كتبت صحيفة “اللواء” تقول: انتهى يوم التواقيع على الوثيقة الأميركية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل، من بعبدا إلى الناقورة، وآخرها توجه الوفد المكلف بالذهاب إلى الناقورة بعد عودته منها إلى القصر الجمهوري حيث استلم المستند الرسمي لتسليم الرسالة الرئاسية في الناقورة، حيث سلم الوفد اللبناني وثيقة التفاهم للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في غرفة، كل وفد على حدة: اللبناني والاسرائيلي، في مقر الأمم المتحدة في رأس الناقورة، بحضور، إلى جانب هوكشتاين، السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، والسفيرة الفرنسية آن غريو، والممثلة الدائمة للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا، والوفدين اللبناني والاسرائيلي، من دون أي لقاء مباشر أو صورة تجمع بين الوفدين.
واوضح مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير من الناقورة: تم تكليفنا بتسليم الرسالة الموقعة من الرئيس ميشال عون إلى هوكشتاين ولاحقاً سنسلم الرسالة الموقعة من وزير الخارجية اللبناني إلى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان.
وتزامنت عملية التسليم مع تدابير أمنية مشددة اتخذها الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. وشوهد في البحر قبالة العلامات البحرية لجهة الطفافات من الجانب اللبناني، دوريات بحرية لزوارق الجيش اللبناني وقطع بحرية في عرض البحر لليونيفيل، ومن الجانب الاخر للطفافات زوارق حربية اسرائيلية كانت خرقت العلامات البحرية، الامر الذي ادى إلى تأخير تسليم الوثيقة ساعة عن الموعد المحدد للوسيط الاميركي وممثلة الامم المتحدة، اعتراضا على الخرق البحري الاسرائيلي، ما استوجب تدخل القوات الدولية التي عالجت الموضوع وانسحب الزورق إلى ما بعد الطفافات والعلامات البحرية للحدود البحرية إلى داخل المياه الاقليمية الاسرائيلية.
وعند الساعة الثالثة و20 دقيقة توجه الوفد اللبناني إلى رأس الناقورة وسلم هوكشتاين وفرونتسكا وثيقة اتفاق الترسيم الموقعة من عون وبوحبيب.
وعند الرابعة و40 دقيقة انتهى اللقاء في رأس الناقورة وغادرت الوفود المشاركة مقر الاجتماع في رأس الناقورة إلى مهبط المروحيات التابع لليونيفيل وعادت إلى العاصمة على متن مروحيات تابعة لليونيفيل والجيش اللبناني.
وحول الترسيم، أعلن عون أن لبنان أخذ حقه كاملاً في ترسيم الحدود البحرية ونحن نشعر اليوم اننا اعطينا اللبنانيين املاً جديداً لأن هذا الترسيم سيسمح للبنان باستخراج النفط والغاز.
وأضاف عبر «أل بي سي»: الساحة الجنوبية أصبحت مستقرة ولن تكون مصدر عنف وقد وقعنا اتفاق ترسيم الحدود لمنع الحرب.
وتابع: لا توجد أي ورقة أو إمضاء أو أي شيء آخر في عملية توقيع اتفاق الترسيم يؤدي الى اتفاق سلام مع إسرائيل، فالسلام يتطلب استقراراً نتيجةً للمصلحة وليس نتيجة توافق مع إسرائيل.
وقال: الأموال التي ستصدر من الشركات ستعود للصندوق السيادي لعائدات النفط والغاز ولا يوجد من يمد يده على أمواله التي لا يمكن أن تضيع ولا يمكن لأحد الوصول إليها.
وعن موقف الجانب السوري من الترسيم أردف: الجانب السوري لديه ملء الإرادة للتفاوض حول ترسيم الحدود،والرئيس بشار الأسد قابَل هذا الموضوع بالموافقة، أمّا تفاصيل الموضوع فلا يملكها الرئيس الأسد ولا انا اعلم بتفاصيل ماذا يوجد في سوريا في خصوص هذا الموضوع.
