عادت أخبار “داعش” إلى الواجهة في لبنان خلال الأشهر الأخيرة، مع إعلان الجيش اللبناني عن سلسلة عمليات أمنية أسفرت عن توقيف خلايا مرتبطة به، منها من كانت تتهيأ لتنفيذ مخططات إرهابية.
قبل أيام، أعلنت قيادة الجيش، مديرية التوجيه، أنه “بتاريخ 18 أكتوبر أوقفت دورية من مديرية المخابرات المواطن (أ.خ.) لانتقاله، بتاريخ 20 ديسمبر 2021، إلى سوريا بهدف الالتحاق بتنظيم داعش الإرهابي والقتال إلى جانبه”.
ولفتت في بيان إلى أن (أ.خ.) عاد خلسة إلى لبنان وقام بتجنيد أشخاص لمصلحة التنظيم، وإرسال بعضهم إلى مناطق النزاع، وتحضير البعض الآخر لارتكاب اعتداءات في الداخل اللبناني، وذلك من خلال إعدادهم ذهنياً وجسدياً، وشراء أسلحة ورقنابل يدوية لهم كي ينفذوا مخططاته.
وقد تمكنت المديرية من توقيف المتورطين معه، وعلى رأسهم المدعو (ع.ر.)، الذي كان يتهيأ لتنفيذ مخطط إرهابي، مؤكدة أن التحقيقات مستمرة مع الموقوفين تحت إشراف القضاء المختص.
وفي سبتمبر الماضي، أفادت المديرية أنها أحالت على القضاء المختص، عناصر خلية إرهابية أُوقفوا في إحدى بلدات البقاع الغربي بعد سلسلة عمليات أمنية نفذتها المديرية في المنطقة المذكورة، حيث ضبطت بحوزتهم أسلحة وذخائر حربية، وقد تبين ارتباط أفرادها بإحدى التنظيمات الإرهابية، وتنفيذهم رمايات وتدريبات عسكرية في جرود المنطقة، وتخطيطهم لضرب مراكز عسكرية وتبادلهم صوراً جوية لتلك المراكز، ويديرهم أحد الأشخاص الموجودين خارج الأراضي اللبنانية.
وقبل توقيف الخلية الإرهابية في البقاع، تم توقيف خلية إرهابية تنتمي لداعش في جنوبي البلاد، في شهر أغسطس، حيث أفادت المديرية العامة لأمن الدولة في النبطيّة أن “الخلية سبق لها أن قاتلت في سوريا، وانتقلت إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة”، مضيفة في بيان أن “أفراد الخلية كانوا يقيمون أثناء إيقافهم في إحدى القرى الحدودية جنوبي البلاد وتابعت عملها في المراقبة الأمنيّة للمنطقة، بالإضافة إلى قيامها بإدارة شبكة لترويج العملة الأجنبية المزيّفة والمخدّرات، بهدف تمويل عملها ومهامّها الموكلة إليها، والتي لا تزال التحقيقات جارية لكشف خيوطها وأهدافها”.
وكانت طفت على السطح، العام الماضي، أخبار اختفاء عدد من شبان طرابلس، شمال لبنان، أغلبيتهم ما دون العشرين عاما، لتتلقى بعدها عائلاتهم اتصالاً منهم يطلعونهم من خلاله أنهم في العراق، قبل أن يُقتَل عدد منهم، وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بهم.
أبرز الإشكاليات
أحد المتورطين الذين تم توقيفهم قبل أيام هو ابن طرابلس، ومعتقل إسلامي سابق، يدعى أيمن الخواجة، يبلغ من العمر 30 عاما، بحسب ما يقوله مستشار مركز البحوث حول الإرهاب في باريس، بديع قرحاني، شارحاً “كان من ضمن المجموعة التي غادرت لبنان للانضمام إلى صفوف التنظيم، حيث قتل قسم منها في العراق في حين لا يعرف شيئا عن الذين توجهوا إلى سوريا، وبعد عودته إلى لبنان أوقفته مخابرات الجيش، وبحسب التحقيقات التي أجريت معه، تبين أنه لم يتم تحديد الهدف الذي كانت ستجري مهاجمته، وإن كان يرجح أن يكون الجيش اللبناني بحسب ما عودنا داعش”.
