السبت, نوفمبر 23
Banner

أسعار الأدوية نحو ارتفاع جديد.. وحليب الأطفال يُهَرَّب

خضر حسان – المدن

تتبدَّلَ أسعار الدواء دورياً رغم أن معظمها مفقود. فمهزلة انقطاع الدواء لم تعد تنحصر ببيعه في السوق السوداء، فبعض الأصناف، ومنها أدوية الأمراض المستعصية، غير متوفّر حتّى في تلك السوق. ولتكتمل المعاناة، ينتظر الصيادلة ارتفعاً جديداً للأسعار، بالتناغم مع ارتفاع الدولار في السوق الموازية.

تغيير سعر الصرف

تُسَعَّر الأدوية غير المدعومة وفق سعر صرفٍ حدّدته وزارة الصحة عند مستوى 41 ألف ليرة، وهو مستوى غير ثابت. وحسب الوزارة، فإن ارتفاع الدولار سيرتّب رفع أسعار الدواء، وتُطَبَّق الآلية نفسها في الانخفاض. وبالتالي، فإن الصيادلة ينتظرون صدور قرار من الوزارة برفع الأسعار باعتماد الدولار عند 43 ألف ليرة، بعد أن وصل الدولار في السوق إلى نحو 45 ألف ليرة.

رفع الأسعار، برأي الصيادلة، أمر محسوم، لكن معدّلاته تتفاوت حسب سعر صرف الدولار. والمسألة لا تتعلّق بالدواء المستورد فقط، فالدواء المصنَّع محلياً، يتأثّر بالدولار لأن مواده الأولية مستوردة بالدولار. وكانت وزارة الصحة قد وافقت على رفع أسعار الأدوية المحلية، وأعلنت نقابة مصانع الأدوية في لبنان، عن رفع الأسعار بنسبة 6 آلاف ليرة إلى 180 ألف ليرة، على نحو 70 بالمئة من الأدوية، وبنسبة بين 181 ألف ليرة إلى 1 مليون ليرة كحدّ أقصى، على نحو 30 بالمئة من الأدوية.

التبدّل المستمر لأسعار الأدوية لا يتناسب مع القدرة الشرائية لرواتب غالبية اللبنانيين، إذ لا تلحقها الزيادة مع اختلاف أسعار الدولار. وبذلك، تخرج الأدوية المتوفّرة تباعاً، عن قدرة المرضى على شرائها. كما لم تعد الأدوية البديلة حلاًّ مثالياً نظراً لارتفاع أسعارها وندرة وجودها أيضاً.

تهريب حليب الأطفال

رحلة البحث عن حليب الأطفال باتت مضنية ومكلفة. فإحدى الأمهات على سبيل المثال، تضطر لإجراء جولة بسيارتها متنقّلة بين الصيدليات من صور إلى صيدا ذهاباً وإياباً، وهي رحلة تكلّفها أكثر من سعر علبة الحليب. لكن ليس بيدها حلٌّ آخر. وبالتوازي، توسِّع شقيقتان عملية البحث عن حليبٍ لطفليهما، وصولاً إلى بيروت. وأكثر ما يجدانه هو الحليب “الفورميلا”، أي المخصَّص لحالات معيّنة عند الأطفال، كالارتداد أو الإمساك وغير ذلك. وهو في الأصل حليب غير مدعوم.

الحليب المدعوم جزئياً ينحصر بالتركيبة العادية وبرقميّ 1 و2، أي للأطفال الرضَّع. ومع ذلك، يؤكّد عدد كبير من الصيادلة أن هذا الحليب يتوفَّر بكميات ضئيلة. فالصيدلية تحصل على 4 عبوات شهرياً. أما من يريد الدفع بالدولار أو بالليرة وفق سعر السوق، فيجد علبة الحليب بمبلغ يتراوح بين 450 ألفاً و600 ألف ليرة، ولدى عدد قليل من الصيدليات، بعضها محسوب على أحزاب كبيرة.

ويشير بعض الصيادلة إلى عمليات تخزين وتهريب متواصلة للحليب، خصوصاً إلى سوريا، وهي عملية لم تتوقَّف منذ نحو 3 سنوات. ويلفت أحد الصيادلة النظر إلى أن بعض العراقيين يستفيدون من الأزمة الاقتصادية في العراق، فيشترون كميات من الأدوية والحليب من لبنان، وبسعر السوق، ويبيعونها في العراق.

محاولات وزارة الصحة

مع ذلك، تحاول وزارة الصحة “إيجاد الحلول لتقديم خدمات أفضل للمرضى”، وخصوصاً لمرضى السرطان والأمراض المستعصية. وفق ما أكّده وزير الصحة فراس الأبيض، يوم الثلاثاء 20 كانون الأول. وأشار الأبيض إلى أن نظام التتبُّع في الوزارة “يشمل الآن نحو 14 دواء لمرضى السرطان والأمراض المستعصية. والوزارة في صدد إدراج 28 دواء جديداً على هذه اللائحة ممّا يسمح بحل أكبر قدر من المشكلة”.

يعتبر الصيادلة أن محاولات الوزارة في هذا الظرف، غير كافية، لأن تأمين الاستقرار لسوق الدواء، هو المطلوب. والاستقرار لا يمكن تأمينه إلاّ من خلال توفير الأدوية بكميات كافية وبأسعار مناسبة. وكان بالإمكان الوصول إلى هذه المعادلة مع بداية الأزمة، لو أن سياسة الدعم توجَّهَت نحو المرضى لا الدواء، عبر إعطاء المرضى بطاقات تخوّلهم الحصول على الدواء بأسعار مدعومة، ويبقى سعر الدواء مرتفعاً لغير حَمَلة البطاقات التي تُعطى حسب الأوضاع الاجتماعية للأسر. وبما أن هذه الآلية لم تُطَبَّق من البداية، أصبح تعديل الخلل صعباً.

بانتظار الأسعار الجديدة والمتغيّرة باستمرار، ينازع قطاع الدواء ويعيش على ما يمكن للوزارة تأمينه وعلى المساعدات الخارجية، التي كان آخرها تسلُّم الوزارة 371 ألف علبة دواء موزّعة على 11 صنفاً من الأدوية المزمنة، قدّمها يوم الاثنين، الهلال الأحمر القطري، بتمويل من مؤسسة قطر الخيرية.

Leave A Reply