الإثنين, سبتمبر 30

التضخم الشاغل الأكبر للألمان .. نصفهم لم يعد بإمكانهم الادخار

تسببت الزيادات الحادة في الأسعار في جميع مجالات الحياة تقريبا في زيادة قلق مواطني ألمانيا بصورة تفوق أي شيء آخر، بما في ذلك الحرب الروسية في أوكرانيا، أو التغير المناخي، أو جائحة كورونا.

وأظهر استطلاع أجرته شركة الاستشارات الإدارية “ماكينزي” ونشرت نتائجه أمس، أن الشاغل الأكبر حاليا لنحو 57 في المائة من الألمان هو التضخم، وفقا لـ”الألمانية”.

ومقارنة باستطلاع مماثل تم في حزيران (يونيو) الماضي، قال 48 في المائة من الألمان “إن تطور الأسعار هو أكثر ما يثير قلقهم”، ويتوقع أكثر من ثلثي الذين شملهم الاستطلاع أن تستمر الأسعار في الارتفاع.

ووفقا لخبراء “ماكينزي”، فإن مسألة التضخم فاقت بالكامل، تقريبا، جميع المخاوف الأخرى التي كانت تساور الألمان في الأشهر الأخيرة إلى الوراء. وعلى سبيل المقارنة، ذكر 18 في المائة فقط أن حرب أوكرانيا مصدر قلقهم الأكبر، و6 في المائة تغير المناخ، و3 في المائة جائحة كورونا.

وقال ماركوس ياكوب، الخبير لدى “ماكينزي”، “يتزايد عدد الألمان الذين لا تفسح دخولهم حاليا أي مجال لاستهلاك يتجاوز ما هو ضروري للغاية”. وبحسب الاستطلاع، اضطر أكثر من ثلث المستهلكين بالفعل إلى الحد بشكل كبير من استهلاكهم للسلع غير الأساسية. وذكر أكثر من نصف المستطلعة آراؤهم أنه لم يعد بإمكانهم الادخار.

وقال ياكوب “هناك كثير مما يجري: أربعة من كل خمسة أشخاص في ألمانيا يغيرون حاليا بوعي سلوكهم في التسوق في ضوء الواقع الجديد الذي يرونه ويشعرون به في حساباتهم البنكية”، مشيرا إلى أن هناك اتجاها متزايدا لشراء منتجات من علامات تجارية رخيصة ومن متاجر المواد الغذائية منخفضة التكلفة. وذكر أكثر من 60 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أنهم يقللون عن قصد استهلاك الطاقة في المنزل، بينما ألغى 16 في المائة من الألمان خططهم للسفر خلال العطلة.

وتؤثر الأسعار المرتفعة أيضا في خطط عيد الميلاد “الكريسماس”، حيث ذكر 53 في المائة من الألمان أنهم يعتزمون خفض معدل تسوقهم في هذه المناسبة، بينما يعتزم 12 في المائة آخرون التخلي تماما عن التسوق في هذا الموسم.

وأشار الاستطلاع، الذي شمل نحو ألف شخص، إلى أن الألمان بوجه عام صاروا أكثر تشاؤما بشأن المستقبل بشكل ملحوظ، مقارنة بالمواطنين في فرنسا أو بريطانيا أو إيطاليا أو إسبانيا. وبحسب الاستطلاع، يتوقع جميع الألمان تقريبا أن تكون للأزمة الحالية آثار طويلة الأمد في الاقتصاد أو حتى ركود طويل.

على صعيد آخر، طالبت أوساط اقتصادية ألمانية المستشار أولاف شولتس، قبل زيارته المرتقبة الأولى للصين، بالدفاع عن مصالحها هناك ضد الحمائية الاقتصادية المتزايدة هناك.

وناشد اتحاد الصناعات الألمانية شولتس تقليل التبعية الألمانية أحادية الجانب، كما دعا اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية إلى تطبيق قواعد موحدة في الممارسات الاقتصادية في ضوء الوصاية من قبل السلطات الصينية، التي يشكو منها عديد من رجال الأعمال الألمان.

