باتريسيا جلاد
اجتاز سعر صرف الدولار بسلاسة حاجز الأربعين ألف ليرة مثبّتاً خطواته التصاعدية يومياً من دون كلل، مع ضبابية الرؤية حيال إمكانية تشكيل حكومة جديدة وانسداد الأفق إزاء انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ليسجّل أمس 40400 ليرة نتيجة الطلب المتزايد عليه لزوم حاجة السوق لاستيراد المحروقات والأدوية… وبسبب عدم تدخّل مصرف لبنان في الأسواق لخفضه، وتهريب كميات منه الى الخارج كما أوضحت مصادر لـ”نداء الوطن”. وشهدت الصرافات الآلية خلال اليومين الماضيين إقبالاً كثيفاً عليها، بعد صرف المساعدة الإجتماعية لشهر أيلول، وهي عبارة عن راتب شهر للموظفين العامين والمتقاعدين والعسكريين، ما ادى الى اصطفاف الناس في الطوابير أمام الصرّافين لتصريف الراتب المسحوب بالدولار وفق سعر منصّة “صيرفة” البالغة 30100 ليرة لبنانية. فراتب بقيمة 3 ملايين ليرة يعادل بحسب سعر “صيرفة”، نحو 100 دولار أي ما قيمته 4 ملايين ليرة لبنانية في السوق السوداء.
وتأتي هذه المشهدية مع استمرار إقفال المصارف ابوابها، وتوفيرالبعض منها “صيرفة الـ400 دولار” التي لا تزال سارية لزبائنها، بحجّة انها تجهّز صرّافاتها الآلية للتمكن من الإيداع بالليرة وسحب 400 دولار نقداً من دون الدخول الى المصرف، علماً أن مصارف أخرى أوقفت هذه الخدمة نهائياً بحجة الإقفال وأبقت على سحوبات الرواتب عبر الصرافات الآلية باعتبارها اولوية.
وحول ما يتمّ التداول به في أوساط السلطة والدوائر العونية حول استمرار سعر صرف الدولار بالإرتفاع لغاية نهاية الشهر لحين انتهاء العهد الرئاسي للجمهورية، قال المستشار المالي غسان شمّاس لـ”نداء الوطن” إن “السبب ليس سياسياً، فالدولار لم تعد تؤثّر فيه الصدمات الإيجابية على المدى البعيد، فهو محصور بالعرض والطلب والسوق اللبنانية “ضيّقة” بمعنى أن إقدام أحدهم على طلب كمية كبيرة من الدولارات يستحصل عليها من عدة صرّافين فيتقلّص بالتالي العرض في السوق السوداء بأكملها ما يؤدي الى زيادة سعر صرف الدولار”.
والمثير للاستغراب أن احتياطي مصرف لبنان الذي وصل الى 9.5 مليارات دولار، ارتفع بقيمة 450 مليون دولار لفترة شهر من منتصف ايلول حتى منتصف تشرين الأول، أما مصدر الزيادة فهي تعود كما يُقال الى التحويلات التي ترد الى البلاد وقيام “المركزي” بشراء الدولارات منها بسعر السوق، ليستخدمها ايضاً في تغطية تداولات الجزء الأكبر من منصّة “صيرفة” وتسديد رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين وبدلات النقل ومصاريف الدولة الخارجية بالدولار من رواتب السفراء والقناصل والملحقين الإقتصاديين، وواردات المحروقات للأجهزة الأمنية والجيش، عدا عن دعم القمح والأدوية.