كلفة المازوت 320 دولاراً والحطب 750 دولاراً شهرياً ومساعدات الأمم المتحدة لا تكفي تأمين التدفئة
يبدو أن أهالي الجبال في لبنان ينتظرهم شتاء قاس في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات والحطب والأوضاع المعيشية الصعبة، فأي عائلة ستحتاج إلى 30 – 35 مليون ليرة لبنانية في الشهر بينما الرواتب لا تزيد على 10 إلى 15 مليون ليرة، وهذا ما سيزيد الأوضاع صعوبة ليس فقط أمام المواطنين، بل النازحين السوريين أيضاً، مما يشكل أكبر أزمة ومدخلاً لانتشار الأمراض والموت بسبب الصقيع.
بين أسعار الحطب والمازوت
في جولة ببلدة بحمدون في الجبل، يعبر أحد السكان لـ”اندبندنت عربية” عن قلقه جراء هذه الأزمة وكيفية تأمين التدفئة في موسم الشتاء، قائلاً “هناك استحالة في تأمين هذا الأمر مع غلاء صفيحة المازوت التي بات سعرها يتجاوز25 دولاراً، ومعظم المحطات تبيعها بحجم 19 لتراً وليس 20، بالتالي فإن سعر البرميل يصل إلى 270 دولاراً دون احتساب تكلفة النقل، ومعظم الأهالي يشترون غالونات الخمس لترات بثمانية دولارات ولا يستخدمون التدفئة على مدار الساعة”.
لا حل أمام سكان الجبل إلا الصبر والتدفئة قدر الإمكان في ساعات ذروة اشتداد العاصفة. فليس باستطاعة الدولة دعم مادة المازوت بتخفيض أسعارها، بالتالي فإن أي مواطن في الجبل يحتاج بحسب أحد السكان إلى ستة أو سبعة براميل مازوت سنوياً أي بحدود 1800 دولار في موسم الشتاء، ما يعادل 12-13 صفيحة مازوت، أي بحدود 320 دولاراً شهرياً. أما حاجة المواطن في موسم الشتاء للحطب، فهي لا تقل عن ستة أطنان وهي أرخص من مادة المازوت، لكن تكاليف النقل وقطع الأشجار مكلفة وتضاف إلى سعر الطن، بالتالي فإن المواطن الذي يستخدم الحطب يحتاج إلى 25 مليون ليرة في الشهر أي 750 دولاراً.
انتهاك الثروة الحرجية
وفي ظل أزمة الوقود وغلاء المازوت باتت غابات كثيرة تحت رحمة مناشير الحطابين، فمعظم الناس يقطعون الأشجار لاستخدامها في التدفئة، حتى إن سعر طن الحطب تجاوز الأربعة إلى خمسة ملايين ليرة، دون حسيب أو رقيب، حتى القوى الأمنية لا تتعاطى مع المواطنين نتيجة حاجتهم إلى الحطب على رغم أن الدولة اتخذت بعض الإجراءات أخيراً بسجن أي معتد على الثروة الحرجية، لكن دون تنفيذ الأمر.
ويشرح أحد السكان بأن “أهالي الجبال على موعد هذا العام مع الشح في المازوت خصوصاً للمدارس الرسمية، وهذا سيشكل استحالة في فتح المدارس، حتى إن الأمم المتحدة لا تستطيع تأمين مادة المازوت بعد أن خفضت دعمها للبنان ولأهالي الجبل تحديداً، نتيجة للحرب الروسية – الأوكرانية والاهتمام بالنازحين من هذه الدول”.
ويقول مواطن آخر “على رغم أن شهر الشتاء في الجبل هو الأقسى من ناحية المعيشة، إلا أننا أيضاً نعاني الغلاء وتحديداً المواد التموينية وتراجع أعمالنا كمزارعين”، لافتاً إلى أن “المشكلة الأكبر تقع على النازح السوري الذي يتوقف عمله كلياً في فصل الشتاء لأن معظمهم يتعاطى بأعمال الزراعة كما أنهم يتقاضون رواتبهم بشكل يومي”، لافتاً إلى أنه “ما يزيد من أزمة النازحين أن مساعدات الأمم المتحدة لا تكفي حتى في تأمين التدفئة لهم”.
أما الإجراءات المتخذة للتحضير للشتاء، فيقول أحدهم “بدأنا بقص الحطب بشكل يومي منذ شهرين وهذا الأمر سيمتد إلى أواخر الشتاء، على رغم أننا نعلم أنه لن يسد العجز لكنه سيؤمن ولو القليل من التدفئة”، لافتاً إلى أن “هناك أشجاراً معمرة عمرها مئات السنين وتحديداً السنديان تم قصها واستخدامها من أجل التدفئة”.
التهافت على المازوت
ويعبر مواطن آخر عن استيائه لما وصلت إليه الحال بعد الدولرة شبه الكاملة، إذ يقول “اشتريت مازوت بـ670 دولاراً ولم يكفني لمدة شهرين، وسأنتظر الأشهر المقبلة لشراء المازوت بالتقسيط، أي كل شهر أشتري كمية لأنني عاجز عن شراء كل الكمية دفعة واحدة، علماً بأن أصحاب المحطات يطالبون بالدفع نقداً ولا يقبضون إلا بالدولار”.
وعن كيفية تأمينه للدولار، يقول “عبر الصرافين، وتزداد خسائري في عملية الصرف لأنه لا يمكن لأي صراف أن يبيع دولاره بالسعر الرسمي”، لافتاً إلى أن “البرميلين لا يكفياني شهراً واحداً وهذه المادة اليوم أصبحت أكبر مادة للنهب والسمسرة في البلد، والمواطن يدفع الثمن، فالمستوردون يخفونها للتلاعب بأسعارها”.
Follow Us:
اندبندنت