الأحد, نوفمبر 24
Banner

الجمهورية: «العناد» يولّد مسودّة صداميّة.. وباريس حاضرة وواشنطن تسأل عن التأخير

دخل تكليف الرئيس سعد الحريري يومه الحادي والأربعين، ولا ‏مؤشرات الى تَمكّن الحكومة الموعودة من سلوك طريق التفاهم ‏عليها بينه وبين الشريك في تأليفها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال ‏عون.‏

وفي ظلّ هذا الجو، دخل لبنان في شهر كانون الأول، وهو كما هو ‏معلوم شهر يغلب عليه طابع العطلة والأعياد، التي ضاعت أصلاً في ‏المعاناة التي يكابدها اللبنانيون، الذين صاروا محرومين حتى من ‏الشعور ببهجة العيد، فهل تحصل معجزة تقود الرئيسين عون ‏والحريري الى جادة التفاهم، فيفرجان عن الحكومة، ويقدّمانها كهدية ‏تزرع لدى اللبنانيين بعضاً من الأمل بقلب صفحة المعاناة وفتح ‏صفحة الإنقاذ الموعود؟

‏ ‏خيبة وإحباط وأيام صعبة

حتى الآن، لا توضيحات من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف حول ‏المانع الحقيقي لتفاهمهما، وحول ما يوجِب استمرار التخبّط في ‏الملف الحكومي، الذي بات يمثّل مصدر خيبة في كل الدوائر الدولية ‏المهتمة بلبنان، والفرنسية منها على وجه الخصوص، ومصدر إحباط ‏كلّي لجميع اللبنانيين الذين بات يجمعهم أمر وحيد، هو الخوف من ‏أيام صعبة مُقبلين عليها، تمهّد لها سياسة صمّ الآذان المتّبعة على ‏حلبة التأليف، عن تحذيرات خبراء الاقتصاد والمال من الداخل والخارج ‏بأنّ باب النهاية الكارثية يوشِك أن يفتح على مصراعيه، ويُفقد لبنان ‏واللبنانيين حتى قدرة الانحناء أمام نسمات هوائية، فكيف اذا كانت ‏رياحاً وعواصف هوجاء تهبّ عليهم؟!‏

‏ ‏وما عدا لقاءات متتالية بين شريكي التأليف، أصابت اللبنانيين بملل ‏من دورانها حول نفسها بلا أي طائل، لم يقدّم المعنيون بهذا الملف ‏عنصراً مقنعاً او سبباً موجباً وموضوعياً، يبرّر هذا العبث الذي يُقارَب ‏فيه تأليف الحكومة منذ تكليف الحريري تشكيلها في 22 تشرين الاول ‏الماضي، او يعكس امتلاك هؤلاء المعنيين إرادة مشتركة للنظر إلى ‏احتضار البلد أو للإصغاء إلى صرخات الجائعين، أو للاستفادة من ‏فرصة الإنقاذ التي أتاحتها المبادرة الفرنسية، وتحصين البلد بما يجعله ‏قادراً على امتصاص الصدمات أيّاً كان حجمها وايّاً كان مصدرها، بعيداً ‏من الشعارات الشعبوية والألاعيب الصبيانيّة التي أغرقت البلد، على ‏كلّ تفصيل مهمّاً كان أو تافهاً. وأيضا بعيداً من أيّ مقامرة تدفع ‏بتأليف الحكومة الإنقاذية من تأجيل الى تأجيل!‏

‏ ‏الشريكان: لا تراجع!‏

صورة التأليف جامدة هنا، والمتحرّك فقط هو أجواء التشنّج الممتدة ‏من القصر الجمهوري الى “بيت الوسط”، بالتوازي مع احتقان متورّم ‏بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحر”. وتسريبات من هنا ‏وهناك بأنّ لا مجال لتراجع أيّ من شريكي التأليف أمام الآخر حول أيّ ‏تفصيل مرتبط بالحكومة الجديدة، فلكل منهما معاييره، التي يبدو أنّها ‏صاغت لدى كلّ منهما ثابتة مفادها “أنّ التراجع والتسليم بمنطق ‏الآخر، معناه الانتحار أو الغاء الذات”!‏

