معروف الداعوق – اللواء
ليست المرة الاولى التي يحاول فيها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، اختراع بدع وسوابق تتجاوز الدستور، لاستهداف صلاحيات رئيس الحكومة، اي رئيس حكومة كان، تارة من خلال الادعاء بان اجتماعات حكومة تصريف الأعمال في ظل الفراغ الرئاسي، غير دستورية، كما هي الحال مع الحكومة الحالية، وتارة اخرى بمطالبته باشراك الوزراء جميعا بوضع جدول اعمال اي جلسة لمجلس الوزراء في حال اجتماع الضرورة، وطورا بضرورة توقيع الوزراء جميعا على المراسيم الصادرة عنها.
نهج متكامل ومتواصل بدأه قبل باسيل مؤسس التيار ميشال عون، الذي لم يترك مناسبة، الا انتقد وهاجم فيها الدستور المنبثق عن الطائف، لانه اناط بعض صلاحيات رئيس الجمهورية، بمجلس الوزراء واعطى صلاحية تشكيل الحكومة لرئيس الحكومة. ولكن عون تجاوز كل هذه الانتقادات والتهجمات لدى الاتفاق على انتخابه رئيسا للجمهورية بموجب الدستور الحالي نهاية العام٢٠١٦، بعد تفاهم سياسي، لتجاوز الفراغ بالرئاسة، الذي استمر لاكثر من عامين كاملين، ولمنع انحدار لبنان نحو الأسوأ يومذاك. ولكن برغم ذلك بقيت صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية الهدف الاساس، لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، ناكرين التفاهم السياسي وتبعاته وكأنه لم يكن.
لم تطوَ الحملات المركزة على صلاحيات رئيس الحكومة، طوال عهد الرئيس السابق ميشال عون، وكانت حاضرة باستمرار، باستفزاز متعمد لرئيس حكومة العهد الاولى سعد الحريري، ان كان من خلال مسار تشكيل الحكومةالجديدة، أو بافتعال المشاكل والازمات الساخنة، ومحاولة اختراع البدع والتفسيرات الدستورية لصلاحيات رئيس الجمهورية خلافا للدستور، على حساب صلاحيات رئيس الحكومة، ما تسبب باشكالات، اعاقت العمل الحكومي وانطلاقة الدولة بمسارها المطلوب.
وهكذا دواليك، تواصل نهج استهداف صلاحيات رئيس الحكومة، بتشكيل الحكومات، حكومة بعد اخرى، بتحريف منظم للدستور، باعتبار رئيس الجمهورية شريكا متساويا لرئيس الحكومة بتشكيل الحكومة خلافا للنص الدستوري، بتعطيل متعمد للتشكيل، حتى حكومة العهد الصافية، حكومة الرئيس حسان دياب، لم تسلم من نهج الابتزاز والهيمنة واستهداف صلاحيات رئيس الحكومة، وصولا إلى ما حصل بنهاية ولاية الرئيس ميشال عون المشؤومة قبل اشهر، باعتبار حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي غير مكتملة دستوريا، لتسيير امور الدولة في ظل الفراغ الرئاسي، بمفهوم باسيل والتيار العوني.
انقضى العهد العوني الأسود باجماع اكثرية اللبنانيين، أضاع رئيسه، ووريثه السياسي، معظمه، بالمماحكات، بالتلهي بمعارك الالغاء والمكايدة السياسية، وبالتعطيل تحت عنوان الصلاحيات المفقودة للرئاسة الاولى بموجب اتفاق الطائف، ومحاولة ابتداع صلاحيات رئاسية غير دستورية، على حساب قضم صلاحيات رئيس الحكومة، وغادر عون الولاية بعد ست سنوات، بطبل وزمر وهمي كتياره،
وسلّة انجازاته مكدسة، بكارثة الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي، والشعارات الوهمية الجوفاء بمكافحة الفساد الذي دمر قطاع الكهرباء على يد باسيل شخصيا، واغرق لبنان كله بالظلام، من أقصاه إلى اقصاه.
كان بامكان رئيس التيار الوطني الحر استبدال نهج استهداف صلاحيات رئيس الحكومة المتواصل، وتعطيل عمل الحكومات واضاعة عمر العهد العوني بلا طائل، باستغلال الدعم والتاييد ألذي اوصل عون للرئاسة، للتطلع الى حاجات الناس، والعمل مع الحكومات المتعاقبة للنهوض بلبنان من جميع النواحي، والتركيز على بناء قطاع الكهرباء وتحديثه بمايتلاءم مع متطلبات وحاجات الشعب اللبناني، بالتزامن مع فتح نقاش جدي وموزون مع الفرقاء السياسيين بخصوص صلاحيات الرئاسة الاولى، وطرح الموضوع للنقاش بالمجلس النيابي اذا كان جادا بالفعل، لكان حقق انجازا مهما للعهد العوني، وفتح باب النقاش حول هذا الموضوع الحساس، والمعقد، ولو لم يتم التوصل الى اتفاق بين اللبنانيين بخصوصه.
لذلك، لم يكن مستغربا ان يواصل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، نهج تكبيل عمل حكومة تصريف الاعمال وصلاحيات رئيس الحكومة، بمحاولة ارساء بدع واعراف دستورية جديدة مزيفة، بحجة المحافظة على صلاحيات رئيس الجمهورية، لانه يسعى لاستكمال سياسته باستهداف صلاحيات رئيس الحكومة من جهة، ولاعادة شد عصب جمهوره المنكفىء والتغطية على فشل وارتكابات العهد العوني المشؤوم، في الوقت الذي يمعن هو وكتلة التيار العوني بتعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.