الأحد, نوفمبر 24
Banner

النهار : مفاوضات الترسيم معلّقة والوسيط الأميركي إلى ‏بيروت

‎فتحت البلاد امس وسط مزيد من الارباكات الناجمة عن العشوائية الحكومية في اتخاذ ‏الخطوات والإجراءات التي من شانها إقامة توازن الحد الأقصى بين احتواء موجات التفشي ‏الوبائي لفيروس كورونا مجتمعيا، وموجبات تحريك الدورة الاقتصادية والتجارية في بلد ‏يختنق بانهيارات وازمات مصيرية. وعلى العلل والشوائب الكثيرة التي تكتنف الفتح ‏التدريجي للبلاد، فان الحركة الكثيفة التي سجلت امس عكست الحاجة المتعاظمة لاحياء ‏الشلل الاقتصادي والتجاري فيما بدا في المقابل ان الانسداد السياسي التصاعدي الذي ‏يمنع بل يفخخ الطرق والدروب والوسائل المؤدية الى الافراج عن الحكومة الجديدة لا يزال ‏بلا أي افق واعد بالانفراج‎.‎

ولم تقتصر صورة الاجواء القاتمة على المأزق الحكومي العالق بين معادلات الغموض ‏والاشتراطات والرهانات المتشابكة والمتصادمة فحسب، بل ان الصورة الخارجية للدولة ‏برزت في احدى تجلياتها البالغة السلبية من خلال تطورين يتصلان بغياب حكومة فاعلة ‏وحاضرة بكل صلاحياتها واستنفارها وسياساتها الواضحة للإفادة من كل تطور من شأنه ‏الدفع نحو انقاذ لبنان من ازماته الخطيرة. فلبنان الذي تعاود فرنسا غدا تنظيم مؤتمر جديد ‏لحشد الدعم والمساعدات الإنسانية لشعبه، لن تجد الجانب اللبناني الحكومي الفعال الى ‏جانبها لاقناع العالم بتوسيع اطار الدعم بحيث يطاول الاقتصاد العليل والمالية العامة ‏المعدومة. في المقابل ولو اختلفت الظروف والحيثيات في ملف آخر لا يقل خطورة ‏واهمية، فان تعليق جولة المفاوضات الخامسة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ‏التي كانت مقررة غدا أيضا، لا يشكل نبأ إيجابيا للبنان حتى لو كانت إسرائيل تتلاعب ‏بالتوقيت واللحظة الإقليمية وتستغل الفراغ الحكومي في لبنان. وكل هذا يجري وسط ‏ازدياد منسوب الدهشة لدى اللبنانيين حيال معادلة الغموض “غير البناء” اطلاقا في شأن ‏مسار تأليف الحكومة، حتى ان بعض المراقبين بدأ يتساءل عما اذا كان لا يزال يصح الحديث ‏عن مسار لتشكيل الحكومة وسط هذا الجمود القاتل غير المسبوق الذي يطبع مجمل ‏المشهد السياسي الداخلي منذ أسبوعين على الأقل‎.‎

المأزق المستمر‎

وإذ لم يطرأ أي جديد على المشهد الحكومي المأزوم، ولم تصدر أي إشارة في شأن ما تردد ‏عن زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لقصر بعبدا، بدا لافتا ان تعاود بعبدا ‏التموضع في موقع دفاعي عن موقفها من خلال الرد على تقارير صحافية تناولت دور ‏رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل وتدخلاته الى جانب رئيس الجمهورية العماد ‏ميشال عون في طرح الشروط المعرقلة لمهمة الرئيس الحريري. وفي معرض ردها على ‏هذه الأجواء، جددت رئاسة الجمهورية التأكيد “ان تشكيل الحكومة يتم بالاتفاق بين رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ولا دور لاي طرف ثالث ‏فيه”. وقالت مصادر قريبة من بعبدا ان رئيس الجمهورية لم يطرح او يقترح حتى الآن ‏أسماء وزراء على الرئيس المكلف سعد الحريري وما يشاع عن طرح عون اسم جان سلوم ‏لوزارة الداخلية غير صحيح، مع التأكيد ان رئيس الجمهورية لا يزال يتحدث في المبادئ ‏العامة ولن يطرح أي اسم ولن يقوم الأسماء التي يطرحها الحريري عليه قبل تقديم مسودة ‏كاملة اليه‎.‎