يشدد قرحاني في حديث لموقع “الحرة” على أن “تجنيد الشبان يهم داعش أكثر من لبنان، وما يساعده في ذلك الوضع المعيشي الصعب، حيث تجاوزت رواتب من جرى تجنيدهم الـ1000 دولار، ومع ذلك فإن عمليات تجنيده للشبان شمال لبنان تراجعت نتيجة عدم إيجاده بيئة حاضنة له، إضافة إلى نشاط الأجهزة الأمنية وتحديداً مخابرات الجيش التي ترصده بدقة وتقوم بضربات استباقية ضده، عدا عن تلقيه ضربات متتالية في العراق وسوريا”.
كذلك أكد الشيخ نبيل رحيم أن أحد الموقوفين مطلوب للدولة اللبنانية، وقد أوقف بعد عودته من تركيا، “حيث اعترف خلال التحقيق معه على عدد من الأشخاص، فجرى توقيفهم كذلك”.
ويرى الشيخ في حديث لموقع “الحرة” أنه “ليس لدى المتورطين القدرة على تنفيذ أي مخطط إرهابي”، كما عبّر عن شكوكه حول وجود خلايا في لبنان مرتبطة تنظيمياً بداعش، ويقول: “ليس لهذا التنظيم موطئ قدم أو حاضنة شعبية في هذا البلد، ما نسمعه مجرد تهويل، فحتى عمليات التجنيد التي جرى الحديث عنها قبل فترة، اقتصرت على إقناع شبان من خلال الإنترنت عبر رسائل وإصدارات، من دون وجود أشخاص على الأرض يقومون بهذه المهمة، والقوى الأمنية تعلم ذلك”.
من جانبه، لم يستبعد الناشط السياسي والخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد الأيوبي، “تكليف اللبنانيين الذين تدربوا على يد عناصر من داعش في سوريا والعراق القيام بمهمات داخل وطنهم أو خارجه، كونهم أصبحوا جنوداً وجزءاً من منظومة التنظيم”.
لكن العدد الإجمالي لهذا النوع من تحركات التنظيم في لبنان، كما يعتبر الأيوبي في حديث مع موقع “الحرة”، بسيط وغير مؤثر عملياً، ويتعرض للإحباط والاحتواء المسبق، من قبل الأمن اللبناني.
ووفقا للأيوبي، يعود ذلك إلى “سببين رئيسيين: الأول، عدم قدرته على تجنيد عدد كبير من الشبان اللبنانيين نتيجة ارتفاع منسوب الوعي لدى المواطنين، لا سيما وأن من قصد سوريا أو العراق للقتال في صفوفه تبين له أنه كان موهوماً فيما يتعلق بالقضية التي سيدافع عنها، وبأنه تمت المتاجرة بدمائه، أما السبب الثاني خبرات الأجهزة الأمنية، التي أصبحت كبيرة جداً في هذا المجال، حيث باتت تعلم أساليب عمل هذه التنظيمات”.
تحت عنوان “ذهول لبنان من عودة المتشددين من سوريا”، نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، تقريراً، في أغسطس الماضي، أشارت خلاله إلى أن “نحو 1000 لبناني التحقوا بصفوف التنظيمات المتشددة في سوريا، وأن عودتهم إلى بلدهم تشكّل مصدر قلق كبير للسلطات، وأن ما يقارب من الـ 300 مقاتل سابق يريدون العودة، إلا أن السلطات اللبنانية مترددة إلى حد كبير في إعادتهم وعائلاتهم المعتقلين إلى أوطانهم”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في ظل عدم وجود إطار قانوني لعودة المقاتلين، “يمكن أن يقضوا فترات طويلة في السجن من دون محاكمة، ما يعني خطر تشجيعهم على العودة في بعض الأحيان لنشاطهم الذي يمثل خطراً محدقاً بأمن البلاد واقتصادها المتردي”.
الإشكالية الأبرز، كما يشدد الأيوبي، فيما يتعلق بتجنيد الشبان اللبنانيين من قبل داعش، هي “التسهيلات” التي يحظون بها على الحدود اللبنانية السورية، ويوضح: “الجميع يعلم أن من يسيطر على الحدود هي منظومة النظام السوري وحزب الله، ما يطرح علامات استفهام عن أسباب هذه التسهيلات، فكيف يمكن لهؤلاء الشبان الاختراق ولصالح من؟”.
كما تطرق قرحاني إلى عملية الالتباس التي تحيط بمغادرة المنضمين إلى داعش لبنان، شارحاً أن الشبكة الأخيرة التي قصدت العراق قام بعض أفرادها بالسفر جواً عبر مطار رفيق الحريري الدولي والبعض الآخر براً عبر الحدود اللبنانية السورية، ما يشير إلى أن شبكة التهريب أخطر من الشبكة الإرهابية ذاتها.
