جاء في صحيفة ” الجمهورية ” : إنقضى الاسبوع الاول على الفراغ الرئاسي ويبدأ اليوم الاسبوع الثاني الذي سيشهد الخميس أولى جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد في مرحلة الفراغ، والتي تأتي بعد صرف النظر عن الدعوة إلى الحوار التي كان سيطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وذلك تحت وطأة إصرار بعض الكتل النيابية ومن خلفها قوى سياسية، على أولوية انتخاب الرئيس، طالما انّ الغاية من الحوار هي البحث في الاستحقاق الرئاسي، توصلاً للاتفاق على شخص الرئيس العتيد. وإزاء هذا الواقع، دعا البابا فرنسيس السياسيين اللبنانيين إلى «تنحية… مصالحهم الشخصية» والتوصل إلى اتفاق لملء فراغ السلطة. وقال البابا في مؤتمر صحافي على متن الطائرة التي أعادته من البحرين «أستغل (هذه اللحظة) لمناشدة السياسيين اللبنانيين: عليكم تنحية مصالحكم الشخصية والالتفات إلى البلد والتوصّل إلى اتفاق». وأضاف :»لا أريد أن أقول +أنقذوا+ لبنان، لأننا لسنا منقذين. ولكن أرجوكم: إدعموا لبنان، ساعدوه كي يخرج من هذا الوضع السيئ. دعوا لبنان يستعيد عظمته»، مشيراً إلى أنّ هناك «سبُلاً» لذلك. وأكّد أنّ لبنان «كريم جداً ويعاني»، مشيراً إلى شعوره بـ»الألم» أمام الأهوال التي يمرّ فيها البلد، حيث بات يعيش 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقالت مصادر نيابية بارزة لـ»الجمهورية»، انّ جلسة الخميس ستشكّل اختباراً لنيات كل الداعين إلى انتخاب رئيس، والذين لم يؤيّدوا الحوار المسبق تمهيداً للاتفاق على هذا الرئيس، فيما كل المؤشرات تدلّ إلى انّ هذه الجلسة قد تلقى مصير سابقاتها الاربع، حيث لم يظهر حتى الآن انّ هناك تلاقياً على مرشح معيّن، وأنّ اياً من الكتل والقوى السياسية لا يملك الاكثرية التي تمكّنه من توفير النصاب المطلوب للجلسة وهو اكثرية الثلثين، وكذلك لا يملك الاكثرية التي تمكّنه من إيصال مرشحه إلى سدّة الرئاسة حتى بالأكثرية المطلقة.
وفي ظلّ هذا الواقع، تبدو الدعوات الى انتخاب رئيس بلا صدى، خصوصاً مع استمرار التباعد بين المواقف إزاء الاستحقاق الرئاسي، في الوقت الذي يعوّل على بعض الدعوات الخارجية، في ظل اقتناع بأنّه لا يمكن لمسيرة وضع البلاد على سكة الانفراج ان تنطلق الّا بانتخاب رئيس جمهورية جديد ومن ثم تأليف حكومة جديدة حتى تكمل السلطة الجديدة وتباشر ورشة العمل لمعالجة الأزمات والانهيارات التي يعيشها لبنان على كل المستويات.
الأفق مسدود
أكّدت اوساط سياسية قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ»الجمهورية»، انّه سيستمر في تأدية واجبه في الدعوة إلى جلسات متلاحقة لانتخاب رئيس الجمهورية، ولكنها لفتت إلى «انّ الأفق لا يزال مسدوداً وبالتالي لا إمكان لإتمام هذا الاستحقاق قريباً، وسط العجز الداخلي والتعقيدات الخارجية».
وأبدت هذه الاوساط انزعاجها واستياءها من تعطيل طاولة الحوار الوطني التي كان يعتزم بري الدعوة اليها، سائلة الذين عطّلوها: «ما هو بديلكم منها وسط الفراغ السائد؟».
وفي سياق متصل، قالت مصادر على صلة بالاستحقاق الرئاسي لـ»الجمهورية»، انّ «ما يزيد الأمور صعوبة هو انّ الوضع الاقليمي – الدولي غير مؤآتٍ لانتخاب الرئيس في الظرف الحالي، وإذا كانت التسويات في المنطقة ستُؤجّل، فليس متوقعاً ان يشكّل الملف اللبناني استثناء، الّا في حال استطاع اللاعبون المحليون لبننة قرار اختيار رئيس الجمهورية، الأمر الذي يبدو مستبعداً بسبب الانقسامات الداخلية الحادة والمؤثرات الخارجية».
