كتبت صحيفة الديار تقول: لم ترتق التحركات والمحاولات الداخلية والخارجية حتى الآن الى مستوى المبادرات الفعالة والناجزة لانتخاب رئيس الجمهورية وتقصير فترة الفراغ الرئاسي. وكل ما يجري اليوم لا يؤشر الى ان طبخة الرئاسة وضعت على النار او توافرت عناصرها.
هذا هو الانطباع السائد الذي اكده مصدر سياسي بارز لـ « الديار» امس لافتا الى ان مشهد جلسات انتخاب الرئيس سيتكرر في جلسة الخميس المقبل لانه لم يحصل بعد اي تطور استثنائي لا في الداخل ولا في الخارج يبشر بتبدل المشهد الرئاسي وقرب انفراج ازمة هذا الاستحقاق.
وردا على سؤال قال: «ان ما نشهده من اجواء ومواقف يدل على ان هناك نوعا من انتظار الوقت المناسب للشروع بمبادرات جدية تتضمن الخيارات والاسماء، عدا ان المناخات الداخلية والخارجية لا توحي بانها باتت مساعدة لانتخاب الرئيس الجديد».
واضاف ان العقدة بالدرجة الاولى هي عقدة داخلية تعود لاسباب عديدة منها: اصرار فريق سياسي على المضي في ترشيح النائب ميشال معوض الذي يعتبره الفريق الاخر مرشح تحد، وثانيا المواقف التصعيدية، واخرها لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي رفع السقف بوجه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وفي غمرة الحديث عن التحركات الاخيرة، علمت « الديار» ان الثنائي الشيعي، الذي يدعم ضمنا انتخاب فرنجية، يحرص حتى الان على عدم تظهير هذا الموقف وربط ذلك بتوسيع دائرة التوافق عليه. لذلك ربما سارع باسيل الى اعلان رفضه تاييده لـ «القوطبة» او تأخير تعزيز فرص فرنجية.
واضافت المعلومات ان حزب الله في اللقاءات والاتصالات التى جرت وتجري معه لم يطرح اسماء، واكتفى حتى الان، كما يعبر في العلن، بالتاكيد على مواصفات الرئيس التي لخصها الامين العام السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير، وابرزها الرئيس الذي لا يطعن المقاومة، وبالتاكيد ايضا على الحوار والتوافق.
وفي موضوع اللقاء المطول الاخير الذي عقد في عين التينة بين الرئيس بري وباسيل بناء على رغبة الثاني، اكدت مصادر مطلعة لـ «الديار» انه ابلغ قيادة حزب الله مسبقا عن اللقاء مبديا حسن نيات في بحث صريح مع رئيس المجلس بشأن الاستحقاق الرئاسي، وان الحزب رحب بالخطوة التي تساهم في تعزيز التواصل والحوار بينهما.
وفي هذا السياق ايضا لم يشأ مصدر نيابي في كتلة التنمية والتحرير التعليق عما كتب ونشر عن اللقاء واجوائه، لكنه اكد حصوله يوم الاثنين عشية سفر باسيل الى باريس، لافتا الى ان اي لقاء او تواصل يؤكد ما شدد ويشدد عليه الرئيس بري، وهو ان مقاربة الاستحقاق الرئاسي يجب ان تكون بالحوار والتوافق، وان يتكلم الجميع مع بعضهم بعضا.
التحرك الفرنسي
على صعيد اخر، قال مصدر مطلع على اجواء التحرك الفرنسي لـ «الديار» ان باريس كما هو معلوم مهتمة وتركز في الاونة الاخيرة على تذليل الصعوبات التي تحول دون انتخاب رئيس الجمهورية، وانها نشطت في الاسابيع القليلة الاخيرة على كل المستويات للمساعدة في انجاز هذا الاستحقاق، واستمعت من الافرقاء السياسية في لبنان لوجهات نظرهم حول هذا الموضوع، ومنهم جبران باسيل في زيارته مؤخرا لفرنسا.
واضاف ان باريس حريصة على الاستماع للجميع، كاشفا ان السفيرة الفرنسية ان غريو زودت الخارجية بتقرير حول تحركها في هذا الاطار، وان الفريق الفرنسي المكلف متابعة الملف اللبناني تكون لديه الصورة حول المشهد المتعلق بالاستحقاق الرئاسي الذي يتضح فيه حتى الان ان سليمان فرنجية يحظى بتاييد الثنائي الشيعي ونسبة كبيرة من النواب السنة ومستقلين عدا كتلته، بينما يدعم فريق آخر بات معروفا، مشكل من القوات اللبنانية والحزب التقدمي والكتائب واخرين، ترشيح النائب ميشال معوض. وانه بعد زيارة باسيل بات على علم بان تياره لا يدعم الخيارين ويسعى لخيار ثالث، بينما يسعى نواب التغيير ايضا لخيار ثالث من موقع اخر.