لذلك شدد قرحاني على ضرورة ضبط الحدود، ليس فقط فيما يتعلق بالإرهاب، بل أيضاً بالمخدرات، “فكل المعلومات تشير إلى أن مصانع الكبتاغون يجري إعدادها في الأراضي السورية قبل نقلها إلى الأراضي اللبنانية”.
أما رئيس مركز “الشرق الأوسط للدراسات”، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، فيرى أن خطر داعش لا يزال مستمراً، ويقول: “التنظيم متواجد بقوة في الأراضي السورية التي يعتبر لبنان امتداداً لها، حيث أن خلاياه النائمة تنتظر التعليمات والأوامر كي تتحرك وتضرب الأهداف التي تحدد لها سواء كانت دينية أم عسكرية أم سكانية”.
ويشرح في حديث لموقع “الحرة” “تراجعت البيئة الحاضنة لداعش إلى أدنى حد في الضنية والبقاع الغربي بعد أن كان لها موطئ قدم هناك، حيث جرى تغذيتها من خلال حملات التحريض على المنابر الدينية والسياسية، قبل أن تضمحل نتيجة رفض المواطنين للإرهاب الذي هو كالسمك، فكما أن السمك لا يعيش من دون ماء فإن الإرهاب لا يعيش من دون بيئة حاضنة”.
أداة للصراع الجديد
في فبراير الماضي، حذر وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، من أن “القاعدة وداعش والجماعات المنتسبة لهما لا تزال تعتبر تهديدات خطيرة، فيما تتزايد الهجمات الإرهابية القائمة على كراهية الأجانب والعنصرية والتعصب”، كما حذر من أن الفروع الإقليمية لداعش خارج سوريا والعراق “استمرت في التوسع على نطاق وسرعة مقلقين، بفضل انتشار الأسلحة التقليدية وغيرها، لاسيما في أماكن الصراع الهشة”.
وقدّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة أعداد مقاتلي تنظيم “داعش” المنتشرين على الحدود العراقية السورية بنحو 10 آلاف مقاتل، قائلاً، في إحاطة لمجلس الأمن خلال جلسته التي عُقدت تحت عنوان “الأخطار التي تهدد السلام والأمن الدوليين جرّاء الأعمال الإرهابية: “لا تزال الحدود بين العراق وسوريا معرّضة للخطر بشكل كبير. داعش مستمر في تهديد الأمن والسلام الدوليين على الرغم من هزيمته الإقليمية والخسائر التي تعرّضت لها قياداته”.
كما لقت إلى أن “قيادة داعش تحرّض أتباعها على تنفيذ الهجمات، وتحتفظ بالقدرة على توجيه ومراقبة تدفق الأموال إلى التابعين للتنظيم في جميع أنحاء العالم”.
وفي قراءة للموقع الجغرافي والواقع السياسي والأزمات في لبنان يمكن إدراك حقيقة مؤداها كما يقول الخبير الاستراتيجي، الدكتور أحمد الشريفي: “أن الحاضنة لداعش قد تكون موجودة، وإمكانيات استثمار الموارد البشرية متاحة جداً أمامه، لاسيما في ظل الانقسام السياسي والاجتماعي الواضح، الذي يمكن أن يعدّه التنظيم ثغرات للتغلغل إلى داخل المجتمعات، كما أن التوقعات تشير إلى أن انحسار التنظيم في العراق وتضييق الخناق عليه في سوريا، سيدفعه باتجاه لبنان”.
يشرح الشريفي في حديث لموقع “الحرة” أن “الموقع الجغرافي للبنان كإطلالة بحرية مهم جداً بالنسبة للتنظيم، فضلاً عن أنه جزء لا يتجزأ من معادلة أمن الطاقة. ومسألة منظمة غاز شرق المتوسط وترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان قد تشكل مورداً لإدارة الصراع المتوقع لاسيما في ظل صعود نتانياهو وتحالفه السياسي الذي قد يؤدي إلى إعادة النظر في قضية ترسيم الحدود التي لم يكن مقتنعاً بهاً، فإذاً نحن أمام أزمة متوقعة قد تنفجر في أي لحظة، وهناك أدوات، منها داعش الذي سيكون أداة في صراع الطاقة في المنطقة”.