وفيما بدأت بعض الأوساط تلاحظ ان الرئيس الحريري يعتمد اعتكافا عن التواصل المباشر ‏مع سائر الافرقاء السياسيين، اكتفى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالقول ‏لـ”النهار” في هذا الصدد “لا اعرف وهو (الحريري) لا يتصل بنا “. وحذر جنبلاط من ان “كل ‏لحظة تأخير في تأليف الحكومة نكون في وضع اصعب وسيزداد الشلل وتتفاقم الازمة ‏الاقتصادية بدءا من الاحتياط الإلزامي الى عدم ترشيد الإنفاق”. واللافت في كلام جنبلاط انه ‏لمح الى “انهم يعملون على خلق عقدة درزية غير موجودة”. ولوح الى انه اذا كان الاتجاه ‏سيكون وفق هذه الطريقة “فمن الأفضل ان نتعاطى مع الحكومة المقبلة كما فعلنا مع ‏حكومة حسان دياب‎”.‎

وإذ لم يثبت بعد ما اذا كان الرئيس الحريري سيزور قصر بعبدا في الساعات المقبلة وربط ‏هذه الزيارة بانعقاد مؤتمر الدعم الدولي من اجل لبنان غدا افاد مراسل “النهار” في باريس ‏ان هدف المؤتمر الدولي الثاني لدعم الشعب اللبناني الذي تنظمه باريس غدا بالتنسيق ‏والتعاون مع الأمم المتحدة هو تقييم نتائج المؤتمر الأول الذي عقد في 9 آب الماضي بعد ‏أيام قليلة من انفجار مرفأ بيروت في 4 آب حيث جمع آنذاك 250 مليون يورو للمساعدات ‏الإنسانية والاجتماعية الطارئة. وسيتم الإعلان عن التزامات نحو 35 دولة ومنظمة دولية ‏ستشارك مبدئيا في المؤتمر الدولي الثاني غدا، علما ان المؤتمر ينعقد وسط خيبة فرنسية ‏ودولية عميقة حيال التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المتوقع ان يصدر ‏عن المؤتمر بيان يشدد على وقوف المجموعة الدولية الى جانب الشعب اللبناني وعدم ‏تركه لتداعيات الازمات التي تعصف بلبنان كما سيؤكد مجددا أهمية تشكيل حكومة ‏اختصاصيين بسرعة والتزامها الإصلاحات العاجلة الجوهرية‎ .‎

ولوحظ في هذا السياق ان رئاسة الجمهورية أحالت امس الى رئاسة مجلس الوزراء نص ‏القرار الذي أصدره مجلس النواب حول التدقيق الجنائي وطلبت “المبادرة الى اتخاذ ‏الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي المركز على حسابات مصرف ‏لبنان والجهات ذات الصلة وفقا لقرار مجلس الوزراء‎”.‎

ارجاء الجولة الخامسة‎

وسط هذه الأجواء تبلغ لبنان امس ارجاء الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ‏لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة حول ترسيم الحدود البحرية ‏التي كانت مقررة غدا في الناقورة. وذكر انه سيستعاض عنها بتشاور بين الجانبين الأميركي ‏واللبناني في ظل تبلغ لبنان ان رئيس الوفد الأميركي المشارك في هذه المفاوضات جون ‏دو روشيه سيحضر الى بيروت للقاء المسؤولين اللبنانيين واستكمال النقاشات او محاولة ‏إيجاد أرضية مشتركة‎.‎

وزارت امس السفيرة الأميركية دوروثي شيا رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون كشف ‏أي معلومات عن المواضيع التي تناولها اللقاء. وكان متوقعا ان تتعثر المفاوضات بعدما ‏قدم لبنان طرحا رفضته إسرائيل بانطلاق الترسيم البحري من نقطة رأس الناقورة برا وتجاوز ‏لبنان كل النقاط التي كان تم التوصل اليها سابقا بدءا من المفاوضات مع قبرص وصولا ‏الى المفاوضات مع الولايات المتحدة بما فيها خط هوف. وطالب لبنان بخط جديد يعطيه ‏‏1430 كيلومترا مربعا مضافة الى 860 كلم لحظها خط هوف أي ما مجموعه 2290 كيلومترا ‏مربعا. وسيقوم رئيس الوفد الأميركي الوسيط جون دو روشيه بلقاء رئيس الجمهورية وقائد ‏الجيش والوفد اللبناني المفاوض برئاسة العميد بسام ياسين

Leave A Reply