إكرام صعب – سكاي نيوز عربية
لا يكاد يمر أسبوع إلا وتنتشر على صفحات قوى الأمن الداخلي ومنصات التواصل الاجتماعي في لبنان صورة لشخص مخطوف، سواء كان لبنانيا أو من المقيمين على أراضي هذا البلد.
فقد شهدت بعض المناطق خلال عام 2022 ارتفاعا ملحوظا في عدد حالات الخطف، في ظل عدم الاستقرار الأمني في البلاد، مع ما يرافقه من ارتفاع معدلات الفقر وانهيار قيمة الليرة.
وأظهرت بيانات من قوى الأمن الداخلي اللبناني مع نهاية عام 2022 تحسنا في المؤشرات الأمنية مقارنة بعام 2021، إلا أنها عكست ازديادا كبيرا في جرائم الخطف مقابل فدية مالية.
ونشرت “الدولية للمعلومات”، وهي مؤسسة إحصاء خاصة في لبنان، دراسة استندت فيها إلى التقارير الصادرة عن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي منذ مطلع عام 2022، أظهرت تراجعا في جرائم القتل والسرقة، مقابل ارتفاع جرائم الخطف.
وقالت “الدولية للمعلومات” إن جرائم الخطف لقاء فدية “ارتفعت بشكل مطرد خلال 2022، إذ بلغ عددها 50 جريمة بعد أن كان العدد 12 في العام السابق، أي بارتفاع نسبته 316.7 بالمائة”.
وأوضحت دراسة المؤسسة أن “عدد حالات الخطف وصل عام 2014 إلى 19 جريمة، مسجلا في السنوات التي تلته تراجعا ملحوظا، ليرتفع مجددا عام 2019 مع تسجيل 16 جريمة خطف، ثم في عام 2020 مع 47 جريمة، ليتدنى في عام 2021، ثم يرتفع إلى حد كبير عام 2022”.
وقالت مصادر خاصة متابعة للدراسة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “هذه الأعداد تشمل فقط الجرائم المبلغ عنها لقوى الأمن، حيث لم يبلغ عن حالات تمت تسويتها خارج أطر الأمن”.
كل الأعمار
يقول شقيق أحد المخطوفين في إحدى بلدات البقاع شرقي البلاد، إن “الحدود اللبنانية السورية الفالتة هي الأساس” في عمليات الخطف، حسب رأيه.
ويضيف الشاب الذي تحدث إلى موقع “سكاي نيوز عربية”: “كلنا معرضون للخطف. ربما صارت هذه هي القاعدة التي تتحكم باللبنانيين والمقيمين، فالعصابات عابرة للحدود والمناطق ومختلطة بين خاطفين لبنانيين وسوريين امتهنوا العنف والإكراه والابتزاز والفرار من العدالة وتحدي السلطات، وكأنهم سلطة فوق السلطة وفوق القانون”.
ويتابع المتحدث: “جرائم الخطف لم تستثن أي فئة، فالضحايا متنوعون بين كبار السن والشباب، إذ خطفت عصابة شقيق أحد النواب في البرلمان اللبناني في بلدة الهرمل (شمال شرقي البلاد)، كما تعرض شاب لعملية خطف من فرقة كوماندوز في ضاحية بيروت الجنوبية العام الماضي، في وضح النهار وأمام أعين قوى الأمن”.
ويتابع: “للنساء أيضا حصتهن، خصوصا في عمر العشرين، فقد تمت أكثر من 25 عملية خطف لفتيات سوريات أثناء تهريبهن من سوريا إلى لبنان”.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تكثر عمليات الخطف في لبنان؟
ترى خبيرة علم الاجتماع وديعة الأميوني، أن لبنان “يعيش حالة انهيار اقتصادي مع تضخم غير مسبوق، مما يرفع من نسبة الفقر والعوز، وتتزايد حالات السرقة والخطف من أجل الفدية المالية يرافقها تراجع في عدد حالات القتل، لأن الإجرام ليس هو الهدف بحد ذاته بل تحديات العيش والخوف من الجوع والعوز والمرض”.
وتضيف في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”: “كلها أسباب أساسية تجعل عمليات الخطف لقاء فدية مادية معينة تتفشى في ظل انتشار البطالة والفقر”.
العقوبة
ومن جهة أخرى، يقول الخبير الدستوري رئيس مؤسسة “جوستيسيا” بول مرقص، إن “الخطف جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات اللبناني بنص المادة 569”.
وتنص المادة المذكورة من قانون العقوبات على أن “من حرم آخر حريته الشخصية بالخطف أو بأي وسيلة أخرى، عوقب بالأشغال الشاقة”.
ويضيف مرقص لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تنص الفقرة الخامسة من المادة المذكورة على أنه إذا استعمل الفاعل ضحيته رهينة للتهويل على الأفراد أو المؤسسات أو الدولة بغية ابتزاز المال أو الإكراه على تنفيذ رغبة أو القيام بعمل أو الامتناع عنه، عوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة”.
وتشدد العقوبة وفقا للمادة 257 من قانون العقوبات “إذا نجم عن الجرم موت إنسان نتيجة الرعب أو أي سبب آخر له علاقة بالحادث”.