اميمة شمس الدين – الديار
يعول لبنان والتجار وأصحاب المؤسسات السياحية على الموسم السياحي في فترة عيديّ الميلاد ورأس السنة، على أمل ان تُحدث الحركة المتوقعة للمغتربين والسياح الآتين للإحتفال بهذه الاعياد في ربوع لبنان، إنفراجاً مالياً وتجارياً موسمياً في بلد منهار إقتصادياً ومالياً.
و إذا كان من المتوقع بأن أعداداً كبيرة من المغتربين اللبنانيين سيأتون لتمضية 15 يوماً على الاقل مع ذويهم. بالإضافة إلى السياح العراقيين والاردنيين والمصريين، بحسب ما تشير أرقام مكاتب السفر( 600 ألف سائح ومغترب). لكن معطيات كثيرة تدل على أن هذه الفترة، ستكون أقرب إلى «جرعة أوكسجين» تمكّن المؤسسات السياحية والتجارية، من الإستمرار من دون المراهنة على أن هناك فيضاً من العائدات المالية، سيعدّل حالة الانهيار الحاصلة في لبنان وعلى كل الصعد.
في هذا الاطار كشف الأمين العام للهيئات الاقتصادية رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في حديث للديار بأن الحركة ما زالت خجولة حتى اليوم في الاسواق التجارية في بيروت.
وقال :نحن نعوّل كثيراً على الاغتراب اللبناني في موسم الاعياد الذي يشكل مجيئهم واقبالهم على الاسواق التجارية جرعة اوكسجين في جسم الاقتصاد العليل،مشيراً ان هذا الامر سيضعنا مطلع السنة الجديدة أمام مفترق طرق: إما وقف انهيار القطاع التجاري ليصبح مستعداً لانطلاقة جديدة ولو متواضعة، وأما في حال كان الموسم ضعيفاً فذلك سيقودنا إلى سكة التعثّر وإقفال المزيد من المؤسسات والمحال التجارية.
ووجّه شماس نداءً إلى الاغتراب اللبناني «الذي يزور بلده الأم في هذه الأعياد، النظر إلى السوق اللبنانية حيث التجار يقدّمون أسعاراً مقبولة جداً ويقومون بجهود جبارة في هذا المجال، كما أنهم استوردوا كل الأصناف والبضائع لتلبية كل الأذواق،متمنياً خلال موسم الأعياد الحالي وموسم الصيف المقبل أن يرصد المغتربون والسياح الأموال اللازمة للتسوّق من المحال التجارية في لبنان بمبالغ إضافية مخصّصة للقطاع التجاري».
وتحدث شماس عن مشكلة كامنة في غياب أي وساطة مالية من خلال المصارف والتي تحدّ من انتقال الأموال من قطاع إلى آخر. علماً أنه إن لم تأتِهِ الأموال بشكل مباشر فلن يستفيد من تلك الأموال على الإطلاق، مشدداً على ضرورة تحريك النظام المصرفي من خلال إعادة الهيكلة المطلوبة كي تعود الوساطة المالية ويصبح هناك توزيع فاعل للموارد المالية على كل القطاعات اللبنانية.
ولفت شماس إلى أن «المعوّق الأساسي هذا العام يتمثّل في الضرائب، حيث ضريبة الـ3 في المئة على كل الواردات التي يسدّد أصحابها الضريبة على القيمة المضافة إلى جانب الدولار الجمركي الذي ارتفع من 1500 ليرة إلى 15 ألفاً،اضافة الى ارتفاع الضرائب نسبياً ضمن سلة كبيرة من المنتجات والأصناف التجارية.مشيراً و أن كان جزء كبير من الأصناف الاستهلاكية السريعة مثل المأكولات وغيرها، معفية من الضريبة لكنها تساهم بشكل عام في رفع بنية التكاليف والأسعار في لبنان».
وإذ تمنى شماس أن تكون السنة الجديدة أفضل من الحالية» رأى ان القطاع التجاري يبقى في أمسّ الحاجة إلى حماسة الاستهلاك لتأمين استمراريّته التي ستبقى «على المحَكّ» أمام استحقاقات السنة المقبلة كغيرها من القطاعات الاقتصادية.
وفي معرض حديثه عن الحركة التجارية خلال العام 2022، قال شماس : العام 2022 كان أفضل من العام السابق لكنه بقي أقل من التوقعات،إذ أن النصف الأول من العام 2021 كان لا يزال تحت ضغط انتشار وباء «كورونا» وانعكاسات انفجار 4 آب 2020 والتي استمرت تتداعى حتى العام الفائت وخصوصاً ما يتعلق بالبنية التحتية التجارية لأن هناك عدداً كبيراً من المؤسسات التجارية في بيروت وساحل المتن والمناطق المجاورة تضرّر من الانفجار بشكل لافت وطرأ تأخير كبير على عملية إعادة بنائها وتأهيلها بسبب إشكالية التأمين والتعويضات على الأضرار، فيما الدولة لم توفّر أي تمويل في ذلك الوقت، كما أن الأموال بالدولار الـ»فريش» كانت محدودة في حينها، مشيراً الى أن كل ذلك أخّر في إعادة النهوض بالبنية التحتيّة التجارية مجدداً.
هذا بالنسبة إلى العرض، أما لجهة الطلب فبحسب شماس إن «القدرة الشرائية لدى المواطنين تراجعت إلى حدّ كبير بفعل التضخّم الذي فاقت نسبته الألف في المئة تراكمياً منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى اليوم. ففي العام 2021 كانت ضعيفة، أما هذا العام فأفضل بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة تقريباً على رغم أنها أقل من توقعاتنا، ومرَدّ ذلك إلى تحريك العجلة الاقتصادية في موسم الصيف ولا سيما السياحية بشكل لافت والتجارية على نحو محدود. فالقطاع السياحي سجّل حركة مُرضية جداً حيث أدخل ما قيمته 4 مليارات دولار إلى لبنان خلال فصل الصيف، مصدرها المغتربين اللبنانيين ومجموعات سياحية من مصر والأردن والعراق التي تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية في لبنان.. ولو موسميا»ً.
وفي حين اوضح شماس: بأن القطاع التجاري بكل مكوّناته استفاد من الحركة السياحية تلك، كالمطاعم والفنادق والمقاهي وخصوصاً في المناطق الريفيّة، إضافة إلى المجمّعات البحريّة والحانات الليلية. اسف لأنه لم يطل القطاع التجاري إلا القليل من الحركة السياحية الكبيرة،معتبراً ان ذلك يعود إلى أن المغتربين والسياح رصدوا أموالهم للاستجمام والراحة والطعام والسهر أكثر منه للتسوّق.