‏ ‏وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ هذا الإنسداد، بات مسلّماً به ‏لدى غالبية القوى السياسية بانّه محكم الإقفال بعقليتين متصادمتين ‏على حلبة التأليف، ليس ما يجمع بينهما حتى الآن، وذهبتا الى الحدّ ‏الأقصى في تصلّبهما وباتتا أسيرتين له. وعلى ما تقول مصادر ‏سياسيّة مطّلعة على الخلفيات المانعة لتفاهم الرئيسين على ‏الحكومة، فإنّ “العناد هو الحاكم لكلّ هذا المسار، والقشور ‏والسطحيات هي جوهر المشكلة، ولا ترى انّ البلد على وشك أن يفلت ‏من ايدي الجميع. ومع الأسف، كل ذلك يدفع لبنان الى الدخول في ‏حال فراغ وشلل في السلطة الإجرائية اشهراً طويلة”.‏

‏ ‏لقاء تفاهم ام صدام؟

تبعاً لذلك، يتسارع الحديث في مختلف الاوساط السياسيّة عن ‏استئناف وشيك لمسلسل اللقاءات بين رئيس الجمهورية والرئيس ‏المكلّف، إلاّ أنّ الاجواء السابقة للقاء المفترض بينهما في الساعات ‏المقبلة، تنعى سلفاً امكانية تلاقيهما حول نقاط مشتركة، بل وتقدّمه ‏كموقعة صداميّة، تُنذر بارتدادات سلبية، تفتح بدورها المشهد ‏الحكومي على فصول جديدة من الخلاف والصراع لا يُعرف مداها.‏

‏ ‏فأوساط الطرفين متفقة على انّ الحريري سيقدّم مسودة حكومية الى ‏الرئيس عون، وجزمت اوساط الرئيس المكلّف، انّ الثابت لدى الحريري ‏هو الحكومة الاختصاصية اللاسياسية واللاحزبية التي يحتاجها لبنان ‏في هذه المرحلة، لتشكّل العامل الاساس للإنقاذ، وتمتلك القدرة على ‏استعادة الثقة الداخلية والخارجية بلبنان، وتكون قادرة بثقة على ‏التعاون مع المجتمع الدولي، في ما يحقق مصلحة لبنان وفتح باب ‏المساعدات الضرورية التي يحتاجها انقاذ الاقتصاد واعادة اعمار ‏بيروت”.‏

‏ ‏في المقابل، اكّدت اوساط قريبة من رئيس الجمهورية لـ”الجمهورية”، ‏انّ عون سيرفض اي مسودة حكومية يقدّمها الحريري من دون التشاور ‏معه، اياً كانت الاسماء التي تتضمنها. ذلك انّ هناك معايير يُفترض ان ‏تكون موحّدة، ويجب ان تراعى بالكامل في عملية تأليف الحكومة.‏

‏ ‏واستغربت الاوساط إمعان البعض باللجوء الى عملية تمويه حقيقة ‏ما يجري، والهروب الى الامام، بمحاولة زجّ اسم رئيس “التيار الوطني ‏الحر” النائب جبران باسيل واتهامه بالتدخّل في تأليف الحكومة، لافتة ‏الى انّ باسيل سبق ان اكّد الثقة بموقف رئيس الجمهورية وبما يقرّره، ‏وعلى اساس ذلك يقرّر التيار المشاركة في الحكومة او عدمها. وكان ‏المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية قد اصدر امس بياناً مقتضباً ‏جاء فيه: “التشكيل يتمّ بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ‏ولا دور لأي طرف ثالث فيه”.‏

‏ ‏ماذا في المسودة؟

ووسط التكتم الذي يحيط المسودة الحكومية، التي قيل إنّ الحريري ‏قد انجز وضعها تمهيداً لتقديمها لرئيس الجمهورية، تتداول الاوساط ‏السياسية بمعلومات غير مؤكّدة، حول انّ هذه المسودة لا تتضمن ‏ثلثاً معطلاً لأي طرف، وهي مستندة بشكل اساسي على المسودة ‏التي وضعت خلال تأليف حكومة مصطفى اديب قبل اعتذاره، حيث ‏تتضمن مجموعة من الاسماء التي تتمتع باختصاصات نوعية وكفاءات ‏مشهودة، ويفترض الحريري ان تحظى بموافقة كل الاطراف عليها.‏

