الإثنين, نوفمبر 25
Banner

ضريبة الدخل المجحفة تستنفر الموظفين: “لن ندفع”

عزة الحاج حسن – المدن

على خط مواز لإجراءات قانونية رافضة للضرائب المجحفة التي فرضتها موازنة العام 2022 و”هندستها” وزارة المال بقرارات أكثر إجحافاً، يعمل موظفو القطاع الخاص على خط المواجهة لتعديل ضريبة الدخل وجعلها أكثر عدالة مما هي عليه اليوم.

يحشد موظفو القطاع الخاص لإيصال صوتهم الرافض للاقتطاع العشوائي من الرواتب والمتمسّك بواجب سداد ضريبة الدخل بالعملة التي تتناسب والمداخيل، إن بالدولار الفريش أو اللولار أو بالليرة، شرط أن تكون النسب عادلة. ولا يقتصر حشد الموظفين الرافضين لضريبة الدخل المجحفة، التي تحدد وفق شطور تصل نسبتها إلى 25 في المئة، على قلة من المؤسسات بل على قطاعات بأكملها تشمل اتحاد النقل الجوي والقطاع الطبي والاستشفائي في كبرى المستشفيات وشركات التأمين والهندسة والعاملين في القطاع الإعلامي والقطاع الخليوي وعموم الشركات الأجنبية العاملة في لبنان.

ومن غير المستبعد أن يصل حراك الموظفين الرافضين لضريبة الدخل المجحفة، إلى التوقف عن العمل، وهو ما أكده اتحاد النقل الجوي، ما يمكن أن يعطّل مرافق بالغة الحساسية في البلد، كمطار بيروت.

ارتكابات المالية

ارتكبت وزارة المال أكثر من خطأ في صياغة وتحديد ضريبة الدخل إن عبر موازنة 2022 أو من خلال قرارها الصادر منذ أيام. فضريبة الدخل وإن كانت تراعي تراتبية المداخيل إلا ان حجم شطورها تجاوز مفهوم الضريبة على الدخل، وبلغ حد الاقتطاع من قدرة الموظفين المعيشية. إذ تصل نسبة الشطور إلى اقتطاع 25 في المئة من الرواتب المقومة بالدولار. بالإضافة إلى ربطها بسعر دولار منصة صيرفة وهو سعر متحرك، وفرضها بمفعول رجعي من بداية العام الحالي.

تأتي تلك “التجاوزات” إذا صحت تسميتها، بحق الموظفين في وقت يفتقد فيه موظف القطاع الخاص لأي تقديمات طبية أو اجتماعية أو تعليمية. كما يفتقد للأمان التقاعدي إذ يستمر صندوق الضمان الاجتماعي باحتساب تعويضات نهاية الخدمة لموظفي القطاع الخاص وفق سعر الصرف الرسمي، 1500 ليرة.

“من غير المقبول أن يحسم من مدخولي الشهري أكثر من 500 دولار فريش وأنا أؤمن طبابة والدي على نفقتي الخاصة في مستشفى خاص، لأن الضمان الإجتماعي لا يغطي الفاتورة. وأسدد أكثر من نصف راتبي شهرياً على جلسات علاجية وأدوية”. هذا ما يقوله موظف في إحدى المؤسسات الإعلامية الأجنبية، يتقاضى راتباً بقيمة 2500 دولار شهرياً وتقع عليه ضريبة الدخل بصيغتها الجديدة بنسبة تقارب 25 في المئة من مدخوله.

حالة الموظف المذكور ليست حالة خاصة، بل عامة بامتياز، فموظفو القطاع الخاص يمثلون اليوم في لبنان السند الثاني بعد المغتربين اللبنانيين لآلاف العائلات التي وقعت بفعل انهيار العملة الوطنية تحت خط الفقر. في وقت تتخلى فيه الدولة عن تلك العائلات وتعجز عن مدّهم بأي مساعدات أو تأمين غطاء صحي أو اجتماعي لهم.

تحركات ورفض للضريبة

وفي إطار التحركات الرافضة للضرائب المجحفة، عمد موظفو القطاع الخاص في أكثر من قطاع إلى التحرك في اتجاه التقدّم بمراجعة قانونية لدى مجلس شورى الدولة، لرفع الضرر اللاحق بهم جراء ضريبة الدخل الجديدة، في المقابل أعلنت بعض القطاعات التوجه إلى الإضراب ما لم يتم تعديل الشطور الضريبية من تلك القطاعات اتحادات النقل الجوي الذي حذّر من تعطيل العمل في المطار.

ويشدّد رئيس اتحاد نقابات النقل الجوي علي محسن، في حديثه إلى “المدن”، على أن الاعتراض على ضريبة الدخل المعدلة لا يعني رفض سداد ضريبة الدخل والمساهمة كسائر فئات المجتمع بتغذية ميزانية الدولة، لكن المطلوب ضريبة عادلة غير مجحفة. ويوضح بأن موظفي اتحاد النقل الجوي ناضلوا منذ بداية الأزمة لتعديل رواتبهم. وهم يتقاضون اليوم ما لا يزيد عن 50 في المئة مما كانوا يتقاضوه قبل الأزمة. كما أن مداخيلهم اليوم موزعة بين الليرة والدولار، بمعنى أنه في حال استوفت وزارة المال ضريبة الدخل بمفعول رجعي، فلن يتسنى حينها على الموظفين الحضور إلى العمل. فذلك سيجرّدهم مداخيلهم برمتها.

ويؤكد محسن أن اتحاد نقابات النقل الجوي لن يتردّد عن تنفيذ إضراب عام وتعطيل حركة المطار، في حال عدم التوصل إلى حل لمسألة ضريبة الدخل، ومراعاة الأوضاع المعيشية للموظفين.

وحسب المعلومات، تعمل وزارة المال على تعديل قرار ضريبة الدخل بعد أن تردّد على مسامعها عن تلويح عدد من المؤسسات الأجنبية بنقل مكاتبها من لبنان، وهي حلول فعلية قد تلجأ إليها المؤسسات حتى اللبنانية منها. وقد رفعت قطاعت تجارية وشركات كتباً مطلبية إلى وزير المال، تدعوه فيه إلى فرض ضريبة عادلة تراعي القدرة الشرائية للرواتب.

من جهته رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر يعلن تضامنه مع موظفي القطاع الخاص الذين يتعرّضون لعملية اقتطاع من رواتبهم، بفعل ضريبة مجحفة جداً، ويؤكد في حديث إلى “المدن” أنه تواصل مع وزير المال يوسف خليل، ولمس نوايا جدية بتعديل القرار المرتبط بضريبة الدخل.

وإذ يحذر الاسمر من أن الإستمرار بفرض الضرائب المرتفعة من شأنه أن يشجع التهرب الضريبي، يذكّر بان العلل عديدة بقرار الضريبة منها ما يرتبط بالشطور وطريقة الإحتساب والمفعول الرجعي وسعر الصرف المتحرك، مطالباً بصوغ ضريبة عادلة على الموظفين، والعمل على تعديل أنظمة الحماية الإجتماعية، لاسيما تعويض نهاية الخدمة.

Leave A Reply