كتبت صحيفة النهار تقول: اتّجهت الانطباعات التي غلبت على المشهد السّياسي في نهاية الأسبوع نحو مزيد من السلبيّة حيال أزمة ملء الشّغور الرّئاسي في ظلّ المراوحة والجمود اللذين يُسيطران على مناخات هذه الأزمة.
وما زاد منسوب السلبيّة والتّقديرات المتشائمة في إمكان التوصّل قريباً إلى إنهاء أزمة الفراغ الرّئاسي الرّسائل التي أطلقها الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله في كلمته الجمعة الماضي والتي أثارت تردّدات سلبيّة للغاية بما يشكّل واقعيّاً بداية تصعيد سياسي يبدو أنّ “حزب الله” كان يتعمّد افتعاله في هذا التّوقيت تحديداً. إذ إنّ الإعلان جهراً وبدون تردّد على لسان نصرالله أنّ الحزب يريد رئيساً على شاكلة إميل لحّود أو ميشال عون لم يكن سوى إثبات بأنّ الحزب يتعمّد إطالة أمد الفراغ لا أكثر ولا أقلّ ولحسابات بعضها داخلي وبعضها إقليمي وفي كل الأحوال فهو لا يستعجل كما يزعم إجراء الانتخابات الرئاسيّة في أسرع وقت بل يبدو أنّه يجد مصلحة ما له ولحليفه الإقليمي إيران في إبقاء الاستحقاق اللّبناني ورقة توظيف ومساومة حين يرى أنّ الظّروف أذنت “ببيع” هذه الورقة داخليّاً وخارجيّاً.
وتعتقد أوساط معنيّة أنّه لو كان نصرالله راغباً فعلاً في استعجال الانتخابات الرئاسيّة لما كان طرح استحضار عهديّ لحّود وعون الأكثر إثارة لرفض القوى المعارضة وغيرها بما يعني أنّه يتعمّد افتعال الاشتباك السّياسي في حين يزعم نوّابه منذ فترة أنّ المطلوب التوافق والمرشّح التوافقي.
هذا التطوّر السّلبي تقول الأوساط نفسها مؤشّر واضح إلى تبديل في مقاربة الحزب ولكن في اتّجاه سينجم عنه إطالة أمد الفراغ لأنّ المواجهة الانتخابية ستتّخذ بعداً يترجم بتصعيد يصعب جدّاً حسمه انتخابيّاً لمصلحة أيّ فريق وسط توزّع ميزان القوى بما يحول دون إيصال أيّ مرشّح أقلّه في هذه الفترة وبما تتشكّل عليه خريطة توزيع القوى والتكتّلات.
وفي التردّدات الخارجيّة البارزة المتّصل بعضها بالأزمة اللّبنانية أعلن قصر الإيليزيه مساء أمس أن الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتّصل بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وشدّدا على ضرورة انتخاب رئيس للبنان واجراء إصلاحات هيكليّة في البلاد. وبحث ماكرون وبن سلمان الأخطار التي تهدّد استقرار المنطقة وتوافقا على تعزيز الشّراكة الاستراتيجيّة والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين.
وأمّا التطوّر الأبرز الذي سيسجّل الأسبوع المقبل حيال الاستحقاق الرئاسي فيتمثّل في اللّقاء الذي سيُعقد الثلثاء المقبل لنوّاب المعارضة “التغييريين” والمستقلّين في أحد فنادق العاصمة إذ وُجِّهت الدّعوات إلى نحو أربعين نائباً لحضور اللّقاء الذي ذُكر أنّه سيتقرّر فيه موقف المجتمعين من حضور الجلسات التشريعيّة والانتقال إلى مرحلة أخرى في الاستحقاق الرئاسي وسيجري التّنسيق بين المجتمعين والحزب التقدّمي الاشتراكي وحزب القوّات اللّبنانية.