‏ ‏وبحسب المعلومات المتداولة، فإنّ من بين الاسماء المتداولة كلاً من: ‏جو صدي – وزارة الطاقة ( يؤيّده الفرنسيون)، كارول خوزاني – وزارة ‏العدل، لينن طحينة – وزارة الثقافة، سليم ميشال اده، شارل الحاج، ‏يوسف خليل – وزارة المال، واضيف اليه اسم وائل الزين، فراس ‏الابيض – وزارة الصحة، عباس الحلبي – وزارة التربية، العميد المتقاعد ‏جميل الجميل – وزارة الدفاع، العميد جان سلوم او العميد نقولا الهبر – ‏وزارة الداخلية (حتى الآن لم يبرز اي اتفاق بين عون والحريري على ‏الاسم، فرئيس الجمهورية يرغب بإسناد الداخلية الى العميد سلوم، ‏فيما يرغب الحريري بإسنادها الى العميد الهبر).‏

‏ ‏ايجابية .. ولكن!‏

على أنّ اللافت للانتباه عشية اللقاء، انّه خلافاً للاجواء السلبية الطاغية ‏على المشهد الحكومي، أوحى الحريري بأنّ الأمور ليست سلبية.‏

‏ ‏وفي هذا الاطار، علمت “الجمهوريّة” انّ الحريري اجرى في الايام ‏الاخيرة حركة اتصالات مكثفة مع جهات سياسية مختلفة، من بينها ‏اتصال اجراه برئيس مجلس النواب نبيه بري، معزياً بوفاة خاله. وكان ‏هذا الاتصال مناسبة للحديث عن ملف التأليف، حيث استفسر بري ‏الحريري عما بلغته اتصالات التأليف، فردّ بالقول ما مفاده “انّ الامور ‏منيحة”. وتقول مصادر المعلومات، انّ بري تمنّى له التوفيق، علماً انّ ‏رئيس المجلس يحث على التعجيل في تشكيل الحكومة، لأنّ حالة البلد ‏‏”صارت بالويل”.‏

‏ ‏حضور فرنسي

وتأتي هذه الحركة المتصلة بالشأن الحكومي، عشية انعقاد مؤتمر ‏الدعم الدولي والإنساني، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ‏ماكرون يوم غد الاربعاء، وسط تأكيدات فرنسية بأنّ لبنان لن ينال منه ‏دعماً مالياً، بل اقصى ما يمكن ان يحصل عليه هو تأمين بعض ‏مستلزمات هذا الدعم على الصعيدين الدوائي والغذائي.‏

‏ ‏وفي السياق نفسه، اكّدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، ‏أنّ باريس ما زالت تأمل في تحقيق خرق ايجابي على صعيد تأليف ‏حكومة سعد الحريري في المدى المنظور، وهي في هذا السبيل ‏بصدد تفعيل حضورها اكثر، وذلك استكمالاً لرسالة الرئيس ماكرون ‏الى الرئيس ميشال عون قبل أيّام قليلة.‏

‏ ‏وإذ لفتت المصادر الى أنّ الإيليزيه يعبّر عن غضب شديد من المنحى ‏التعطيلي الذي يُفتعل امام تشكيل حكومة في لبنان، بما يزيد من ‏الوضع الصعب الذي يعانيه هذا البلد، الذي يضعه الرئيس الفرنسي ‏في صدارة أولويّاته، وهو يتطلّع الى استجابة المسؤولين في لبنان ‏لمضمون رسالة الرئيس ماكرون، والتعجيل في تشكيل حكومة بمهمة ‏محدّدة بوضع لبنان على سكة الاصلاح والإنفراج وانعاش وضعه ‏الخطير.‏

وعما اذا تعرّض ماكرون لخيبة جديدة من المسؤولين اللبنانيين، لفتت ‏المصادر الديبلوماسية من باريس، الى “انّ المسؤولين في الايليزية ‏وفي الـ” كي دورسي” مشمئزون من لعبة تضييع الوقت التي تُمارس ‏في لبنان، ومن الطبيعي مع استمرار هذه اللعبة اللامسؤولة أن ‏تنتقل باريس الى مرحلة اقسى توازيها”.‏

