لم تُسجّل أي إصابة “كوليرا” داخل المدارس. الأعداد المحدودة في عكار التي تبلّغت بها وزارة التربية كانت خارج حرم المدرسة، كما تقول لـ”الأخبار” مديرة الإرشاد والتوجيه بالتكليف هيلدا خوري. لكن أن يكون الوضع تحت السيطرة حتى اللحظة لا يعني، بحسب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية النائب عبد الرحمن البزري، أن “الملف ليس حساساً، ولا سيّما في المدارس الرسمية، غير المجهّزة بما يكفي لمواجهة الوباء، ما يستدعي استنفار وزارة التربية لفحص المياه المستخدمة، وتقديم الكلور اللّازم لتعقيمها”. وبما أن التلميذ يمضي ساعات طويلة في المدرسة، فإن الإدارات مطالبة، وفق البزري، بإعطاء توجيهات للأهل، للانتباه إلى نوعية الأكل المرسل مع الأطفال ونظافته، وعدم الإكثار من العصائر، مع أهمية عدم استقبال أي طفل يعاني من عوارض الإسهال، وفي حال جرى التأكد من وجود إصابة، يجب فوراً تبليغ وزارة التربية ودائرة الترصد الوبائي التي ستتابع الملف ضمن “خلية أزمة” يفترض أنها شُكلت في السراي الحكومي لمواكبة الحالات. وكان وزير الصحة العامة، فراس الأبيض، أبدى، في خلال مؤتمر صحافي عقده، أول من أمس، لعرض المستجدات المتعلقة بلقاح الكوليرا، استعداد وزارته، “لتقديم الفحوصات بالمجّان للمدارس كافّة”.
المدارس الخاصة: إجراءات مشدّدة؟
أهالي التلامذة في المدارس الخاصة ينتظرون أن تلزم وزارة التربية إدارات المدارس بإجراء فحوص مخبرية للتعرّف إلى مصادر المياه والتأكد من سلامتها، على ما تقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الطويل. وترى أن لجان الأهل لديها دور مركزي في مراقبة نظافة المراحيض في المدارس، ونشر الوعي بالتعاون مع إدارات المدارس ودائرة الترصد الوبائي في المناطق.
لا يشبه تعاطي المدارس مع “الكوليرا” تعاطيها مع “كورونا” الذي كان وباء جديداً ومباغتاً وولّد ذعراً في صفوف التلامذة وأهاليهم. المرضان مختلفان، يقول الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، وإن كانت الإجراءات الوقائية مشابهة، أي أن عاملات وعمال النظافة معتادون عليها. المدارس الخاصة مطالبة، بحسب نصر، بتطبيق تعميم وزير التربية واتخاذ تدابير متشدّدة لجهة تأمين النظافة وتعقيم المياه والمراحيض، مشيراً إلى أنّ اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة سيعقد، الأربعاء المقبل، اجتماعاً لمناقشة التدابير المرتبطة بموضوع الكوليرا، فيما جرى التداول، على صعيد الأمانة العامة، في سبل المواجهة، مع مراعاة عدم إشاعة الخوف في صفوف الطلاب وأهاليهم.
وزارة التربية: مسح شامل للمياه
لدى وزارة التربية، وفي إطار برنامج الصحة المدرسية وقبل انتشار الكوليرا، تعاميم أصدرها المدير العام للتربية تحدّد كيفية الوقاية من البكتيريا وكيفية تعقيم الخزانات والتأكد من سلامة المياه. ولكن عند بداية الانتشار هذه السنة، أصدر وزير التربية، عباس الحلبي، التعميم الرقم 38/م/2022 بتاريخ 7/10/2022، حدّد فيه الإجراءات الوقائية من الأمراض الوبائية والمعدية ومنها الكوليرا .وتتحدّث مديرة الإرشاد والتوجيه بالتكليف هيلدا خوري عن خطة تدخل سريعة بالتعاون مع المنظمات والجمعيات في المناطق التي تعاني من انتشار للكوليرا، كما حصل في ببنين العكارية، إذ عقدت وزارة التربية فوراً، كما تقول، اجتماعاً عاماً لجميع المديرين للتوعية وشرح كيفية التعامل مع الكوليرا، وجرى توزيع أقراص كلور معقّمة للمياه مجاناً على جميع المدارس الرسمية والخاصة هناك. كذلك زار ممثلون عن الجمعيات جميع المدارس الخاصة والرسمية وجرى تعقيم الخزانات، وفحص المياه لجميع المدارس والمعاهد من خلال عيّنات أُخذت في كلّ مؤسسة من مصادر مياه عدة في المدرسة.