وطالب الاتحاد الألماني لتجارة الجملة بتوسيع التجارة الحرة مع دول أكثر صداقة. وقال زيجفريد روسفورم رئيس اتحاد الصناعات الألمانية “علينا الإسراع بتقليل التبعية أحادية الجانب، ألمانيا تعتمد الآن بشكل كبير على الصين في عديد من المواد الخام المعدنية”.

وأشار إلى أنه، على النقيض من مجال النفط والغاز، لا توجد احتياطيات استراتيجية وطنية في ألمانيا للمواد الخام المعدنية. بدوره قال مارتن فانسليبن، رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية “الحمائية المتزايدة في الصين تمثل مشكلة من وجهة نظر الاقتصاد الألماني.. تميل الدولة نفسها إلى الاتجاه نحو العزلة (داخليا)، لكنها تريد أن تشارك بشكل أكبر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك هنا في ألمانيا”.

وأضاف أنه “من المهم للغاية أن يدافع المستشار عن تطبيق قواعد متماثلة على نحو تبادلي، أي المعاملة بالمثل، ويجب على أوروبا أيضا أن تتبنى هنا موقفا واضحا”.

ويرى اتحاد الصناعات الألمانية الأمر بشكل مماثل للغاية، حيث قال روسفورم “من المهم بالنسبة إلى ألمانيا بصفتها دولة مصدرة أن تكون هناك سياسة تجارية استباقية للاتحاد الأوروبي، خاصة في ضوء الأسواق النامية بصورة قوية في منطقة آسيا-الباسفيك”.

كما دعا الاتحاد الألماني لتجارة الجملة إلى تعزيز التعاون مع الدول الأخرى، وقال ديرك ياندورا رئيس الاتحاد “إذا أرادت الحكومة الألمانية تقليل الاعتماد على الصين، فعليها تحسين العلاقات التجارية بشكل كبير مع دول أخرى، نحتاج في النهاية إلى اتفاقيات تجارة حرة مع شركاء مهمين في منطقة عبر الأطلسي ودول ميركوسور، وكذلك أيضا مع الهند ودول أخرى في شرق وجنوب شرق آسيا”.

وأضاف “يجب كذلك تطوير استراتيجيات تجارية جديدة، “على سبيل المثال لإفريقيا”.

إلى ذلك، بدأ عمال تابعون لإحدى أكبر النقابات في ألمانيا، “آي جي ميتال”، سلسلة من الإضرابات “التحذيرية” في قطاعي المعادن والكهرباء أمس، مطالبين بزيادة الأجور بنسبة 8 في المائة.

وأضرب العمال في عدد محدد من المصانع عن العمل بمجرد انتهاء المهلة الممنوحة لأرباب العمل في منتصف الليل، بحسب نقابيين محليين. وفي ولاية شمال الراين-ويستفاليا وحدها، تم تحديد ستة مصانع لتنفيذ الإضراب لبضع ساعات في كل منها.

وفي أحد المواقع في بلدة هاجن الصغيرة، تجمع ما يقرب من 150 عاملا للتظاهر، وأضرب نحو مائة إلى 110 عمال في مدينة بيلفيلد. وأضرب العمال في شركة تصنيع المعادن apt Extrusions عن العمل تماما بحلول البارحة، بحسب كاتي كولر، إحدى أمناء النقابة.

وشارك في الإضراب ما يراوح بين 60 و70 موظفا في الشركة، وتم التخطيط لمزيد من الإضرابات في جميع أنحاء ألمانيا. وفي ولاية بادن-فورتمبرج تم تعليق العمل لفترة محدودة في مورد السيارات “كولبنشميت” في نيكارسولم.

ودخلت النقابة مفاوضات المساومة الجماعية للعاملين في قطاعي صناعة المعادن والكهرباء الألمانية في منتصف يوليو الماضي، وطالبت بزيادة الرواتب 8 في المائة لـ3.9 مليون موظف على مدار 12 شهرا، في ضوء التضخم المرتفع والأرباح القوية للشركات.

وفي المفاوضات الإقليمية التي عقدت حتى الآن، عرض أرباب العمل مدفوعات معفاة من الضرائب لمرة واحدة بقيمة ثلاثة آلاف يورو لكل موظف، إضافة إلى زيادة غير محددة في هيكل الأجور على مدى 30 شهرا.

Follow Us: 

Leave A Reply