واشنطن: لماذا تتأخرون؟

في هذا الوقت، تحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية”، عن ‏استياء اميركي من التأخّر في تشكيل حكومة في لبنان، تبدأ في اتخاذ ‏الخطوات الاصلاحية الضرورية والملحّة التي يطالب بها المجتمع ‏الدولي، وهو ما جرى ابلاغه عبر القنوات الديبلوماسية الى العديد من ‏المسؤولين والشخصيات اللبنانية، مع طرح اسئلة واستفسارات حول ‏الاسباب التي تمنع ولادة الحكومة حتى الآن.‏

‏ ‏وقالت مصادر مطلعة على الموقف الاميركي لـ”الجمهورية”، انّ ‏واشنطن تنظر بقلق بالغ الى الوضع في لبنان، وكانت لها رسالة ‏واضحة عبر وزير خارجيتها مايك بومبيو، وكذلك عبر السفيرة الاميركية ‏في بيروت دوروثي شيا، بأنّ الولايات المتحدة الاميركية تتطلع الى ‏تشكيل حكومة لبنانية تكون ملتزمة وقادرة على تطبيق الاصلاحات ‏لمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب، وتلبّي متطلبات اللبنانيين وفي ‏مقدّمها وضع حدّ للفساد المستشري، الّا انّ ذلك لم يلقَ استجابة من ‏المسؤولين في لبنان حتى الآن، ويُخشى أن يكون ذلك مؤشراً لعدم ‏وجود رغبة جدّية في إجراء هذه الاصلاحات.‏

‏ ‏وعمّا يقال عن انّ الولايات المتحدة تلعب دوراً معطلاً في تشكيل ‏الحكومة، قالت المصادر المطلعة: “الولايات المتحدة تعتبر تشكيل ‏الحكومة شأناً لبنانياً داخلياً، وترغب في أن ترى حكومة فاعلة مستقلة، ‏تُجري اصلاحات وتكافح الفساد، والكلّ يعلمون انّ تعطيل الحكومة ‏داخلي، ولكن ثمة اطرافاً تهرب الى الامام بإلقاء مسؤولية التعطيل ‏على واشنطن او غيرها، لإثارة الغبار حول دورها التعطيلي”.‏

‏ ‏ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الولايات المتحدة ستمارس ضغطاً ‏معيناً للتعجيل في تشكيل الحكومة، قالت المصادر: “انّ واشنطن ‏تعتبر انّ على اللبنانيين ان يشكّلوا حكومة تعبّر عن طموحات الشعب ‏اللبناني، واجراء الاصلاحات الهيكلية التي يطالب بها اللبنانيون في ‏انتفاضة 17 تشرين الاول من العام الماضي”.‏

‏ ‏وعمّا اذا كانت هناك دفعة جديدة من العقوبات، قالت المصادر: “انّ ‏لدى الادارة الاميركية برنامج عقوبات واسعاً ومكتملاً، وبناء عليه فإنّ ‏توجّه الادارة الاميركية لمحاسبة السياسيّين الفاسدين في لبنان ‏سيستمر ولن يتوقف، والدفعة الجديدة من العقوبات قد لا يتأخّر ‏الوقت على صدورها”.‏

مأزق الاحتياطي والدعم

بعدما تردّد انّ رئيس الجمهورية طلب من حاكم مصرف لبنان في خلال ‏زيارة الأخير الى قصر بعبدا، الاستمرار في دعم المواد الاساسية، دخل ‏امس مجلس النواب على خط الأزمة. فقد دعا رئيس مجلس النواب ‏نبيه بري لجان المال والموازنة، الادارة والعدل، الاقتصاد الوطني ‏والتخطيط، الصحة العامة، العمل والشؤون الاجتماعية الى جلسة ‏مشتركة قبل ظهر غد الاربعاء لدرس موضوع الدعم والاحتياطي ‏الالزامي.‏

‏ ‏من خلال تسارُع التطورات، وبعدما تبيّن أنّ المجلس المركزي في ‏مصرف لبنان يميل الى رفض المسّ بالاحتياطي الالزامي، تكشفت ‏الحاجة الى تدخّل سياسي لمواكبة هذا الملف، خصوصاً انّ حاكم ‏المركزي سبق وأعلن انّه لا يرغب في تحمّل مسؤولية قرار بهذه الدقة ‏والخطورة.‏