وبشان عودة النازحين السوريين قال عون: لبنان طالب بالعودة الطوعية للنازحين السوريين وهي متاحة وسوريا لم تضع أي شرط لعودتهم والمجتمع الدولي لا يريد للنازحين أن يذهبوا اليهم ويحاربوا عودتهم الى سوريا ويتحدثوا بدمج النازحين بالشعب اللبناني.
وتابع: المسؤولون في المجتمع الدولي يريدون من لبنان أن يكون حارس سفن لمنع النازحين السوريين من السفر الى دولهم وفي الوقت نفسه يحاربون عودتهم الى سوريا.
إذاً، انتهت امس، المراسم الرسمية لتوقيع تفاهم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، بعد عشر سنوات من الاخذ والرد والجمود والضغوط التي مورست على لبنان لتوقيعه بالشروط الاميركية والاسرائيلية لكنه تجاوزها بوحدة الموقف الرسمي والمقاوم، لتبدأ لاحقاً مرحلة التنقيب والاستخراج من الحقول اللبنانية للنفط والغاز.
وقد استقبل الرئيس عون صباحاً في قصر بعبدا هوكشتاين في حضور السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا ونائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم وأعضاء الوفد المفاوض مع الجانب الأميركي. وتسلم عون من الموفد الاميركي الرسالة الاميركية الرسمية في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي تتضمّن حصيلة المفاوضات ونوه هوكشتاين بدور عون في الوصول إلى هذه النتيجة والأخير شكر الوسيط على الجهود. ووقع رئيس الجمهورية الرسالة التي تحمل موافقة لبنان على مضمون الرسالة الأميركية عن نتائج المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود الجنوبية. وقال: انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عمل تقني ليست له أي ابعاد سياسية او مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان في علاقاته مع الدول.
بعدها، ترأس عون اجتماعاً لأعضاء الوفد المغادر الى الناقورة والذي ضم؛ مدير عام الرئاسة أنطوان شقير ومفوض الحكومة لدى القوات الدولية العاملة في الجنوب العميد منير شحادة وعضو مجلس إدارة هيئة النفط وسام شباط ورئيس مركز الاستشارات القانونية في وزارة الخارجية احمد عرفة، وزودهم بتوجيهاته.
وكان هوكشتاين قال بعد لقائه عون: المهمّ اليوم هو ما سيحصل بعد الاتفاق، وأعتقد أنه سيكون نقطة تحوّل اقتصاديّة للبنان ولنهوضه». وأشار هوكشتاين الى ان «توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و«إسرائيل» من شأنه إحداث الاستقرار في المنطقة، وان الاتفاق سيسمح ببدء العمل من قبل شركة توتال للتطوير والاستكشاف ولا شيء سيعيق هذه الاعمال في لبنان، ولا شي سيأخذ عائدات النفط والغاز من اللبنانيين». ورأى ان «أهمّ ما في الاتفاق هو أنّه في خدمة الفريقين وليس من مصلحة البلدين خرقه وإذا خرق أيّ طرف الاتفاق لن يكون هذا لصالحهما».من جهته، أعلن بوصعب أن «رئيس الجمهورية وقّع الرسالة الأميركية الرسمية التي تسلّمها من هوكشتاين، في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وسلّمها الى الوفد اللبناني». مشيرا إلى أنّ «الرئيس عون كلّف وفداً باسمه لتسليم الرسالة إلى هوكشتاين في الناقورة، وستكون هناك رسالة أيضاً للأمم المتحدة من قبل الخارجية اللبنانية» . وانتقل هوكشتاين الى السراي الحكومي، حيث التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في حضور بوصعب واللواء ابراهيم والسفيرة الأميركية، مستشاري الرئيس ميقاتي والوفد الأميركي المرافق، وخلال الاجتماع قال ميقاتي: نأمل ان يكون ما تحقق خطوة أساسية على طريق الافادة من ثروات لبنان من الغاز والنفط، بما يساهم في حل الازمات المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، ويساعد الدولة اللبنانية على النهوض من جديد.وان التعاون بين مختلف المسؤولين اللبنانيين، بمساعدة اصدقاء لبنان، حقق هذه الخطوة النوعية الاساسية في تاريخ لبنان، بعد سنوات من العمل الدؤوب».