ويضيف “الشرق الأوسط قابل لأن يكون خياراً يؤمّن أمن الطاقة لأوروبا والولايات المتحدة بعد الحرب في أوكرانيا وكبديل عن الغاز الروسي، ومنظمة غاز شرق المتوسط ستكون تلقائياً هدفاً استراتيجياً في توازنات صراع الطاقة في المنطقة، كل هذه المعطيات ستؤمن بيئة حاضنة للتنظيم الذي قد يظهر في لبنان، لاسيما في ظل انحسار دوره في سوريا، وفي العراق ربما يكون في مرحلة الضمور والاضمحلال، ولو كانت حكومة السوداني معقل رهان، لكنا نتحدث عن انهيار وانتهاء التنظيم في العراق”.
يتحرك مؤشر الإرهاب، في عام 2022 حتى الشهر قبل الأخير من السنة، نحو الانخفاض، مقارنة بعام 2021، كما يقول الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب.
ويشرح قائلا: “نحن نتحدث عن التنظيمات المحلية والإقليمية والعابرة للحدود والقارات، فالعمليات التي تقوم بها هذه التنظيمات باتت أقل بكثير من التي قامت بها في العام السابق، حيث انعكس مقتل زعيم تنظيم قاعدة الجهاد، أيمن الظواهري، وخليفة داعش، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، هذا العام، بصورة كبيرة على مصادر التنظيمين ومن ثم على المجموعات التي خرجت من رحمهما، وهما يسعيان من خلالها إلى تنفيذ عمليات مسلحة في دول كثيرة من دول العالم”.
لذلك لا يستبعد أديب في حديث لموقع “الحرة” محاولة تنفيذ داعش عمليات في لبنان، قائلاً أن “الخلايا التابعة له تتحرك بقوة وحيوية من أن أجل أن تختم هذا العام بعمليات لا تقل عن تلك التي قامت بتنفيذها العام السابق، فضلاً عن أن التنظيم يريد إيصال رسالة بخلاف الواقع والحقيقة أنه ما زال قوياً رغم خسارته لقيادات كثيرة، كما يريد من هذه المحاولات منح القوة لخلاياه وللمجموعات التي تعمل تحت لوائه، وقد تكون قيادته المركزية أعطت أوامرها لخلاياها في لبنان بتنفيذ عمل مسلح يستهدف لبنانيين بعيداً عن الانتماء الأيديولوجي أو حتى التوجه الفكري والفقهي لمن يتم استهدافه”.
لكن الأيوبي يرى أن خسارة داعش لجزء كبير من قيادته المركزية، أدت إلى تراجع سيطرته وتحكمه بمجموعاته “من هنا الاحتمالات كبيرة بأن يكون هؤلاء الأشخاص مخترقين فرعياً من قبل بعض الأجهزة أو بعض الجهات لتنفيذ عمليات في لبنان، لاسيما وأن هذا البلد ليس من أولوية داعش في الوقت الحالي”، مشدداً على أن ” الجيش يتعاطى بكثير من الحكمة والحزم لاحتواء وإحباط محاولات الاختراق”.
دعوة “لعدم النوم على الحرير”
في شهر يوليو 2021، حذرت الأمم المتحدة في تقرير، من أن تهديد الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة آخذ في التوسع والانتشار في العديد من مناطق العالم.
وأشار التقرير، الذي قدمه إلى مجلس الأمن فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة، المكلف بتتبع التهديدات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، من أن تلك الجماعات الأصولية تشكل تهديداً متزايداً في معظم أنحاء أفريقيا، وسوريا والعراق وأفغانستان.
يبحث داعش دائماً عن بدائل، التي قد تكون تتمثل، وفقا لأديب، في “استخدام أسلحة من نوع ما أو محاولة جمع أموال بطرق لا تستطيع ربما أجهزة الأمن أن ترصدها، وأعتقد أن الاتفاقية الأمنية التي جرى توقيعها بين لبنان وإسرائيل أزعجت كثيراً هذا التنظيم فأراد ضرب عصفورين بحجر واحد، أي محاولة ضرب لبنان لتوقيعه الاتفاقية وهذا الحجر سيصيب في ذات الوقت إسرائيل، فيظهر التنظيم للعالم أنه يواجهها كما يواجه العرب”.
ولا يستبعد أديب “تعاون مليشيات مسلحة في الداخل اللبناني مع داعش من أجل ضرب استقرار لبنان لتوقيعه هذه الاتفاقية، وكأن هذه الميليشيات المسلحة التي تقف أمام الدولة اللبنانية لا تريد أن تخاصمها أو تخاصم اللبنانيين، فأرادت أن توجه ضرباتها بيد داعش، وهذه القراءة قد تكون مبنية على أن هذه المليشيات المسلحة المتطرفة ذات الخلفية السنية لا تفرق كثيراً عن ميليشيات مسلحة متطرفة ذات خلفية أخرى قد لا تكون سنية أو قد لا تكون من خلفية فقهية، لكن كل من حمل السلاح خلافاً للقانون أو باسم الدين لقتل الآخر، قد يفعل أي شيء وكل شيء”.