وفي المعطيات، انّ دعوة بري سوف تُلزم الكتل النيابية بدراسة ‏الموضوع، لتحديد موقفها. وستكون القوى السياسية بلا شك مُحرجة ‏في هذا الملف، لأنّها في أي خيار ستتخذه، ستتعرّض لانتقادات ‏ولموجة رفض. ومن المفيد التذكير انّ الخيارات المتاحة محدّدة، وكلها ‏مريرة وموجعة، ويمكن حصرها بأربعة خيارات:‏

‏ ‏اولاً- الاستمرار في الدعم مع التوصية بتقليص لوائح المواد ‏المدعومة.‏

ثانياً- خفض تدريجي للدعم من خلال تغيير نسب هذا الدعم من 1500 ‏ليرة للدولار، الى 3900 ، في مرحلة اولى ومن ثمّ وقف الدعم.‏

ثالثاً- تغيير جذري في الدعم وتحويله الى دعم مباشر للمحتاجين من ‏خلال بطاقات تموينية أو تمويلية.‏

رابعاً- وقف الدعم فوراً، ومنع المسّ بالاحتياطي تحت أي ظرف.‏

وفي المعطيات، انّ القوى السياسية لن تجرؤ ولن تُقدم على وقف ‏الدعم نهائياً، كذلك لن تجرؤ على التشجيع على تبذير ما تبقى من ‏ودائع، وبالتالي، هناك ترجيحات تشير الى مواقف رمادية سيتمّ ‏اعتمادها، على طريقة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”.‏

‏ ‏التدقيق

وفي سياق متصل، لفتت الانتباه امس، أنّ رئاسة الجمهورية احالت ‏الى رئاسة مجلس الوزراء نصّ القرار الذي صدر عن مجلس النواب في ‏شأن “اخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة ‏والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي، ‏من دون أي عائق او تذرّع بسرية مصرفية او خلافها”.‏

‏ ‏ولوحظ في الاحالة الرئاسية، “انّ رئاسة الجمهورية طلبت المبادرة الى ‏اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية في موضوع التدقيق المحاسبي ‏المركّز على حسابات مصرف لبنان والجهات ذات الصلة، وفقاً لقرار ‏مجلس الوزراء الرقم 3 تاريخ 26/3/2020. فيما لم تأتِ الاحالة على ذكر ‏سائر الوزارات والمؤسسات والقطاعات الواردة في القرار الصادر عن ‏مجلس النواب.‏

‏ ‏وعلمت “الجمهورية”، انّ لدى رئاسة الحكومة جملة ملاحظات على ‏القرار في شكله ودستوريته، وقد تطلب احالته الى هيئة الاستشارات ‏والتشريع. ولكن ما هو اهم يمكن ترجمته بالسياسة.‏

‏ ‏وفي الوقت عينه، ردّت مصادر نيابية على ملاحظات رئاسة الحكومة ‏بالقول، انّ من صلاحية مجلس النواب اصدار قرارات تُرفع الى كل من ‏رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة عملاً بمواد واضحة في النظام ‏الداخلي لمجلس النواب.‏

‏ ‏ضغوط على البنك المركزي

توازياً، سجلت أمس حملة في صحف أميركية وفرنسية على مصرف ‏لبنان، وقالت “وول ستريت جورنال” أن المسؤولين الأميركيين وغيرهم ‏من الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين عن إنفاذ القانون المالي ‏يمارسون ضغوطاً على البنك المركزي اللبناني كجزء من حملة دولية ‏لتهميش “حزب الله” المدعوم من إيران ومواجهة الفساد وتخفيف ‏الأزمات الإقتصادية والسياسية في لبنان.‏

‏ ‏ونقلت عن مسؤولين غربيين أن واشنطن وحلفاءها يطالبون منذ ‏شهور بإجراء تدقيق جنائي في البنك المركزي إعتقاداً منهم أنه قد ‏يكشف عن أدلة على غسل أموال وفساد، وروابط لكبار المسؤولين ‏اللبنانيين بـ”حزب الله” ، بما في ذلك في البنك المركزي.‏

‏ ‏وأضافت الصحيفة الأميركية أن الضغط على البنك المركزي، بما في ‏ذلك التهديد بفرض عقوبات محتملة، وفقاً لمسؤولين غربيين، هو ‏خطوة نادرة تحتفظ بها الولايات المتحدة عادة لخصوم ألداء مثل ‏كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا.‏

