عبد الكافي الصمد – سفير الشمال
ليس تفصيلاً بسيطاً أن يصف النائب السّابق زياد أسود، وهو كان حتى الأمس القريب أحد صقور التيّار الوطني الحرّ، أن يصف رئيس التيّار البرتقالي النائب جبران باسيل بـ”الأجدب”، إذ يذهب أسود في هذا الوصف إلى نقطة أبعد من مجرد إختلاف في وجهات النظر بينه وبين رئيسه السّابق، بعدما فصله باسيل من التيّار قبل فترة، ليصل إلى حدود العداوة الشّخصية التي تدفع المرء لقول أيّ شيء عن خصمه، وكشف كلّ المستور.
قرار فصل أسود نزل كالصّاعقة عليه وعلى مناصري التيّار في منطقة جزين، مسقط رأس أسود، وبقية المناطق حيث للتيّار البرتقالي حضور فيها، إذ كانوا ينظرون إلى أسود على أنّه أحد حراس الهيكل إلى جانب مؤسس وزعيم التيّار الرئيس السابق الجنرال ميشال عون، كما كانت تردادات خبر فصله أكبر كونها جاءت في سياق قرارات إتخذها باسيل بفصل شخصيات عن التيّار بسبب تمرّدهم عليه، وعدم إنصياعهم لأوامره التي وجدوا أنّها تلحق الضرر بقاعدة التيّار ومبادئه ومصالحه.
ففي تغريدة له نشرها أسود عبر حسابه على “تويتر”، تعكس التوتر الناشب بينه وبين باسيل، بالتزامن مع إجراء التيّار البرتقالي يوم أمس الأحد إنتخابات داخلية عبر التطبيق الإلكتروني، قال أسود: “هيدا الأجدب عامل إنتخابات بالحزب، متل مسرحية الرحباني، دقلي ع بيت الحزب. عايش على إستهبال العالم”، ما أثار ردود فعل واسعة برغم أن أسود قام بحذفها بعد دقائق.
لكنّ هذا الخلاف بين باسيل وأسود، فضلاً عن خلافات سابقة بين باسيل وآخرين داخل القلعة البرتقالية، ليس الأوّل، والأرجح أنّه لن يكون الأخير، بل يتوقع كثيرون أن تكبر كرة الخلافات داخل التيّار الوطني الحرّ في الأيّام المقبلة لأسباب عدة، غير أن أبرزها سيكون أنّ التيار وجد نفسه، لأول مرة منذ سنوات، خارج السلطة، وبلا “مظلّة” تحميه وتردم هوة الخلافات الداخلية بين أجنحته المختلفة، بعد خروج عون من قصر بعبدا إثر انتهاء ولايته في 31 تشرين الأول الماضي.
إنقسام الأحزاب والتيّارات السياسية على نفسها بعد خروجها من السلطة، وفقدان نفوذها كليّاً أو جزئياً أمر ليس جديداً في لبنان، ولا في بلدان أخرى، بل هي ظاهرة رافقت معظم التيّارات والأحزاب التي غادرت أو تغادر السّلطة، إذ تبرز بعد انتفاء المصالح الخلافات التي طويت جانباً لفترة، وتبدأ مرحلة جديدة من الإنقسام والتراشق وتبادل الإتهامات.
أحد أبرز الأمثلة الحيّة والتي لا تزال حاضرة وتداعياتها ما تزال مستمرة في لبنان، هو ما شهده تيّار المستقبل بعد خروجه من السّلطة، وتعليق زعيم التيّار الرئيس سعد الحريري أيّ نشاط سياسي أو إنتخابي له قبل الإنتخابات النيابيّة التي جرت في 15 أيّار الماضي، إذ ظهرت الخلافات سريعاً على السطح، أحدها كان إتهام النائب السّابق لرئيس التيّار الأزرق مصطفى علوش للأمين العام للتيّار أحمد الحريري بـ”اختلاس” أموال كانت مخصّصة له لخوضه الإنتخابات في 15 أيّار الماضي، ودعوته إلى محاسبته.
ما سبق يعني شيئاً واحداً، هو أنّ أيّاماً صعبة تنتظر التيّار البرتقالي وباسيل في المرحلة المقبلة.