ومن السراي انتقل هوكشتاين والوفد المرافق الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال بعد اللقاء: اقدر الجهود للتوصل الى هذا الاتفاق الذي سيستفيد منه لبنان والشعب اللبناني اقتصادياً. وأكرّر أنّ هذا اليوم تاريخيّ وسيكون جيّداً لجميع اللبنانيين وسيؤثّر إيجاباً على الوضع الاقتصادي في البلد. والرئيس برّي كان داعماً أساسيّاً للوصول إلى هذا اليوم وإلى الاتفاق. وتابع: هذا الاتفاق هو بين دولتين ولا علاقة له بنتائج الانتخابات الاسرائيلية.
مراسم التوقيع
وضم الوفد اللبناني الذي كلفه الرئيس عون للتوجه الى الناقورة مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير والعميد الركن منير شحادة مفوض الحكومة لدى القوات الدولية ووسام شباط عضو هيئة ادارة النفط، والسفير احمد عرفة رئيس مركز الاستشارات القانونية.وأكدت أوساط القصر الجمهوري أن لا توقيع في الناقورة على اتفاق الترسيم بل تسليم للرسالة التي تم توقّيعها في بعبدا.كما أفاد مصدر رسمي بأن الرسالة التي ستوجّه إلى الجانب الأميركي من 5 أسطر، تتضمّن نوعاً من الشّكر والتأكيد على التزام لبنان ببنود الإتفاق.
وسلّم الوفد اللبناني الموفدَ الرئاسي الاميركي الرسالةَ الموقّعة من رئيس الجمهورية، وفي خيمة اخرى، سلّم الوفد الاسرائيلي ايضا رسالتَه الموقّعة الى هوكشتاين كما سلّم الوفد اللبناني ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا رسالة وقعها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، تتضمّن تأكيد الإحداثيات المرتبطة بالحدود البحرية لإيداعها الأمم المتحدة وفقاً للآليات المتبعة في قانون البحار. ما يعني أنّ الإتفاق أصبح ساري المفعول عند الثالثة والنصف من بعد ظهر امس.
وقالت فرونتسكا في بيان: إنه إنجاز تاريخي على مستويات عدة. آمل أن يكون بمثابة خطوة لبناء الثقة من شأنها تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين المنافع الاقتصادية لكلا البلدين. وقال: ستقوم المنسقة الخاصة بإيداع وثائق الترسيم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.واضاف البيان: أثنت المنسقة الخاصة على كل من لبنان وإسرائيل لتوصلهما إلى حل متفق عليه من قبل الطرفين. كما شددت على مغزى هذا الإتفاق بالنسبة للبنان، حيث أظهر القادة السياسيون وحدتهم لبلوغ هدف مشترك. ورأى البيان: إن الاتفاق يفتح صفحة جديدة للبنان بما قد يساعد على خلق زخم إيجابي لبناء توافق حول المصلحة الوطنية للبلاد. وقال: وتطلعاً للمستقبل وبينما يتعين على كافة الأطراف اعطاء الأولوية لتنفيذ التزاماتهم بموجب هذا الاتفاق، ستظل الأمم المتحدة ملتزمة بمساعدة الأطراف على تطبيقه، حسبما يطلب منها وضمن حدود ولايتها.
وختم: وادراكا لأهمية استدامة الأمن والسلم، أعادت المنسقة الخاصة التأكيد على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١ بشكل كامل، والقرارات الأخرى ذات الصلة.