بري والتوافق
وقال بري في دردشة مع صحافيين امس: «حاولت استمزاج آراء جميع الكتل قبل توجيه الدعوات إلى الحوار رسمياً، وبعد ان أوضحت كتلتان أساسيتان هما «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» رفضهما لفكرة الحوار تراجعت عن الموضوع». واضاف: «التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي. وقد أعلنت انّه ستكون هناك جلسة انتخابية كل أسبوع، وعلى الأطراف ان تتشاور خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة والأخرى للوصول إلى التوافق».
ورداً على سؤال حول اسم مرشح كتلة «التنمية والتحرير» لرئاسة الجمهورية، قال بري: «أجدّد تأكيد المواصفات التي حدّدتها في خطاب ذكرى تغييب الأمام الصدر في صور من دون نقصان، وهذه المواصفات هي ان يكون الاسم صاحب حيثية اسلامية ومسيحية ووطنية، وان يكون عامل جمع وليس تفرقة».
لا مرشح تحدٍ
والتقى بري مساء امس رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط الذي قال بعد اللقاء: «اتفقنا والرئيس برّي على أن لا يكون هناك مرشح تحدٍ». وأشار إلى أنّ «برّي لم يتراجع عن الحوار، ولكن بعض الأفرقاء مع الأسف رفضوا الحوار وهذا خطأ». وأضاف: «أهمّ شيء أن نصل إلى الاستحقاق ونستعرض الأسماء، ومرشحنا ميشال معوّض، وثمّة أفرقاء آخرين، فليتمّ التداول بأسماء أخرى وقد يكون معوّض أحدهم». ولفت إلى أنَّ «التواصل مستمر مع الصديق والحليف والتاريخ. وأخيرًا في إمكاننا تهنئة الرئيس بري على جهوده في الترسيم بعد 9 سنوات».
المملكة و»الطائف»
نجحت المملكة العربية السعودية في تسليط الضوء على «اتفاق الطائف» من خلال مؤتمر «الطائف 33» الذي نظّمته في الأونيسكو يوم السبت المنصرم لمناسبة مرور 33 عاماً على إقرار «اتفاق الطائف»، وتولّت توجيه الدعوات إليه والإشراف على كل تفاصيله، وقد أرادت توجيه ثلاث رسائل من خلاله:
ـ الرسالة الأولى، إلى المجتمعين الدولي والإقليمي، انّ «اتفاق الطائف»، بالنسبة إلى المملكة، هو من الخطوط الحمر التي لن تسمح بتجاوزها، ولن تتساهل في التصدّي لأي مسعى لاستبدال هذا الاتفاق، وهذا ما يفسِّر ردّ فعلها على دعوة السفارة السويسرية. وقد كشف سفيرها الدكتور وليد البخاري انّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكّد غياب أي نية لباريس بالبحث في عقد اجتماعي جديد للبنان.
ـ الرسالة الثانية، إلى اللبنانيين، انّ المملكة متمسكة بـ»اتفاق الطائف» وتنفيذه، وكل الكلام عن تخلّيها عن لبنان غير صحيح إطلاقاً، وانّ الأزمات اللبنانية سببها الخروج عن هذا الاتفاق الذي يشكّل الالتزام به الطريق الوحيد نحو الإنقاذ.
ـ الرسالة الثالثة، إلى كل من يهمّه الأمر، انّ المملكة لن تسمح بأي صفقة دولية وإقليمية على حساب لبنان، وانّ إعادة تفويضه لدولة ثانية غير مطروح بتاتاً، وانّ كل منطق المقايضات ساقط بالنسبة إليها.
وقد دلّ مؤتمر الأونيسكو إلى المكانة السعودية في لبنان ودورها المتقدِّم الذي لا تنافسها عليه اي دولة أخرى، كما دلّ في توقيت انعقاده إلى انّ المملكة أرادت ان تضرب عصفورين في حجر واحد: عصفور تمسّكها بالطائف، وعصفور التزام اي مرشّح لرئاسة الجمهورية بالدستور كشرط أساس لانتخابه رئيساً، ودلّ أيضاً وأيضاً، انّ انكفاء الرياض المدروس في المرحلة السابقة كان هدفه توجيه رسالة واضحة من انّ دعمها للبنان مشروط بالتقيُّد بالطائف.
