزب لم يوقف تحركاته خصوصا انه لا يريد الوقوع في اي التباس دستوري حول تسلم حكومة تصريف الاعمال صلاحيات رئاسة الجمهورية، كما لا يريد لعون من باب الحرص عليه ان يُدفع الى مغامرات سياسية او دستورية من شأنها ان تضاعف من التوترات في البلاد التي لم تعد تحتمل خصوصا في ظل التهديدات الاسرائيلية الجديدة على خلفية ملف ترسيم الحدود البحرية.
لذلك، فإن الحزب لم يبأس من امكانية الوصول الى حلول ومن اقناع باسيل بالتخلي عن شروطه التعجيزية خصوصا بعدما قدم رئيس الحكومة كل الايجابيات الممكنة، حيث تشير المعلومات الى ان الاتصالات ما تزال ناشطة للوصول الى قواسم مشتركة تفضي الى تشكيل حكومة تساهم في تأمين انتقال هادئ للسلطة.
تقول مصادر مواكبة، ان باسيل الذي يلعب اوراقه الاخيرة سيكون امام خيارين، فإما أن يتجاوب مع جهود الحزب في تشكيل الحكومة وتعزيز التحالف معه في المرحلة المقبلة، أو أن يرفض طروحاته، ما قد يزعزع هذا التحالف الى حدود الانهيار، خصوصا ان باسيل يراكم الاخطاء منذ فترة كما ان مواقفه الانفعالية الاخيرة لا تبشر بالخير..