على الأهل الانتباه إلى نوعية الأكل المرسَل مع الأطفال وعدم الإكثار من العصائر
إضافة الى التعميم، وضعت وزارة التربية، بحسب خوري، خطة لمكافحة الكوليرا في كل لبنان تتضمن تدريباً حضورياً لجميع الممرضين والمرشدين الصحيين في المؤسسات التعليمية للقطاعين العام والخاص بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة ومنظمة اليونيسف. “التدريب سينتهي قريباً في القطاع الرسمي ويبدأ في القطاع الخاص. وسيكون هناك تدريب عن بعد لجميع مديري المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، الأسبوع المقبل، بالتنسيق مع منظمة اليونيسف”.
الوزير كلّف، كما تقول خوري، منظمة اليونيسف القيام بمسح شامل للمياه والصرف الصحي في جميع المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة. كما تدرب فريق الخط الساخن لوزارة التربية، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني على كيفية التعامل مع مرض الكوليرا وإدارة الحالات والإحالة إلى المراجع الصحية الرسمية 01/772000
وفق خوري، ستُستخدم المواد التعقيمية التي وزعت على المدارس والثانويات والمعاهد الرسمية لمكافحة الكوليرا، وتعمل اليونيسف حالياً على تأمين مستلزمات إضافية للمدارس الرسمية تتضمن وسائل لفحص الكلور في المياه، إضافة إلى أقراص كلورين للخزانات. وكانت جمعية إنقاذ الطفل بدأت بفحص المياه في عيّنة من المدارس الرسمية. وهنا لفتت خوري إلى أن تعميم الوزير يطلب من جميع المدارس فحص المياه في مختبرات معتمدة رسمياً من المراجع المختصّة.
عمال النظافة: لا تناقص في العدد
وبما أن دور عمّال النظافة في المدارس أساسي، فهل سيخضع هؤلاء لتدريب خاص؟ يجيب مدير التعليم الرسمي بالتكليف في وزارة التربية، جورج داود، أن المعنيين بنظافة المدارس الرسمية خضعوا، في أثناء مكافحة جائحة كورونا لدورات تدريبية ضمن البروتوكول الصحي وباتوا ملمّين بتطبيق الإجراءات الوقائية من تنظيف وتعقيم، وهي تندرج في الواقع ضمن مهامهم الأساسية. وعن الكلام بشأن تناقص أعداد العمال نتيجة تدني الرواتب، ينفي أن يكون أحد من العمال قدّم استقالته إلى الوزارة، “وبالتالي فإننا نعتبر أن العدد لا يزال كما هو وبالنسبة إلينا هو كافٍ”، لافتاً إلى أن هؤلاء “كانوا يقبضون 30 ألف ليرة يومياً قبل الأزمة، ومن ثم ارتفع إلى 50 ألفاً تتضمن بدل النقل والمساعدة الاجتماعية، إضافة إلى حوافز يتقاضونها من الجهات المانحة (60 دولاراً في الشهر). ومع صدور الموازنة في الجريدة الرسمية سينالون ضعفي الأجر، بحيث يصبح أجرهم اليومي، 90 ألف ليرة”.
فاتن الحاج – الأخبار