فالتوقيت إذاً يتعلّق بالانتخابات الرئاسية، وبعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون مباشرة، ويشكّل هذا المؤتمر دخولاً قوياً على هذا الاستحقاق، بما يجعل المملكة الناخب الأقوى لسببين أساسيين: الأول بفعل التفويض الأميركي والفرنسي المعطى للرياض بإدارة الملف اللبناني وإنجاز الاستحقاق الرئاسي، والثاني بفعل تواصلها مع مختلف مكونات المعارضة، خصوصاً انّ جلّ ما تريده السعودية من لبنان تطبيق الدستور، ولا تريد شيئاً لنفسها، ولا تبحث عن سياسة سعودية في لبنان او غيره، إنما تعمل على إعادة لبنان إلى حاضنته العربية، وان يكون «اتفاق الطائف» السقف الذي يتوحّد حوله الشعب اللبناني.
ولا شك في انّ العواصم المعنية بلبنان والقوى السياسية على اختلافها قرأت جيداً مغزى الرسائل السعودية التي تُختصر في ثلاث لاءات: لا لاستبدال «اتفاق الطائف»، لا لاستمرار الانقلاب على «اتفاق الطائف»، لا لرئيس للجمهورية لا يلتزم «اتفاق الطائف».
فرنجية والسعودية و»الطائف»
على انّ هذا المؤتمر الذي صادف الذكرى الـ 33 لتوقيع «اتفاق الطائف» خرقه أمران ملفتان هما: حضور الأخضر الابراهيمي كعرّاب للاتفاق، وحضور رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على رأس وفد من تياره ضمّ عدداً من الوزراء ومسؤولي القطاعات، متحرّراً من بعض القيود السياسية التي يحاول البعض تسويقها وتصويره على انّه عالق بها او اسير لها وعاجز عن الحركة بسببها.
وقالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية»، انّ فرنجية تلقّى دعوة إلى حضور هذا المؤتمر ولبّاها، وأثبت أن ليست لديه عقدة في الانفتاح على المملكة العربية السعودية، وقد لبّى هذه الدعوة التي جاءت في لحظة سياسية معينة، حيث المواجهة محتدمة على المستوى الاقليمي عموماً وبين السعودية وايران خصوصاً، فأراد من حضوره إثبات إيمانه بعروبة لبنان وبالهوية العربية اسوة بأسلافه، وإيمانه بـ»اتفاق الطائف» الذي كما قال بعد مشاركته في المؤتمر إنّه امضى شبابه في ظل هذا الاتفاق. كذلك أراد فرنجية إثبات انّه مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية تحت سقف ثوابته وقناعاته، وليس مرشحاً فئوياً بعيداً من لغة الاصطفافات في لحظة مصيرية من تاريخ لبنان.
وقد لوحظت حفاوة الاستقبال لفرنجية من جهة منظمي المؤتمر، وكان لافتاً الحديث الودي الذي دار بينه وبين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وقد آثر فرنجية الحضور والاستماع للمتكلمين حتى آخر لحظة من المؤتمر. كذلك لوحظ اصغاؤه الشديد الى مضمون الكلمات.
البابا و»لبنان المتعب»
في المواقف، استذكر البابا فرنسيس لبنان، قببل ساعات من مغادرته البحرين. وقال في كلمة ألقاها خلال لقاء مع الأساقفة والكهنة والعاملين الرعويين في كنيسة القلب المقدس في المنامة: «إذ أرى المؤمنين من لبنان الحاضرين، أؤكّد صلاتي وقربي، خصوصاً من ذلك البلد الحبيب والمتعب الذي يمرّ بمحنة، ومن كل الشعوب التي تتألم في الشرق الأوسط».
حاكم الجمهورية
وفي غضون ذلك، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظة الاحد من بكركي: «إننا نتطلع إلى أن يتقدّم الحوار بين المسيحيين والمسلمين، ويُترجم شراكة في الإنسانية والوطنية، خصوصاً على أرض لبنان، أرض «الشركة والمحبة». واعتبر انّ «الباب هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حفاظاً على الكيان، في وجه الذين يبحثون عن كيانات أخرى سياسية وحزبية ومذهبية وشخصية لهم لا للبنان. فليكن واضحاً، أن لا أولوية على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية». واضاف: «ليس رئيس الجمهورية لزوم ما لا يلزم، وليس حاجب الجمهورية، بل هو حاكم الجمهورية والمشرف على انتظام عمل مؤسساتها». وتوجّه إلى النواب قائلاً: «إذا كنتم أحراراً في قراراتكم، فجريمة ألّا تفرجوا عن قراركم الحر، وتنتخبوا رئيساً جديداً حراً. ثم ما قيمة تمثيلكم للشعب، إذا لم يكن على رأس الجمهورية رئيس؟».
