جاء في صحيفة الأنباء الإلكترونية : لم يتغيّر واقع اللبنانيين المأساوي بين ميلاد هذا العام والميلاد الماضي، مع فارق كارثي بسعر صرف الدولار الذي كان في مثل هذه المناسبة من السنة الماضية قد وصل الى مشارف الـ ٢٠ ألفاً، واليوم يحتفلون بالميلاد والدولار بلغَ الـ٤٦ ألفاً أمّا الأسعار فتحتسب على دولار ٥٠ ألفاً وما فوق، أي بزيادة تناهز الثلاثين ألفاً. هكذا حال اللبنانيين منذ بداية الأزمة في خريف ٢٠١٩ وبداية الانهيار الاقتصادي، ينامون على شيء ويصحون على مصائب بالجملة. وبالرغم من ذلك لم يقطع اللبنانيون الامل بفرج قريب يأتيهم من تسوية ما تنقذهم من جهنم الذي يعيشون فيه.
وفيما الأرقام تشير الى أعداد كبيرة للوافدين الى لبنان خلال فترة الأعياد، لخصت مصادر مواكبة للحراك السياحي والتجاري في هذا الموسم عبر “الانباء” الالكترونية لافتة الى أنها لا تساوي 5% من الحركة التجارية في السنوات ٢٠١٥ و٢٠١٦ و٢٠١٧. ورغم اضطراب حبل الأمن بصورة متقطعة، وصفت المصادر “الحركة التجارية والتسويقية بالحركة بلا بركة اذ ان الناس اعتادوا استكشاف حركة الأسواق رغم الارتفاع المفرط في أسعار المحروقات، فالانتقال من المناطق اللبنانية الى المدن القريبة يتطلب أكثر من مليون ليرة بحده الأدنى ومليونا ليرة وأكثر للمناطق البعيدة، هذا فضلاً عن أسعار الثياب التي تتراوح بين المليون وعشرة ملايين للقطعة الواحدة، ما يعني أن الأسرة المؤلفة من أربعة أشخاص يلزمها ٢٠ مليون ليرة وما فوق كي يتمكنوا من استقبال الميلاد بثياب جديدة، هذا عدا كلفة المواد الغذائية وأسعار اللحوم التي أصبحت غالية ولم تعد في متناول الطبقات الفقيرة”.
وتوازياً مع الحركة التجارية الخفيفة، كان لافتاً موقف البطريرك الماروني مار بشارة الراعي في عظة الميلاد وحديثه عن مخطط يستهدف لبنان من خلال تعطيل انتخاب رئيس جمهورية يفقده أي سلطة شرعية متهماً البعض بالعمل على تهديم دولة لبنان الكبير، ومجدداً المطالبة بانتخاب رئيس جمهورية والدعوة لعقد مؤتمر دولي لاجل لبنان برعاية الامم المتحدة.
المطران بولس صياح لفتَ في حديث الى جريدة “الانباء” الالكترونية ان “موقف الراعي واضح ولا يحتمل التفسير ونحن نؤيده مئة في المئة، والراعي لم يقل هذا الكلام إلّا بعد أن طفح الكيل وهو يتكلم باسم الناس، والشعب لم يعد يقوى على الاحتمال، فالدولار على مشارف الـ٥٠ ألفاً ولم تعد لديه قدرة على مواجهة هذا الارتفاع وانعكاسه على كافة مرافق الحياة، لذا فمن الضروري انتخاب الرئيس وتحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية”.
بدوره، أيّد عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيزار ابي خليل كلام الراعي وانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، كاشفاً في اتصال مع جريدة “الانباء” الالكترونية عن وجود تشرذم لدى القوى السياسية، إذ لا يقدر أيّ مرشح أن يؤمن ٦٥ صوتاً مع تأمين حضور ٨٦ نائباً، مؤكّداً أنّه “اذا كان الرئيس ضدنا فلن نؤمن له النصاب والعكس بالعكس وأن الفريقين لن يؤمنا أكثر من ٤٥ صوتاً، فكيف يمكن أن يطمئن العالم الينا؟”.
وقال أبي خليل: “اذا انتخبنا الرئيس وانتظمت الأمور وبقيت الخلافات على ما هي فلن يتغير شيء. فنحن نريد أن ننتخب رئيس جمهورية وحكومة تلتزم بالقوانين الاصلاحية للخروج من الأزمة، وعلى هذا الاساس نختار الرئيس”، كاشفاً عن اغراءات كثيرة عرضت عليهم تشمل عدد الوزراء ووظائف الفئة الاولى، مضيفاً: “كان لدينا كل ذلك بالاضافة الى وجود الرئيس ميشال عون في بعبدا ولم نتمكن من فعل شيء لكن عندما يصبح لدينا خطوات تنفيذية وخطوات تشريعية ورئيس ضامن يلتزم بها تُسهّل الامور، لذا يجب أولاً ان نتفق على خارطة طريق للسنوات الست القادمة”.
وفي تعليقه على كلام الراعي، قال أبي خليل: “ما يريده البطريرك نريده نحن أيضا ونعمل على تحقيقه شرط الالتزام ببرنامج عمل نستطيع جميعنا كأفرقاء الإلتزام به”، أمّا بموضوع تحييد لبنان عن أزمات المنطقة، فمسأاة الحياد برأيه تتطلب وضعاً قانونياً، بمعنى أنه يتطلب الاعتراف به من قبل الآخرين، خاتماً: “ما باستطاعتنا فعله تحييد أنفسنا عن أزمات المنطقة ونحن تحدثنا في هذا الموضوع منذ أشهر مع البطريرك في بكركي”.
ومع دخول لبنان رسمياً في فترة الأعياد، في ظلّ الفراغ المهيمن على البلد، تبقى الأنظار على ما ستؤول إليه المبادرات الداخلية الداعية للحوار، علّها تُنتجُ رئيساً إنقاذياً في السنةِ المُقبلة، ينتشلُ اللّبنانيين من همومهم لربما يشعرون بفرحة عيد وبهجة سنة جديدة.