وحسب المصدر، فان موقف باسيل ربما يؤخر اطلاق الفرنسيين مبادرة محددة ويخلق مزيدا من الاجواء الضبابية امام مسعاهم وتحركهم.
ووفقا للمصدر، فان الفرنسيين لم يعرضوا على اي طرف مبادرة او اقتراحات معينة، ولم يتناولوا اسما محددا، لكنهم اظهروا ويظهرون من خلال تحركهم، لا سيما من خلال لقاءات الرئيس ماكرون الاخيرة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رغبتهم في ان تشاركهم المملكة وتدعم مسعاهم لانتخاب الرئيس الجديد.
ويعطي الفرنسيون انطباعا في اللقاءات التي اجروها بانهم يؤيدون انتخاب رئيس لا يشكل «نقزة» لحزب الله ويحظى بتوافق اللبنانيين ويرضي في الوقت نفسه السعودية ليضمن اعادة تفعيل العلاقة بينها وبين لبنان في المرحلة المقبلة.
وكشف المصدر عن ان فرنسا ستزيد من زخم تحركها سعيا لتعزيز فرص الاسراع في انتخاب الرئيس اللبناني. واشار الى ان الادارة الاميركية كانت ابلغت فرنسا انها تدعم تحركها هذا، لكنها تجنبت حتى الان الخوض معها في تفاصيل هذا الموضوع.
القوات والتيار حوار غير رسمي
على صيد اخر، اكدت مصادر التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية انه لا يوجد اي حوار رسمي او اجتماعات رسمية حتى الان بين الطرفين لمناقشة موضوع الاستحقاق الرئاسي او طريقة مقاربته.
لكن مصدرا نيابيا في التيار قال ردا على سؤال للديار حول هذا الموضوع: ان هناك لقاءات تجري بين نواب الطرفين في مجلس النواب، تتناول موضوع انتخاب رئيس الجمهورية والموقف منه، وذلك في اطار تبادل وجهات النظر والاراء حول مستجدات الاستحقاق الرئاسي واجواء جلسات الانتخاب.
واضاف: ان هذه اللقاءات ليست على مستوى رسمي او لها صفة الاجتماعات او الحوار الرسمي بين الطرفين، وهي تاتي في سياق اللقاءات العادية التي تجري بين نواب الكتل، اكان على هامش جلسات انتخاب الرئيس ام خلال النشاط اليومي في المجلس.
ولفت الى ان هناك، كما هو معلوم، خلافا في الرأي بين الطرفين حول طريقة التعاطي مع هذا الاستحقاق او المرشحين، لكن هذا لا يمنع من حصول مثل هذه اللقاءات التي تشمل كتلا
اخرى.
ونفى المصدر ردا على سؤال اخر ان تكون هذه اللقاءات موجهة ضد احد او انها تاتي في توقيت معين.
وفي تعليق مقتضب لاحظ مصدر نيابي مستقل ان التيار والقوات يلتقيان حتى الان، كل من موقعه ومن رؤية مختلفة، على عدم تاييد فرنجية وعدم توفير الفرصة له للوصول الى بعبدا.
التيار والورقة البيضاء وخيار باسيل الثالث
من جهة اخرى، قال المصدر النيابي في التيار الوطني الحر ان تكتل لبنان القوي لا يزال يؤيد الاقتراع بالورقة البيضاء الى حين بلورة مرشح يحظى بتاييد وتوافق.
واشار الى ان التكتل كان ناقش هذا الموضوع باسهاب في اجتماعه مؤخرا واتخذ هذا القرار.
وعلمت الديار من مصادر اخرى مطلعة انه جرت مناقشة تخلي التكتل عن الورقة البيضاء والتصويت لمرشح محدد. وانه طرحت فكرة تسمية احد اعضاء التكتل غير رئيسه باسيل، وتداول المجتمعون اسماء الان عون وابراهيم كنعان وندى البستاني التي لوحظ انها اقرب الى تزكية باسيل.
وبعد الاخذ والرد طرحت فكرة ترشيح شخص من خارج التكتل، لا سيما اسم الوزير السابق زياد بارود الذي ايده نائب رئيس المجلس الياس بوصعب لاحقا.
وحاول باسيل الاستماع لمعظم اراء اعضاء التكتل، قبل ان يحسم النقاش بقرار الابقاء على خيار الورقة البيضاء لاعتبارات عديدة منها داخلية ومنها ما يتعلق بالحرص على عدم احداث اشكالية مع حليفه حزب الله.
وتقول المعلومات ان باسيل كان بدأ يعد لخياره الجاد الذي يختلف عن فحوى النقاش الذي دار في الاجتماع منذ زيارته الاخيرة لبكركي، وهو استبعاد فرنجية ومعوض وترشيح مرشح ثالث.