صلاح سلام – اللواء
اللقاءات الثلاثة التي عقدها رئيس التيار العوني النائب جبران باسيل بالتوالي مع كل من رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لم تُغير من الواقع السياسي المأزوم شيئاً، وبقي الإستحقاق الرئاسي حبيس حالة الإنسداد المتفاقم، على مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية والمالية.
صحيح أن التواصل بين الأطراف السياسية أفضل بكثير من إستمرار المقاطعة المزمنة بينهم، ولكن الأصح يبقى أن لا معنى للتواصل، إذا لم يؤدِّ إلى حوار جدّي ومنتج، ينعكس إيجاباً على واقع البلد المتردي، والذي يهدد ما تبقَّى من مقومات الدولة.
وأولى مقدمات الحوارات الجدية، أن تكون الأطراف المعنية مستعدة لإعادة النظر بالمواقف التي تتمترس خلفها، وتزيد الأمور تعقيداً، وبالتالي إعداد الأجواء المناسبة لتقديم التنازلات المتبادلة، للتوصل إلى حلول وسط ، لا يكون فيها طرفٌ رابحٌ، وآخر خاسرٌ، والتخلي عن اساليب التعنت والمكابرة، وطوي صفحة الخطابات الشعبوية، ومراعاة مصلحة الوطن قبل المصالح الشخصية والحزبية.
ولكن يبدو أن أياً من هذه المقدمات، أو الشروط، لم تكن متوفرة في اللقاءات التي عقدها باسيل مع الزعماء الثلاثة، لأنه كان متمسكاً بمواقفه السياسية، وخاصة ما يعني الإنتخابات الرئاسية، ورفض إنعقاد مجلس الوزراء في حالات إستثنائية لمعالجة الملفات الطارئة والعاجلة، وبالتالي بقاء الخلافات على ما هي عليه، إن لم نقل إنها زادت تعقيداً.
وثمة من يعتقد أن جولة اللقاءات الباسيلية مع الخصوم التقليديين، لم تكن بهدف التوصل إلى تفاهمات مشتركة للخروج من واقع الإنسداد المتفاقم، بقدر ما كانت بمثابة رسائل سياسية وجهها باسيل لحليفه الوحيد حزب الله، والإيحاء بأنه قادر على تجاوز عزلته السياسية، في ظل الأزمة المستحكمة مع الحزب، والذهاب حتى إلى خصومه السياسيين، تحت شعار الإنفتاح على القوى الحزبية الأخرى.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن باسيل كان قادراً على تجاوز واقع عزلته الفعلية، لو تجاوز في طروحاته هامش المناورة الدعائية، والدخول في حوار جدّي، يُعيد له بعض الإعتبار الوطني، ويُنقذ تياره من دوامة التخبط المدمّرة.
ولكن ..، هل كان قادراً فعلاً على الإرتفاع فوق مستوى الخلافات الطارئة منها مع الحزب، والمزمنة مع الأطراف الأخرى، والمساهمة في التوصل إلى تفاهمات تُنقذ الوطن؟