البؤر المتوقع أن تندلع فيها أزمات وتعاني من هشاشة موقف اجتماعي تشكل حاضنة للتنظيم، بحسب ما يقول الشريفي، لذلك يتوقع ظهوره في لبنان من دون أن يستبعد إعادة نشاطه في مصر والجزائر “التي ربما تكون بشكل أو بآخر على محك الأزمات وإن كانت مستقرة ومتماسكة، ولكن إمكانية اختراقها واردة جداً”.
ورداً على إمكانية استعادة داعش لنشاطه في مصر علّق أديب “سبق أن حاول هذا التنظيم أن ينشط في الأراضي المصرية وتحديدا في الجزء الشمالي من سيناء، لكن أجهزة الأمن نجحت في ضرب البنى التحتية له حتى عاد أضعف مما كان عليه في بدايات عام 2013 وما تلاها، وبالتالي خطره على العالم أكبر من خطره على مصر، التي هدفت من مواجهته ليس فقط الحفاظ على أمنها القومي إنما على الأمن القومي العالمي إن جاز التعبير، على اعتبار أن القيادة السياسية والأمنية المصرية تدرك خطورة هذه التنظيم ليس فقط على شعبها فحسب، بل على الإنسان عموما أيا كان وأيا كانت جنسيته”.
خلال اجتماع عقده قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، قبل أيام، مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة بحضور أعضاء المجلس العسكري، تناول آخر التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية، وزوّد الحاضرين بالتوجيهات اللازمة في مواجهة التحديات التي يمر بها لبنان، مشدداً على أنه “لن نسمح باستغلال الوضع وتحوُّل وطننا إلى ساحة مفتوحة لأي حوادث أمنية أو تحركات مشبوهة. ممنوع الإخلال بالأمن، لأنه من الثوابت الأساسية للجيش وسيبقى كذلك”.
وأضاف أن “الوضع الأمني ممسوك، وحماية لبنان مسؤوليتنا. لم نقبل سابقاً أي مساس بالأمن والاستقرار ولن نقبل به اليوم”، وتوجّه إلى العسكريين بالقول: “بفضلكم لا يزال الجيش متماسكاً ولا يزال لبنان صامداً. لقد شكّك كثيرون بقدرة المؤسسة على اجتياز هذه المرحلة ووجّهوا إليها اتهامات وانتقادات باطلة وراهنوا على سقوطها وانتزاع محبّة اللبنانيّين لها عن طريق استغلال بعض القضايا والأحداث. لكنّكم واجهتهم هذا التجني بثباتكم وعزيمتكم ومعنوياتكم، وأثبتّم بأدائكم واحترافكم أنكم على قدر المسؤولية، وأهلٌ للثقة المحلية والدولية، وقد ظهر ذلك من معركة فجر الجرود التي خضتموها وكنتم أبطالها وانتصرتم فيها بفضل تضحياتكم ودماء الشهداء والجرحى…”.
وكان الجيش اللبناني خاض، في عام 2017، معركة أطلق عليها “فجر الجرود” ضد “داعش”، انتهت بتحريره الأراضي الشرقية المحاذية للحدود مع سوريا، واليوم يتعاطى الجيش اللبناني كما يقول الأيوبي: “بكثير من الحكمة في ملف داعش، وانفتاحه على دار الفتوى وبعض الجهات الدينية وتسليمه قبل فترة بعض القصّر الذين قرروا الذهاب إلى سوريا، هو مسار جيد لتخفيض منسوب الاختراق من قبل المجموعات المتطرفة”.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه الشيخ رحيم أن الوضع مستتب والأمن متماسك، إلا أنه يخشى من “مشاكل ذات طابع سياسي أو فردي أو عائلي وليس ذات طابع إرهابي”، ويضيف جابر “إذا كانت الأجهزة الأمنية تترصد خلايا داعش للانقضاض عليها، إلا أن ذلك لا يجب أن يجعلنا ننام على حرير، فالتجارب أثبتت أن هذا التنظيم مدرب ومنظم بشكل كبير، ويعرف جيداً تحديد هدفه وتوقيت ضرباته”.
Follow Us:
أسرار شبارو – الحرة