‏ ‏وقالت إن واشنطن وحلفاءها يستفيدون من حاجة بيروت الماسة ‏للتمويل الطارئ، ويطالبون بالفحص على أمل إلقاء الضوء على ‏عمليات البنك المركزي الطويلة الغامضة.‏

‏ ‏وأضافت إن أصحاب النفوذ في المجالات السياسية والإقتصادية في ‏لبنان عرقلوا حتى الآن الجهود الدولية لإخضاع البنك المركزي لمراجعة ‏شاملة.‏

‏ ‏ونقلت عن مسؤولين غربيين “إن مِن بين الذين يعرقلون جهود ‏التدقيق محافظ البنك المركزي منذ فترة طويلة ومسؤولون حكوميون ‏مرتبطون بـ”حزب الله”، مما يجعلهم أهدافاً محتملة للعقوبات من ‏الولايات المتحدة وحلفائها”.‏

‏ ‏وذكّرت بأنه خلال رحلة إلى بيروت في آب، أوضح وكيل وزارة الخارجية ‏الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل مخاوف الولايات المتحدة. ‏وقال للصحافيين “هناك كثير من التركيز على البنك المركزي والحاجة ‏إلى مراجعة البنك المركزي حتى نتمكن من فهم ما يحدث بالضبط ‏هناك.”‏

‏ ‏وعلى رغم أن الصحيفة ذكرت أن الحاكم رياض سلامة رفض مراراً ‏مزاعم التورط في الفساد وتسهيل عمليات مالية لـ”حزب الله”، وأن ‏البنك المركزي كان هدفاً للإحتجاجات، نقلت عن مسؤولين أميركيين إن ‏البنك المركزي “كان له دور محوري في تمويل جماعة “حزب الله”، بما ‏في ذلك الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها”.‏

‏ ‏وأضافت أن “الأدلة التي تغذي هذه المخاوف هي سجلات البنك ‏المركزي – التي راجعت صحيفة وول ستريت جورنال نسخاً منها – تُظهر ‏أنها سمحت لحسابات “حزب الله” المعروفة في أحد البنوك اللبنانية ‏الخاصة بالعمل حتى بعد أن طلبت الولايات المتحدة إغلاقها”.‏

‏ ‏الترسيم

من جهة ثانية، أُعلن امس عن تأجيل الجولة الجديدة من المفاوضات ‏غير المباشرة حول ترسيم الحدود البحرية، التي كانت مقرّرة غداً ‏الاربعاء، ولكن من دون ان يتمّ تحديد موعد لانعقادها.‏

‏ ‏ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية عمن سمّته “مصدراً اميركياً رسمياً ‏يلعب دوراً في المفاوضات” قوله: “انّ الطاقم الاميركي الذي يلعب ‏دوراً بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي، قرّر التركيز حالياً على القيام ‏بجولات مكوكية بين الجانبين لتمهيد الطريق الى الجولة المقبلة”.‏

‏ ‏وكان لبنان قد تبلّغ بالوسائل الديبلوماسية تمنياً اميركياً بتأجيل جلسة ‏المفاوضات، بناء لرغبة الوسيط الاميركي السفير جون دو روشيه. وقد ‏تبلّغ لبنان خلال عطلة نهاية الاسبوع من السفارة الاميركية في بيروت ‏برغبة السفير دو روشيه بالقيام بجولة على كبار المسؤولين اللبنانيين ‏للتعرف اليهم ومناقشة ما آلت اليه المفاوضات، نتيجة ما يسمّيه ‏الجانب الاميركي بـ “المواقف المتصلبة” للطرفين وتمسك لبنان ‏بموقفه من الخط المقترح لترسيم الحدود البحرية.‏

‏ ‏وعلمت “الجمهورية”، انّ دوروشيه سيحضر الى بيروت في الثاني من ‏الشهر الجاري، في الموعد الذي كان مقرراً لاستئناف الجولة الخامسة ‏من المفاوضات، وقد أُعدّ له برنامج الزيارة الذي يبدأ بلقاء مع رئيس ‏الجمهورية، على ان تشمل الجولة مسؤولين حكوميين وعسكريين.‏

Leave A Reply