وأثار كلام نصرالله ردود فعل من بينها ردّ النائب ميشال معوّض على كلام نصرالله حول مواصفات رئيس الجمهورية، فقال “نعم نريد رئيساً لا يخاف من أيّ اتصال لا من سفارة، ولا ميليشيا. رئيس لا يقبل بمحاصصات على حساب المؤسّسات، رئيس يطبّق الدستور ويحارب الفساد ويحمي مصالح لبنان العليا وحقوق كل اللّبنانيين. رئيس لا يقبل بأيّ قرار خارج المؤسّسات ولا بأيّ سلاح خارج إمرة الدّولة، وكرمال هيك ترشّحت ومستمرّ بترشيحي”.
النائب أشرف ريفي غرّد: “نصرالله الذي خوّن ثورة اللّبنانيين معترفاً بأنّه أب المنظومة وأمّها، ما زال يتحدّث عن “المقاومة” متجاهلاً أنّه رعى إتّفاق التّطبيع من دون توقيع مع إسرائيل وبوساطة أميركية. خطابك الخشبي تخطّاه الزّمن، ولن يُفرض على لبنان رئيس يحمي سلاح الغدر والغلبة. نُريد رئيساً يحمي لبنان واللبنانيين، كلّ اللبنانيين من كلّ المخاطر والتّهديدات بما فيها خطر سلاحكم وخطركم. حان الوقت لتتّعظوا من ثورة الشّعب الإيراني البطل على نظام الملالي”.
بدوره، غرّد عضو تكتّل “الجمهورية القويّة” النائب غيّاث يزبك قائلاً: “رئيس السيّد حسن: عندما يناديه وفيق يستفيق… عندما يناديه قاووق بيروق… عندما يناديه بشار ينهار. في اللّيل يتعامل بالتومان وفي النّهار يصرّف دولار… يُجيّر دور الجيش للمقاومة وما بيسأل ليش… يَشتُم العرب كلّما دعت الحاجة ويطلب دعمهم عندما يحتاج. باختصار هيدا مرؤوس مش رئيس”
في المواقف البارزة من الاستحقاق الرّئاسي أشار بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي أمس إلى أنّنا “نجتمع اليوم على مقربة من عيد الاستقلال وكم نحن بحاجة إلى رجال دولة في هذه الأيّام التي يُعاني فيها لبنان من شغور في سدّة الرّئاسة الأولى، فانتخاب الرّئيس هو مسؤوليّة نوّاب الأمّة والتحجّج بتوازنات الخارج هو ذرّ للرّماد بالعيون تهرّباً من مسؤوليّة تاريخيّة أنيطت بهم وحدهم”. وقال البطريرك يازجي في احتفال تدشين دير صيدنايا في حاصبيا: “نطالب النوّاب بتحمّل مسؤوليّاتهم وانتخاب رئيس للجمهوريّة فلبنان لا يتحمّل أن تكون مؤسّساته مرتعاً للاهتراء وإنسانه لقمة للفقر والعوز والتّهجير كما ندعو إلى إحقاق العدالة في ملفّ انفجار مرفأ بيروت هذا الجرح الذي لم يندمل”.
وأضاف يازجي: “أحيي إخوتنا في طائفة الموحّدين الدّروز وأؤكد أنّنا وإياكم أبناء الجبل الأشمّ والبقاع الرحب وأبناء كل ذرّة من تراب هذا الوطن الذي يجمعنا والذي نعشق”.
في المقابل، غرّد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم: “مُنع لبنان من استلام هبة الفيول الإيراني “600 ألف طن” وقيمتها حوالى 350 مليون دولار، وبالتالي مُنع لبنان من الإضاءة بالكهرباء من خمس إلى ستّ ساعات يومياً لعدة أشهر!”.
وفي السّياق، حضرت أزمة الكهرباء في لبنان في لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برئيس المجلس النّيابي نبيه بري في عين التينة. وقال ميقاتي أثناء مغادرته: “اتفقنا على صيغة”. وكان ميقاتي عرض مع برّي للاوضاع العامّة والمستجدّات السياسيّة وشؤونًاً تشريعيّة، إضافةً لأجواء مشاركته في القمّة العربية التي عُقدت في الجزائر وقمّة المناخ في شرم الشيخ.