عزة الحاج حسن – المدن
منذ العام 2019 والأزمة تتفاقم يوماً بعد يوم، أمام أعين المسؤولين وأحياناً بمساع منهم. وليس العام 2022 بأقل سوءاً وقساوة من سوابقه، فالأرقام تشير إلى عمق الأزمة والضغوط التي ترتّبها على كاهل المواطنين.
خلال عام واحد تضاعفت أسعار المواد والخدمات الأساسية، منها الخبز والمحروقات والأدوية والنقل، وعلى رأسها سعر صرف الدولار مقابل الليرة. الدولار الذي يُمعن في سحق العملة الوطنية منذ سنوات، بات اليوم يوازي اليوم أكثر من 30 ضعفاً من قيمتها السابقة.
الخبز
وفي جولة سريعة على أسعار المنتجات والخدمات الأساسية التي يحتاجها اللبنانيون ويتأثرون بها بشكل يومي، سعر ربطة الخبز. فقد اختتم سعر ربطة الخبز الأبيض العام 2021 عند 7500 ليرة، أما اليوم فبلغ سعرها 22000 ليرة، وبذلك يكون سعر ربطة الخبز قد ارتفع بنحو 3 أضعاف.
مع الإشارة إلى أن الكثير من المحال والمتاجر، لاسيما الصغيرة منها في مناطق الجبال والأرياف، لا تلتزم بالتسعيرة الرسمية لربطة الخبز، ويصل سعرها أحياناً إلى 35 ألف ليرة.
الأدوية
تنشر وزارة الصحة العامة لائحة بأسعار الأدوية بشكل دوري كلما دعت الحاجة، أي كلما ارتفع سعر صرف الدولار. وقد احتسبت الوزارة أسعار الأدوية في شهر كانون الأول من العام 2021 وفق عدة أسعار للدولار تتراوح بين 21200 ليرة و26500 ليرة، في حين يتم احتساب الأدوية اليوم وفق سعر صرف للدولار بقيمة 45000 ليرة.
علماً أن تسعيرة الوزارة للأدوية اعتمدت في 12 كانون الأول 2022 سعر 41000 ليرة للدولار، ما دفع بمستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات إلى تعليق بيع الأدوية وحجبها عن المرضى، رفضاً لسعر الصرف الذي يقل عن سعر الدولار الرائج في السوق السوداء. واستمر التجار بحجب الدواء عن المرضى إلى حين رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية واحتسبتها على أساس 45000 ليرة للدولار.
المحروقات والنقل
ارتفعت أسعار المحروقات من نهاية العام 2021 وحتى اليوم بنحو الضعف ونصف الضعف، وارتفعت أسعار البنزين والمازوت من محيط 300 ألف ليرة إلى محيط 800 ألف ليرة، قبل أن تعود وتتراجع مؤخراً.
ورفعت أسعار المحروقات معها تلقائياً تعرفة النقل التي تضاعفت بما يفوق قدرة الغالبية الساحقة من اللبنانيين على تحمّلها، ما دفع بالكثير منهم إلى التوقف عن الحضور إلى مقار عملهم لعجزهم عن تغطية نفقات التنقل.
وارتفعت تعرفة النقل بأكثر من 3 أضعاف، من 25000 ليرة للسرفيس على سبيل المثال إلى 80000 ليرة حالياً. مع الإشارة إلى فوضى قطاع النقل حيث يفرض البعض تعرفات عشوائية تفوق السعر الرسمي.
الدولار مقابل الليرة
أما الدولار الذي يقف وراء ارتفاع كل الأسعار، فقد ارتفع خلال عام بنحو الضعف. فقد تم تداوله خلال شهر كانون الأول من العام 2021 بين 24000 ليرة و27500 ليرة. أما في شهر كانون الأول من العام 2022 فقد لامس 47000 ليرة للمرة الأولى في تاريخ لبنان، قبل أن يتراجع إلى محيط 44000 ليرة، عقب إصدار مصرف لبنان بياناً يقضي بفتح سقف الاستفادة من دولارات صيرفة للعموم.
الرواتب وكلفة العيش
أمام الارتفاعات الهائلة التي شهدتها أسعار المواد والخدمات الأساسية، وعلى رأسها سعر صرف الدولار، بات متوسط كلفة العيش في لبنان لعائلة لا تتعدى 4 أفراد، نحو 32 مليون ليرة شهرياً، في حين لا تزيد الرواتب عن بضعة ملايين من الليرات، لآلاف الموظفين في القطاع العام ومثلهم في مؤسسات القطاع الخاص، التي حسّنت رواتب موظفيها، لكن دون مستوى قدرتهم على العيش.
وقد عدّلت السلطات اللبنانية رواتب موظفي القطاع العام مؤخراً بضعفي رواتبهم الأساس، بمعنى أن رواتب موظفي القطاع العام باتت تحتسب على ما يقارب 4500 ليرة للدولار علماً أن سعر الدولار اليوم في محيط 44000 ليرة.
لكن لا بد هنا من التمييز بين مضاعفة الرواتب ومضاعفة أسعار السلع، فالرواتب باتت تحتسب على أساس 4500 ليرة للدولار، في حين تُحتسب كافة السلع والخدمات على أساس 46000 ليرة بالحد الأدنى.