الثلاثاء, نوفمبر 5

نفاد بنوك الطعام في بريطانيا وسط تهافت على الجمعيات الخيرية

كشفت جمعية خيرية بارزة عن أن الإمدادات تنفد من بنوك الطعام، بعدما لجأ إليها نحو 320 ألف شخص طلباً للمساعدة في الأشهر الـستة الأخيرة وحدها.

وأوضحت مؤسسة “تراسل تراست” أن حاجة الأفراد إلى الطعام تتجاوز في الوقت الراهن ولأول مرة قيمة التبرعات، بحيث إن شخصاً من كل خمسة أفراد يحالون على شبكتها الآن هم من أسر عاملة، فيما ازداد عدد طرود الطوارئ التي يتم توزيعها أكثر من أي وقت مضى.

يشار إلى أن الأشهر الستة الأخيرة سجلت زيادة بنسبة 40 في المئة في عدد المتقدمين الجدد إلى بنوك الطعام، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

حملة “أطعموا بناة المستقبل” التي أطلقتها صحيفة “اندبندنت” تطالب الحكومة البريطانية بتقديم وجبات مدرسية مجانية لجميع الأطفال الذين يعيشون في حال فقر في إنجلترا، مع لجوء مزيد من الأهالي على نحو متواتر إلى بنوك الطعام للحصول على المساعدة خلال العطل المدرسية.

وتتوقع بنوك الطعام أن يكون “هذا الشتاء الأصعب حتى الآن”، محذرة من أن مستويات مخزونها من الأغذية آخذة في الانخفاض.

إحدى الأمهات العازبات أكدت لصحيفة “اندبندنت”، أنها “تحاول طوال الوقت بيع مقتنياتها، من أجل الحصول على 10 جنيهات استرلينية (نحو 11.4 دولار) فقط”. وقالت أخرى إنها انضمت إلى أحد النوادي المحلية كي يكون لديها مكان للتدفئة ولتحصل على كوب من الشاي مجاناً.

وكانت وزيرة الدولة البريطانية لشؤون التعليم غيليان كيغان، قد واجهت الأربعاء الفائت تحدياً في شأن ما تقوم به وزارتها فعلاً لمساعدة الأعداد المتزايدة من الأطفال الفقراء غير المؤهلين للحصول على وجبات مدرسية مجانية. وبعد الضغط الذي تعرضت له لتوسيع نطاق المخطط كي يشمل مزيداً من أطفال المدارس، رفضت كيغان مناقشة التغييرات بمختلف جوانبها، مكتفية بالقول بدلاً من ذلك لبرنامج “توداي” – الذي تبثه إذاعة “راديو 4” – إن المسألة “تبقى قيد البحث والمراجعة”.

تجدر الإشارة إلى أن عدد الأطفال المؤهلين للحصول على وجبات مدرسية مجانية قد قفز إلى نحو مليوني تلميذ خلال السنة الحالية.

أشارت كيغان إلى أن الوجبات المدرسية المجانية كانت شغلها الشاغل أخيراً، وقالت إن “عدد الأطفال المحتاجين ارتفع في الواقع بنحو 300 ألف طفل في العامين الأخيرين فقط”. وأضافت: “نحن في الحقيقة أمام واقع يشهد تزايد عدد الأطفال الذين باتوا يتلقون وجبات مدرسية مجانية – وهو في حدود مليون و900 ألف فرد – أي أكثر من ثلث مجموع الأطفال”.

وكان حزب “الديمقراطيين الأحرار” المعارض قد اتهم حزب “المحافظين” بـ”التقاعس عن العمل”، خصوصاً بعدما تم الكشف عن أن مزيداً من العاملين بدوام كامل يجدون مصاعب في شراء الطعام.

تتولى عائشة*، وهي أم لثلاثة أطفال، إدارة شركة تنظيف خاصة بها، اضطرت إلى اللجوء للحصول على المساعدة إلى مؤسسة “نورث كينزيغتون كوميونيتي كيتشن”.

ففي أسابيع العمل الجيدة، يتوافر لديها ما بين 20 و30 جنيهاً استرلينياً (نحو 23 إلى 34 دولاراً أميركياً) للطعام في الأسبوع، لكن تمر أسابيع أخرى لا يكون لديها أي مال.

وتقول في وصف الوضع الذي تعيشه إن “كل شيء بات أغلى ثمناً ولا سيما كل يتعلق بشراء الطعام والحفاضات وحليب الأطفال. إنني أستخدم عداد طاقة مسبق الدفع، وأجد نفسي مضطرة إلى الدفع من أجل إعادة شحنه كل بضعة أيام. كنت أقوم بذلك مرة في الأسبوع، أما الآن فأكرر الأمر كل يومين أو ثلاثة أيام”.

تخلت عائشة عن استخدام الفرن في مطبخها كالسابق، وهي تسعى إلى الخروج من منزلها لتوفير الكهرباء. وتقول في هذا الإطار: “أذهب ما أمكن، إلى الكثير من المراكز الخاصة بمجموعات لعب الأطفال (لقاءات منتظمة للأطفال الصغار الذين لم يبدأوا المدرسة وأولياء أمورهم) للخروج من المنزل. هناك يمكنني استخدام مرافقهم لشحن هاتفي وبطارياتي واستخدام الإنترنت.

فايث أنغويت، المرأة التي تبلغ 37 سنة، وهي من ضاحية ساوثوارك في لندن، أكدت من جهتها أنها كانت تنضم إلى مجموعات المجتمع المحلي كي تنعم بالتدفئة وتحصل على كوب من الشاي.

وتضيف أن “شراء حاجيات من المتجر تكفي لأسبوع واحد، كان يكلفني نحو 40 جنيهاً استرلينيا (نحو 46 دولاراً). أما الآن فبات يكلف 70 جنيهاً (نحو 80 دولاراً)، بعد حذف بعض السلع من قائمتي”.

السيدة أنغويت لديها ابن يبلغ من العمر خمسة أعوام، وابنة تبلغ عامين. وقد حصلت على قسائم وجبات مدرسية مجانية خلال الإجازات، وزارت مركز المجتمع المحلي لتلقي وجبات مثلجة لأسرتها. وتقول: “يتعين عليَّ أن أتوجه إلى بنك طعام من وقت إلى آخر عندما أتسلم فواتير طارئة. ففي الأسبوع الماضي مثلاً، توقفت غسالتي عن العمل فجأة واضطررت إلى دفع 200 جنيه استرليني (نحو 228 دولاراً) لم تكن في حوزتي”.

وأضافت أن في بعض الأحيان لم يكن يتبقى لها ما يكفي من نقود لتغطية كلفة المواصلات في نهاية الشهر، وكان عليها ركوب الحافلة من دون أن تدفع ثمن البطاقة.

لوري ويليامز امرأة تبلغ من العمر 51 سنة وتعيش بالقرب من مدينة بلاكبول في إنجلترا، لجأت إلى بنوك الطعام بعدما خسرت شركتها لتأجير الأجهزة السمعية والبصرية قبل نحو خمسة أعوام. وتقول: “كنت أعيش يوماً بيوم. ولم يعد لدي صراحة ما يكفي من المال لتغطية جميع الفواتير المستحقة في الوقت الراهن. لا يمكنني أن أخطط لأي شيء في المستقبل. إنه حقيقة لأمر مروع”.

وتشير إلى أنه من أصعب الأمور التي تواجهها، هو عدم قدرتها على شراء أشياء لابنتها البالغة من العمر 13 سنة. وتقول متذكرة إنه “في أحد الأيام، أرادت ابنتي تناول وجبة تحلية خفيفة، ولم يكن لدي أي نقود على الإطلاق”.

وتضيف: “سيحل عيد الميلاد بعد نحو شهر ولا أملك نقوداً. نحن لا نعيش، ونشعر بأننا نسحق كل يوم. لن يعرف ريشي سوناك أبداً ما معنى أن يضع المرء يده في جيبه، ولا يكون قادراً على العثور على 10 جنيهات استرلينية (نحو 11.4 دولار)”.

من جهتها، حذرت مؤسسة “تراسل تراست” من أن بنوك الطعام باتت “على وشك الانهيار”، في ظل تفشي “تسونامي العوز والفاقة” الناجم عن غلاء المعيشة. وفي تعبير عن ذلك قالت جوزي بارلو وهي مديرة بنك الطعام “برادفورد فود بانك”: “أكد لي أحد الأشخاص الذين تقدموا إلى مؤسستنا أخيراً أن (الحليب أصبح يعد من الكماليات الآن، ولم يعد في الإمكان شراؤه)”.

تواجه بنوك الطعام في الواقع تحديات خاصة بها، إذ خفف المانحون من حجم تبرعاتهم الخيرية كي لا تنضب مواردهم المالية. وتقول بارلو: “لقد شهدنا زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يتقدمون إلى بنك الطعام على مدى الشهرين الأخيرين، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما أن مستويات مخزوننا من الأغذية انخفضت جداً في هذا الوقت من السنة”.

شارلوت هيل المديرة التنفيذية لـ”مشروع فيليكس”، وهي مؤسسة خيرية تقدم الفائض من الطعام للجمعيات الخيرية والمدارس، أكدت أن الأعضاء المسجلين لديها “كانوا يناشدوننا” الحصول على مزيد من الطعام. وأضافت: “لدينا مئات أخرى من المؤسسات الخيرية والمدارس التي تتصل بنا طلباً للمساعدة”.

إيما ريفي الرئيسة التنفيذية لمؤسسة “تراسل تراست” قالت: “نناشد رئيس الوزراء التصرف بحزم في ما يتعلق بموازنة الأسبوع المقبل. فإضافة إلى العمل على ضمان توفير مزيد من المنافع على نحو يواكب وتيرة التضخم المتزايد في أقرب وقت ممكن، لا بد من أن تذهب الحكومة إلى ما هو أبعد من ذلك، لسد الفجوة القائمة بين ارتفاع كلفة المعيشة والمداخيل الراهنة، خلال فصل الشتاء”.

العضو في البرلمان البريطاني عن حزب “الديمقراطيين الأحرار” ويندي تشامبرلين، رأت أن “من غير المقبول أن تضطر أسر وأفراد متقاعدون إلى الاعتماد على طيبة مجتمعهم وحسن نيته تجاههم”. وأضافت: “إنها حالة طارئة، لكن (المحافظين) يتقاعسون عن العمل”.

متحدث باسم الحكومة البريطانية أشار إلى أن الحكومة تقدم دعماً مباشراً للأسر المحتاجة، لمساعدتها على تسديد مدفوعاتها وكلف معيشتها.

وتابع قائلاً إن “دعمنا الفوري المكثف للعائلات يشمل أيضاً ضمان ثبات أسعار الطاقة، وتوفير نحو 700 جنيه استرليني (نحو 798 دولاراً) للأسرة العادية خلال فصل الشتاء، إضافة إلى تعزيز صندوق دعم الأسر الذي تبلغ قيمته أكثر من مليار جنيه استرليني (نحو مليار و140 مليون دولار)، لمساعدة الأفراد على تحمل الكلف الأساسية، إلى جانب اعتماد بعض التغييرات الطويلة الأمد، مثل إدخال تعديل على برنامج (الدعم الشامل) لتمكين الأفراد من الاحتفاظ بمبلغ إضافي بقيمة ألف جنيه استرليني (نحو 1140 دولاراً) مما يكسبونه كل سنة”.

Follow Us: 

 The Independent ©

Leave A Reply