مع اقتراب العطلة المدرسية شهدت فرنسا اضطرابات كبيرة أمس، في ظل دعوة النقابات إلى الإضراب والتظاهر للمطالبة برفع الأجور، والتوقف عن إجبار العاملين المضربين في المصافي ومستودعات الوقود على العمل.
وتأتي اضطرابات النقابات العمالية في فرنسا وسط التضخم الأعلى منذ عقود، ليواجه الرئيس إيمانويل ماكرون، أحد أصعب التحديات منذ انتخابه فترة ثانية في أيار (مايو).
وبحسب “الفرنسية”، الإضراب في مصافي التكرير الذي عطل بشكل كبير توزيع الوقود في جميع أنحاء البلاد منذ نحو أسبوعين، سيستمر خصوصا في مجموعة “توتال إينرجيز”.
ووجهت الدعوة إلى عدة قطاعات، المؤسسات الحكومية والطاقة والنقل العام وسائقي الشاحنات والصناعة الغذائية والتجارة.
وعلى رصيف شبكة القطارات الإقليمية السريعة في محطة جار دو ليون الباريسية، ينتظر الركاب الذين اعتادوا على هذه الاضطرابات التي غالبا ما تؤثر في خط السير هذا. وصلت ليونور لوبيز بالقطار “متأخرة أكثر من ساعة. كان الأمر متعبا”.
كما اضطربت حركة شركة السكك الحديدية SNCF، حيث جرى تسيير قطار واحد من كل قطارين وسطيا، ومن جانب شركات النقل العام في باريس RATP تراجعت حركة الحافلات أيضا لكن حركة مترو الإنفاق كانت شبه طبيعية.
إضافة إلى “زيادة الأجور”، خرج المشاركون في تظاهرة ضد استدعاء الحكومة المضربين من أجل إعادة فتح بعض مستودعات الوقود.
صادرت الحكومة الفرنسية يوم الإثنين مستودعين للمحروقات تابعين لمجموعة “توتال إينرجيز” في مارديك (شمال) وفي فايزين (جنوب شرق).
وحذر أوليفييه فيران المتحدث باســـم الحكـــومة، أمـــس، من أنــه “ستكون هناك مصادرات بقدر ما يلزم”.
وأوضح كريستوف بيتشو وزير التحول البيئي “في كل مرة يتم فيها مهاجمة عمليات المصادرة هذه، فزنا بالإجراءات الموجزة لأن القضاة يعدون أن هذه المصادرات كانت متناسبة”.
كذلك، استدعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الأول، اليزابيث بورن رئيسة الوزراء، والوزراء المعنيين، لتقييم الوضع، في الوقت الذي تشهد 30 في المائة من محطات الخدمة في فرنسا اضطرابات، وغالبا ما تكون هناك طوابير لا نهاية لها لسائقي السيارات.
وقال ماكرون “سنواصل بذل قصارى جهدنا”، مضيفا أنه يريد حل هذه الأزمة “في أسرع وقت ممكن”.
كما تريد الحكومة إظهار أنها تنصت إلى الشعب الفرنسي المتأثر بالتضخم. وعد جيرالد دارمانين وزير الداخلية، أمس، أن هناك “مشكلة أجور” في فرنسا داعيا “قسما من أرباب العمل إلى زيادة الرواتب عندما يكون ذلك ممكنا”.
راقب مسؤولو النقابات والحكومة، أمس، عدد المضربين، ولا سيما في القطاعات الاستراتيجية مثل النقل والطاقة. وأي دعوات لإضراب متجدد، في قطاع السكك الحديدية، على سبيل المثال، في ظل اقتراب العطلة المدرسية التي تبدأ الجمعة.
وفي رده حول احتمال مواصلة اضراب شركة السكك الحديدية SNCF، رد فيليب مارتينيز، الأمين العام للاتحاد العام للعمل، بالقول “يعود القرار إلى الموظفين المضربين، وكذلك الأمر بالنسبة لتوتال إنيرجيز”.
ومن الأسباب التي تقف وراء عدم رضا ملايين الموظفين: التضخم الذي يؤثر في القوة الشرائية، والتشديد المقبل لقواعد إعانات البطالة، وإصلاح المعاشات التقاعدية المتوقع في نهاية العام.
وجاءت هذه التحركات غداة تظاهرة ضد “غلاء المعيشة” نظمتها الأحزاب اليسارية، ومنها “فرنسا المتمردة”، في باريس. وبلغ عدد المشاركين فيها 140 ألف شخص، وفق المنظمين، و30 ألف شخص، وفق الشرطة، و29 ألفا و500 شخص، وفق تعداد أجراه مركز “أوكورانس” لعدد من الوسائل الإعلامية.
وتظهر عواقب الإضراب في المصافي في عديد من القطاعات: صعوبات في الوصول إلى العمل، وقلقا في المناطق الريفية في خضم موسم الحصاد، والخوف من تعطيل المغادرين في إجازات وإلغاء الحجوزات.
وفقا لاستطلاع رأي أجرته “إيلاب”، فإن 49 في المائة من الفرنسيين لا يؤيدون التعبئة، و39 في المائة يوافقون عليها.
وبحسب “رويترز”، بدأ يأتي الإضراب الذي شمل في المقام الأول القطاعات العامة، مثل المدارس والنقل، امتدادا لإضراب مستمر منذ أسابيع عطل مصافي التكرير الرئيسة في فرنسا وعرقل الإمدادات لمحطات الوقود.
ويأمل زعماء النقابات العمالية أن يتحرك الموظفون بسبب قرار الحكومة إجبار بعضهم على العودة إلى العمل في مستودعات البنزين لمحاولة إعادة تدفقات الوقود، وهي خطوة يقول بعضهم إنها تعرض الحق في الإضراب للخطر.
ودعت الكونفيدرالية العامة للشغل، خصوصا إلى إضراب مستمر للأسبوع الرابع في منشآت لشركة توتال إنيرجيز، رغم توصل شركة النفط إلى اتفاق مع نقابات عملية أخرى، يوم الجمعة، يشمل زيادة 7 في المائة في الرواتب ومكافأة. وتطالب الكونفيدرالية العامة للشغل بزيادة الأجور بنسبة 10 في المائة، مشيرة إلى التضخم والأرباح الضخمة للشركة.
وقالت شركة يوروستار إنها ألغت بعض خدمات القطارات بين لندن وباريس بسبب الإضراب.
ومع تصاعد التوتر في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، امتدت الإضرابات بالفعل إلى أجزاء أخرى من قطاع الطاقة، ومنها شركة الطاقة النووية العملاقة إلكتريستي دو فرانس، حيث ستتأخر أعمال الصيانة الضرورية لإمدادات الطاقة في أوروبا.
وقالت اليزابيث بورن رئيسة الوزراء، الأحد، إن الإضرابات تأتي وسط أجواء سياسية متوترة، إذ تستعد الحكومة الفرنسية لإقرار ميزانية 2023 باستخدام صلاحيات دستورية خاصة تمكنها من اجتياز تصويت في البرلمان.
Follow Us: