كتبت صحيفة الديار تقول: يطوي العام الحالي صفحاته بعد اسبوعين على وضع مأزوم في كل النواحي والمؤسسات الدستورية. فالفراغ الرئاسي مرشح للاستمرار الى حين نضوج او تنضيج تسوية داخلية وخارجية تحسم هوية الرئيس الجديد، لا سيما بعد تفويت فرصة الحوار الدي دعا اليه الرئيس بري مرتين واصطدم بمعارضة وممانعة القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
وتواجه حكومة تصريف الاعمال خطر التعطيل في ضوء تداعيات جلسة مجلس الوزراء مؤخرا، واصرار رئيس التيار الوطني الحر على مقاطعة مجلس الوزراء في كل الاحوال، والحملة التي يقودها مستندا الى مناخ مسيحي تحت عنوان الميثاقية والمشاركة، والتي أصابت شظاياها علاقته مع حليفه حزب الله.
كذلك يتعرض المجلس النيابي ايضا لتحديات عديدة غير الاستحقاق الرئاسي تتمثل بمعارضة فريق سياسي لعقد جلسات تشريعية قبل انجاز الاستحقاق المذكور، مع العلم ان هناك حاجة متنامية لاقرار العديد من القوانين المهمة على الصعيد الاصلاحي والاقتصادي والاجتماعي، ومنها على سبيل المثال قانون الكابيتال كونترول.
بري اطفأ محركاته
وفي معلومات من مصادر موثوق بها لـ «الديار» انه بعد افشال مبادرته الحوارية الاخيرة أطفأ الرئيس بري محركاته المتعلقة بالمساعي والمبادرات، ولن يدعو للحوار مجددا، لا سيما بعد اجهاض محاولتين له في هذا المجال على يد القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر.
واضافت المصادر ان رئيس المجلس ليس حاليا بصدد طرح اي مبادرة جديدة، لكنه سيستمر في العمل بالمسار الدستوري المتعلق بالدعوة لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية مطلع العام الجديد.
وتوقعت ان يدعو الى الى جلسة جديدة لانتخاب الرئيس في الاسبوع الثاني من العام الجديد بعد اعياد الميلاد ورأس السنة للطوائف التي تعتمد التقويمين الغربي والشرقي.
واضافت انه من المتوقع ان يستأنف الدعوة لمثل هذه الجلسات اسبوعيا، ولا يستبعد احيانا ان يدعو الى جلستين، غير ان هذا الامر ليس محسوما.
حركة موفدين اوروبيين بين العيدين
وعلى صعيد التحرك الخارجي، قال مصدر مطلع لـ «الديار» ان ليس هناك اشارة الى قيام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بزيارة للبنان بمناسبة الميلاد ورأس السنة لمعايدة وتفقد القوة الفرنسية العاملة في اطار قوات اليونيفيل ولقاء مسؤولين وسياسيين لبنانيين، لافتا الى انه سيكون اليوم في قطر لمشاهدة المباراة النهائية للمونديال بين فريقي فرنسا والارجنتين، ثم سيقوم بزيارة رسمية للاردن.
وقال بيان للاليزيه مساء ان ماكرون سيقضي عيد الميلاد على متن حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول.
لكن المصدر نفسه كشف عن حركة دبلوماسية اوروبية ناشطة باتجاه لبنان بين الميلاد ورأس السنة، حيث من المنتظر ان يزوره عدد من الموفدين وكبار المسؤولين في خارجية ايطاليا واسبانيا وفرنسا.
ووفقا للمعلومات، فان هذه الحركة الدبلوماسية الاوروبية تندرج في اطار استطلاع الوضع في لبنان، والبحث في قضايا عديدة ومنها اجواء الاستحقاق الرئاسي وموضوع الاصلاحات الاقتصادية والمالية، اضافة الى موضوع النازحين السوريين.
وفي الاطار نفسه، قالت مصادر سياسية لـ «الديار» ان كل ما يحكى عن مبادرات او مشاورات بين بعض الخارج حول اسماء مرشحين للرئاسة هو مجرد تكهنات غير مسنودة الى حقائق، خصوصا انه لم يجر مع مسؤولين او قيادات سياسية اي بحث جدي حول مرشح محدد.
واضافت المصادر ان باريس التي تتولى بشكل اساسي مهمة التحرك في شأن الاستحقاق الرئاسي لم تبحث مع الجهات اللبنانية السياسية بشكل مباشر في اسم هذا المرشح او ذاك، وحرصت على الاستماع للبعض بصورة عامة، مبدية كل الاستعداد لمساعدة اللبنانيين، شرط ان يساعدوا انفسهم للتوافق ولاختيار وانتخاب الرئيس الجديد الذي يحظى بثقة اللبنانيين.
كما ان السعودية لم تخرج بعد من دائرة الترقب، ولم تعط اي جواب واضح حول المرشحين المطروحين، لكنها حرصت مؤخرا على الدخول اكثر في اجواء بحث الوضع اللبناني والاستحقاق الرئاسي وطرح عناوين عامة في هذا الشأن.
اما الادارة الاميركية، فترى المصادر، انها لم تكشف مباشرة عن اسم مرشح تفضله او تدعمه، مشيرة الى تفويض فرنسا بالتحرك والسعي لدى اللبنانيين من اجل الاسراع في انتخاب رئيس الجمهورية، مع الاشارة الى اشادتها غير مرة بالجيش اللبناني ودوره وبقيادته.
الازمة الحكومية
وعلى صعيد الحكومة، فشلت امس اللجنة الوزارية الرباعية المنبثقة من الاجتماع الوزاري التشاوري في التوصل الى توافق حول ازمة انعقاد مجلس الوزراء عند الضرورة، واصر وزير العدل هنري خوري المحسوب على التيار الوطني الحر على رفض انعقاد مجلس الوزراء، مجددا طرح فكرة المراسيم الجوالة بتوقيع كل الوزراء الـ٢٤.
وكانت اللجنة الوزارية الرباعية اجتمعت امس في حضور الوزراء الاربعة : بسام مولوي، هنري خوري، محمد بسام مرتضى، وعباس الحلبي. وناقشت الموضوع على مدى ساعتين دون التوصل الى نتيجة. وتمحور النقاش على مسألة انعقاد مجلس الوزراء عند الضروريات، وشكل والية اصدار المراسيم.
وقالت مصادر مطلعة ان الوزير خوري اصر خلال النقاش على رفض اجتماع مجلس الوزراء، طارحا فكرة المراسيم الجوالة الموقعة من كل الوزراء في الامور الضرورية.
واضافت ان ما طرحه وزير العدل يعكس وجهة النظر التي أعلنها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في وقت سابق والسقف العالي من هذا الموضوع، ويتماثل ايضا مع موقفه الرافض للمراسيم الصادرة عن جلسة مجلس الوزراء.
واتهمت المصادر فريق باسيل الوزاري بالتمسك بموقف متشدد من اجتماع الحكومة ومن المراسيم، وبمحاولة الالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة.
مصادر ميقاتي لـ «الديار»
وقالت مصادر الرئيس ميقاتي لـ «الديار» انه منفتح على كل الاقتراحات والافكار، لكن تحت سقف القانون والدستور وصلاحيات رئيس مجلس الوزراء، وانه يرفض اي انتقاص من هذه الصلاحيات تحت اي ذريعة او تبرير.
وردا على سؤال قالت المصادر انه اذا استدعت الضرورة او اقتضت الحاجة الى عقد مجلس الوزراء فلن يتردد في الدعوة الى انعقاده، مع العلم انه ابدى ويبدي كل الانفتاح على الاقتراحات التي تيسر امور البلاد والناس من دون خلق بدع دستورية جديدة او المس بصلاحياته الدستورية.
وكان مستشار الرئيس ميقاتي فارس الجميل قال ان رئيس الحكومة كان واضحا خلال الاجتماع الوزاري التشاوري الذي ترأسه، وانه اكد امام الوزراء ان لا تراجع عن مسألة عقد جلسات للحكومة عند الضرورة.
وفي حديث لاحدى محطات التلفزة قال الوزير هكتور حجار امس «اننا نريد تسيير امور الناس، وهذا همنا، عبر اليات في كل الوزارات، ويمكن ان يتم اتخاذ قرارات استثنائية».
اضاف «انا اختلف مع الرئيس ميقاتي على كيفية ادارة البلاد، و»مش عيب»، ولكن المهم الا ننسى معالجة امور الناس».
التحقيقات في حادث العاقبية
على صعيد اخر، تتواصل التحقيقات في حادثة العاقبية التي اودت بحياة احد الجنود الايرلنديين العاملين في قوات اليونيفيل واصابة ثلاثة اخرين.
وتجري هذه التحقيقات في ظل تأكيد لبنان على ارفع مستوى ادانة ما حصل والتمسك بدور القوات الدولية في الجنوب، وبالعلاقة الجيدة والطيبة مع هذه القوات.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الديار» ان المهم وضع الامور في نصابها واطارها بعد الموقف الرسمي اللبناني من هذا الحادث المؤسف، وكذلك تفويت الفرصة على محاولات الاستثمار على ما حصل من اي جهة كانت.
واشارت الى ان التحقيقات تجري بكل دقة وموضوعية بعيدا عن الصخب والضوضاء التي تحدثه بعض المواقف، وهناك تعاون مستمر بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل والجهات المعنية في التحقيق للوصول الى كشف ملابسات ما جرى.
وحرصت المصادر على عدم الخوض في ما قيل ويقال عما جرى وعدم استباق التحقيقات المستمرة، مشيرة في الوقت نفسه الى ان المعطيات الاولية المتوافرة لا تؤشر الى وجود خلفيات او اهداف سياسية مما جرى.
وتابعت ان مسارعة المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم رئيس المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى متابعة ما جرى منذ اللحظة الاولى والاتصال مع قيادة القوات الدولية والتاكيد على دورها في الجنوب والعلاقة الجيدة معها يلخص الموقف اللبناني ويضع الامور في نصابها.
وعلمت «الديار» ان قيادة قوات اليونيفيل ابدت تقديرها للموقف اللبناني، لكنها شددت في الوقت نفسه على اجراء التحقيقات الكاملة لكشف حقيقة وملابسات ما جرى واتخاذ الاجراءات اللازمة في ضوء نتائجها.
ونوهت بالعلاقة والتعاون مع الجيش اللبناني، مؤكدة ايضا على اهمية وصول التحقيقات الى نتيجة واضحة ومحددة اولا لاتخاذ الخطوة المناسبة في ضوئها وثانيا لعدم تكرار مثل هذا الاعتداء على جنودها.