عبد الكافي الصمد – سفير الشمال
كان الأسبوع الماضي أسبوعاً “باسيلياً” بامتياز، نسبة إلى رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، إذ هيمنت مواقفه السّياسية المتعلقة باستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية على السّاحة المحلية بمختلف أطيافها، موالاة ومعارضة ومستقلين وتغييريين، التي أخذت تتفحص وتحلل مواقف رئيس التيّار البرتقالي، ودوافعها وتداعياتها.
فبعد فترة من الخفر السّياسي أعقبت إنتهاء ولاية الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون في 31 تشرين الأول الماضي، كان فيها باسيل متكتماً على موقفه من الإستحقاق الرئاسي، خرج الأسبوع الماضي ليدلي بمواقف تصعيدية في وجه الحلفاء قبل الخصوم، رسّخت الإنطباع السّائد أنّ الفراغ الرئاسي سيمتد إلى الربيع المقبل، على أقلّ تقدير، بسبب عدم وجود توافق داخلي إلى جانب غياب التوافق الخارجي حول إسم رئيس الجمهورية المقبل.
الرفض الحاد الذي أبداه باسيل حيال السير بانتخاب رئيس تيّار المردة الوزير سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية لأسباب مختلفة، جعل رئيس التيّار الوطني الحرّ يُغرّد وحيداً، ويتسبب لنفسه بما يشبه العزلة السياسية؛ إذ بعدما نسف جميع الجسور خلفه مع الخصوم، ها هو يكمل ما بدأه بنسفه الجسور مع الحلفاء أيضاً.
طوال فترة العهد السابق التي امتدت 6 سنوات، لم يترك باسيل خلالها صديقاً أو حليفاً سياسياً له، لا على السّاحة المسيحية ولا على السّاحة الإسلامية، باستثناء حزب الله الذي يحرص على مراعاته إكراماً للجنرال عون، منذ توقيع الأخير مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على وثيقة تفاهم مار مخايل بين الطرفين عام 2006.
وليس خافياً أنّ باسيل حرص خلال العهد السّابق على تهيئة نفسه لخلافة عون في قصر بعبدا، لكنّ هذا الطموح كان يصطدم دائماً بعقبات تتمثل في خسارة باسيل الحلفاء واحداً تلو الآخر، من الرئيس سعد الحريري الذي أرسى معه تفاهم 2016 الرئاسي الذي أوصل عون إلى قصر بعبدا، واتفاق معراب في العام ذاته الذي ذلّل العقبات أمامه على السّاحة المسيحية بعد التفاهم مع القوات اللبنانية.
لكنّ هذا التفاهم مع الحريري والقوّات لم يستغله باسيل كما يجب، إذ لم يكد يمرّ النصف الأول من ولاية عون حتى أصبح الحريري والقوات من ألد خصوم باسيل وتيّاره، لينضما إلى لائحة طويلة من خصوم التيّار البرتقالي، من حركة أمل إلى الحزب التقدمي الإشتراكي والكتائب، ورؤساء الحكومات السّابقين واحداً تلو الآخر، بعدما كان خسر سابقاً تحالفه القصير مع تيّار المردة ومع نواب وأحزاب على السّاحة المسيحية، ما جعل باسيل وتيّاره يبدون، في الفترة الأخيرة، أشبه بالذين يعيشون وسط جزيرة معزولة.
وزاد وضع باسيل تأزّماً الخلافات داخل تيّاره أدت إلى ابتعاد أو إبعاد شخصيات سياسية وازنة ومؤثّرة داخل التيار، بعضها من المؤسّسين، وشكّلت جرس إنذار إلى أنّ قاعدة التيّار البرتقالي في طريقها إلى الإنشقاق والإبتعاد عن قيادتها، خصوصاً بعد خسارتها موقع رئاسة الجمهورية وتراجع تأثيرها داخل الحكومة، ما يُهدّد ليس فقط حظوظ باسيل الرئاسية في المستقبل القريب، إنّما أيضاً زعامته للتيّار العوني في المرحلة اللاحقة.