الرئاسة وظيفة
ودعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، في قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس: «النواب، خصوصاً المسيحيين منهم، الى ان «يجتمعوا ويختاروا رئيساً قادراً على إطلاق ورشة الإصلاح، رئيساً لا يريد شيئاً لنفسه ويعتبر الكرسي مقعداً موقتاً يغادره عند انتهاء المهمة، والرئاسة وظيفة يتممها بنزاهة وصدق ومخافة الله. ثم تُشكّل حكومة وتطلق ورشة العمل الجاد في سبيل انتشال لبنان من ركامه، وإعادة الكرامة المسلوبة إلى هذا البلد وأبنائه».
«حزب الله»
وقال نائب الامين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في حوار مع وكالة «فارس» الايرانية: «انّ «حزب الله» لم يدعو خلال هذه الفترة إلى تعديل أو تغيير النظام السياسي المرتبط باتفاق الطائف نظراً للحساسيات الموجودة في لبنان، ولأنَّ المشكلة ليست أساساً في التعديل أو عدمه، وإنما فلنطبّق أولاً ما ورد في الطائف وبعد ذلك نرى إذا كان المطلوب إجراء تعديلات أم لا».
ورأى «أنَّ أول خطوة من خطوات الإصلاح هي انتخاب رئيس للجمهورية، وثاني خطوة هي تشكيل حكومة لبنانية، وثالث خطوة هي إقرار خطة الإنقاذ أو التعافي أو الإصلاح».
وفي شأن الفراغ الرئاسي الحاصل في لبنان أوضح قاسم: «أنّ المطلوب أنْ يتمّ الاتفاق بين عدد من الكتل لإنقاذ لبنان في هذه المرحلة ولإنجازالاستحقاق الرئاسي».، وقال: «الأمر يحتاج إلى بعض الوقت وبعض الاتصالات وفي النهاية لا بدّ أن نصل إلى حل».
طائف مالي
وأكّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في تصريح، أنّ «اتفاق الطائف ضرورة وطن ودولة، ونهاية حرب، ومن وقتها فتح باباً للبنانيين لبداية قوية في الإصلاح السياسي، والهدف دولة المواطنة. فالطائف ضرورة إنقاذية لها ما بعدها، وحمايته تبدأ وتنتهي بمجلس النواب، ولكن إنتاجية الطائف بحاجة لشراكة دستورية نوعية وقفزة إصلاحات، أولها استئصال الطائفية السياسية»، وقال: «لبنان اليوم في أمسّ الحاجة لطائف مالي نقدي، وأما العيش المشترك فلا يحتاج إلى طائف جديد».
ميقاتي والرئيس القبرصي
من جهة ثانية، وفي اول لقاء له بعد وصوله إلى مصر للمشاركة في قمة المناخ التي تبدأ أعمالها اليوم في شرم الشيخ بدعوة مشتركة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمم المتحدة، إلتقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الرئيس القبرصي نيكوس اناستاسيادس، وأكّدا على «اهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وضرورة تطويرها في كل المجالات، لا سيما في مجال الطاقة». وفيما شدّد الرئيس القبرصي «على ضرورة متابعة ملف الترسيم البحري بين البلدين الذي توقف عام 2007»، شدّد ميقاتي من جهته «على العمل من قِبل وزير النقل اللبناني لمتابعة نتائج زيارة الوفد القبرصي الى لبنان قبل أيام»، مؤكّداً «أن لا عراقيل في هذا المجال». وشكر ميقاتي «الرئيس القبرصي على التعاون في مجال البيئة، لا سيما لجهة توقيع اتفاقية التعاون في مجال مكافحة الحرائق». وتمنّى «زيادة الاهتمام بوضع رجال الأعمال والشركات اللبنانية في قبرص».
وفي معلومات «الجمهورية»، أنّه ستكون لميقاتي مجموعة من اللقاءات مع رؤساء وفود عربية واوروبية وهيئات أممية ودولية، مخصّصة للبحث في القضايا اللبنانية وتردّداتها الاقليمية والدولية، وخصوصاً ما يتصل منها بملفي الطاقة والنازحين، حسب ما تردّد على هامش المؤتمر.