وعاد الوفد اللبناني مساء من الناقورة الى قصر بعبدا لتسليم الرئيس عون المستند الرسمي لتسلّم الرسالة الرئاسية.وخلافاً لما يردده بعض المعارضين من ان التفاهم يشتمل على نوع من التطبيع، افادت مصادر رسمية ان ماجرى ليس اتفاقية اومعاهدة بل تفاهم تقني، وان الوفد اللبناني لم يدخل الى الخيمة الدولية وقال انه لن يسلم الرسالة، إحتجاجاً على خرق زوارق جيش الكيان الاسرائيلي للحدود البحرية قبالة الناقورة، وهكذا كان وانسحبت الزوارق. ما ادى الى تاخير عملية التسليم عن موعدها ساعة. كما لم يحصل اي لقاء بين الوفد اللبناني والوفد الاسرائيلي ولا توقيع على اي ورقة اضافية. وهوأجراء تقصده لبنان لمنع اي استغلال سياسي للتفاهم التقني.واكدت وسائل إعلام إسرائيلية إن مراسم اتفاق الترسيم في الناقورة جرت من دون مصافحة بين الوفدين.
نصرالله: المهمة أُنجزت ولا تطبيع
وفي موقف له من انهاء عملية الترسيم، أكد الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله أن «ما حصل من البداية إلى النهاية في ملف ترسيم الحدود البحرية هو انتصار كبير للبنان وللشعب وللمقاومة»، وقال: كانت تجربة مهمة يجب التوقف على نتائجها ودلالاتها، وسنتحدث عن هذا الملف بالتفصيل السبت المقبل لتقييم ما جرى مع توقعات المرحلة المقبلة.أضاف: المفاوضات حصلت مع إسرائيل بطريقة غير مباشرة عبر الوسيط الأميركي. كما أن لبنان سيوقّع على ورقة وإسرائيل على ورقة أخرى ليتم تقديمها إلى الولايات المتحدة، وبالتالي بالشكل والمضمون السلطة اللبنانية كانت دقيقة للغاية في عدم إعطاء أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل. وأوضح أن «الحديث عن التطبيع والاعتراف بإسرائيل لا صحة له، لأن الترسيم لا يعتبر معاهدة إنما اتفاق على الحدود البحرية».وخلال كلمته في افتتاح فعاليات معرض «سوق أرضي» في مجمع «سيد الشهداء»، شدد نصرالله على أن «اتفاق ترسيم الحدود البحرية ليس معاهدة دولية ولا اعتراف بـ»إسرائيل» لأن العدو لم يحصل على أي ضمانات أمنية.وتابع: المفاوضات في ملف الترسيم كانت جميعها غير مباشرة ولم يلتق الوفدان اللبناني والإسرائيلي تحت سقف واحد».
تيننيتي: الترسيم البحري يمهّد للخط الأزرق
وفي اول رد فعل دولي من بيروت، أعلن المتحدث باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي «إننا سعداء بالنتيجة الإيجابية للاتفاق البحري، مؤكداً الجهوزية لمساعدة الوسيط الأميركي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة.
وشدّد تيننتي عبر «صوت كل لبنان» على ان «هذا الاتفاق سوف يعزز الاستقرار في جنوب لبنان، ويمهّد الطريق لمتابعة النقاط العالقة بما خصّ تحديد الخط الأزرق».
وفي «اسرائيل»
اما في الكيان الاسرائيلي، فقد صادقت حكومته امس، على التفاهم خلال اجتماع لمجلس الوزراء خُصّص للموضوع. وأعلن مكتب رئيس وزراء اسرائيل يائير لبيد في رسالة قصيرة للصحافة أن «حكومة اسرائيل وافقت للتو على الاتفاق بشأن الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان».وأشار الى أن «الاتفاق البحري مع لبنان إنجاز دبلوماسي واقتصادي».وقال لبيد في مستهل اجتماع مجلس الوزراء ان لبنان اعترف بدولة إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية، وهذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره.