مصطفى الحمود-
نظم اتحاد بلديات اقليم التفاح، حملة تشجير على طريق جبل صافي – جباع تحت عنوان “الشجرة ظل الوطن”، بحضور الوزراء في حكومة تصريف الاعمال الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، الاشغال العامة الدكتور علي حمية والبيئة المهندس ناصر ياسين، رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب هاني قبيسي، محافظ النبطية بالتكليف الدكتور حسن فقيه، المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي الدكتور وسيم ضاهر، رئيس اتحاد بلديات اقليم التفاح بلال شحادي، رئيس اتحاد بلديات جبل الريحان المهندس باسم شرف الدين، رؤساء بلديات اقليم التفاح وشخصيات وفعاليات.
استهلت حملة التشجير بزيارة مقام النبي صافي الذي يرتفع على قمة ارتفاعها 1350 مترا ويعمل اتحاد بلديات الشقيف على اعادة تأهيله وفتحه امام الزوار قريبا. بعد ذلك قام الحضور من وزراء ونواب وشخصيات بزرع اشجار من السرو والارز على طريق المقام – جبل صافي.
شحادي
وألقى شحادي كلمة رحب فيها بالحضور في “حضرة مقام النبي صافي وفي رحاب جبل صافي التي ارتوى بدماء الشهداء وتضحيات المجاهدين الذين سطروا اروع الملاحم البطولية ضد المحتل الصهيوني ودحروه عن ترابنا”.
رعد
وأشاد رعد في كلمته بجهود اتحاد بلديات اقليم التفاح في “الحفاظ على قيمة هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا”، مرحبا بالحضور في جبل صافي الاشم وقال: “الترحيب بكم تحصيل حاصل لأنكم أنتم أهل المنطقة وأهل المكان، ومن المفارقات أن نلتقي في مكان يشوبه صفاء ويظللنا السحاب ونأتي من بعيد لنجذر اصولنا لأن الكائن الحي مهما سمى ينبغي أن تنظر الى عمق جذوره، لا يستأصل مرتفع اذا كانت جذوره عميقة في الأرض هكذا هو شأن بيئة المقاومة، جذورها تمتد ليستعصي على العدو أن ينال من فروعها وإذا ما خدش بعضها فإنها تمتد وتمتد لتزداد توسعا ونموا”.
وأضاف: “في هذا المكان الذي ننعم فيه بهدوء وسكينة والابتعاد عن ضجيج الأزمات التي نعانيها في بلدنا يجمعنا نبي لله موحد يدعونا إلى أن نلتقي دائما على الخير وعلى المحبة والمودة وأن نعرف كيف نبني وطننا متماسكا، موحدا وساميا يسومه النبل والترفع والسمو، اذا كانت هذه مشيئة الله ومشيئة انبيائه فعلينا نحن اللبنانيين أن نعرف كيف ندير شؤوننا بعيدا عن أي إسقاطات من الخارج لأن كل الحلول التي لا أصول لها في الداخل لا يمكن أن تعمر على الإطلاق”.
وختم رعد:”جئنا نزرع شجرا معمرا يبعث الظلال ويفيد البيئة ويحتمي بالبيئة ويواجه الأعاصير والعواصف لنتعلم من هذه الشجرة كيف نبني شجرة وطننا العزيز لبنان”.
مرتضى
ولفت وزير الثقافة في كلمة الى إن “لبنان بحاجة إلى أيد خضراء وقلوب خضراء وألسنة خضراء، وإلى زراعة أشجار السلام والتلاقي في نفوس بعض السياسيين أولا، وجميع المواطنين تاليا، لكي تنمو نبتة الوطن وتعلو وتثمر. في هذا الإطار الصافي كاسم الجبل الذي نحن عليه واقفون، تندرج دعوات الحوار والتوافق وما إليهما، التي لا مناص منها لاستعادة الحياة الوطنية زخمها وعافيتها، من أجل معالجة الأزمات الكثيرة التي تضيق الخناق على الشعب اللبناني”.
وقال: “جبل صافي لا يمكنك، وأنت الصاعد في إتجاه الجبلين الأشمين، الريحان وصافي، الا أن تتأمل في ثابتة مفادها أن هذه الارض كانت في وقت من الأوقات مسلوبة منا وأنها لم تستعد الا بفعل تضحية من أبرار ميامين، هنا دمهم ضارب في الرياحين، أجسادهم تنهض من شهادتها باكرا في الصباح، تتأمل كيف تحررت الأرض، ذكراهم تتوضأ بحكايات البطولة، وشجر الصنوبر يلوح لهم بأكواز الوفاء، لأن كل واحد منهم ولد من أم شريفة حرة ليكون ولدا لأمة شريفة حرة. هنا وهناك على ذينك الجبلين كانت ترتفع قامات الأشجار لتعانق الضوء الطالع من أهداب الساهرين على الزناد، وكانت النسائم الجنوبية توقظ الخوف في مفاصل أعداء الإنسانية، وكان اليوم يروي لليوم الذي بعده أخبار الانتصارات، حتى أصبح الزمن الذي نحن مجتمعون فيه الآن، حقا صريحا لنا، ولأمهاتنا وأطفالنا، لمغتربينا والمقيمين، للبنانيين أجمعين، بالتضحية استعدناه وبالثبات والإقتدار والوعي نحفظه فلن يسلب منا بعد اليوم”.
أضاف: “كان لا بد من هذه الوقفة الوجدانية، ذلك أنه من أبسط عناوين الوفاء أن نستذكر من ضحوا لنبقى، وأن نستذكر أيضا، أمام ما رشح من فحيح، الأم الجنوبية رمز التضحية، الأم تضحي عادة بكل شيء من أجل أولادها، أما عندنا فأمنا الجنوبية الطاهرة لم تتردد في التضحية بأولادها من أجل الوطن. ليس ثمة شرف أبهى من هذا الشرف وليس ثمة حب للأرض والحرية وإيمان بالحق أعظم من هذا العطاء النبيل. ونعود الى صافي، ههنا على قمته ينتصب المقام والمقاوم معا، ليستظلا شجرة الوطن المثقلة بثمار الكرامة والبطولة. كلاهما يرفع الأرض إلى رتبة السماء، إيمانا من هنا وتضحية من هناك، تاريخا من قبل وحاضرا مقبلا، دينا سيدا ودنيا مسكونة بالجهاد والقيم والفضيلة. على قمة صافي تستعيد البروق سيرتها الأولى، وتعلن الغمائم التي في جيرته أن المطر المنسكب منها عليه، لا يفوقه طهرا سوى الدم الذي سال فيه على طريق التحرير. على قمة صافي تجتمع اليوم الزنود التي شمرت عزائمها لتزرع. ذلك أن ثبات الشجرة في ترابها عنوان لثبات الناس في أرضهم، وتأكيد على أن الصمود قدر الأحرار الذين يربطون وجودهم بانتصار مبادئهم الشريفة”.
وتابع المرتضى: “كان لا بد لأهل هذه الناحية من جنوب لبنان، وللقيادات السياسية والسلطات المحلية فيه، أن يعملوا متحدين ومنفردين على جميع الصعد التي تؤدي إلى تحقيق أمرين هما: ترسيخ أبناء الجنوب في قراهم ومدنهم بعد التحرير الأول والانتصار الثاني والعودة مرتين، وكذلك ترسيخ قيم البطولة والإباء في نفوسهم، علما أنهم يتنفسون هذه القيم منذ الولادة. وما ترميم المقام الذي نحن فيه والذي يرقى إلى مئات السنين، بعدما تعرض له من اعتداءات صهيونية، إلا خطوة على سبيل تحقيق ما ذكرت، وكذلك القول عن مشروع التشجير، الذي نأمل أن يتوسع ليشمل كل زاوية من زوايا الوطن، لعل الخضرة تتسرب إلى النيات والأقوال والأفعال، فتعدي من يصرون على نشر الجفاف واليبوسة في جميع الميادين حيث تصل خطاهم وترتفع أصواتهم. إن لبنان في حاجة إلى أيد خضراء وقلوب خضراء وألسنة خضراء، وإلى زراعة أشجار السلام والتلاقي في نفوس بعض السياسيين أولا، وجميع المواطنين تاليا، لكي تنمو نبتة الوطن وتعلو وتثمر. في هذا الإطار الصافي كاسم الجبل الذي نحن عليه واقفون، تندرج دعوات الحوار والتوافق وما إليهما، التي لا مناص منها لاستعادة الحياة الوطنية زخمها وعافيتها، من أجل معالجة الأزمات الكثيرة التي تضيق الخناق على الشعب اللبناني”.
وأردف: “إننا نعيش اليوم مرحلة دقيقة من عمر الوطن، تحتم علينا التحلي بالوعي المفضي حتما إلى الخلاص. ربما كان لنا في الظروف العادية ما يبرر تصاعد لهجة الخلاف بين الأفرقاء، وهذا في بعده الوطني دليل تعافي الحياة الديمقراطية، أما في الظروف الصعبة، فإن الوعي ينبغي له أن يقودنا إلى البحث في ما يمكن لكل طرف منا أن يقدمه للطرف الآخر الذي هو أخ في الإنسانية وشريك في الوطنية، بدلا من الإلحاح الدائم على المطالبة بالمكاسب. وهذا في حد ذاته عمل ثقافي بامتياز، مرتبط في خلال مسار الحياة الوطنية، بالبعد النضالي الذي من عناصره الترفع عن الأنانيات والتضحية والعطاء، لا الأخذ والسيطرة. تماما كما تفعل الشجرة التي تمنح ثمارها للآكلين بلا تمييز، وتبسط ظلالها على الجميع من دون تفرقة”.
وقال:”قلت في مناسبة سابقة أن الانتصار لدينا نحن اهل الجنوب لم يقتصر على دحر الاحتلال الإسرائيلي فإن ثمة إنتصارا أهم في قاموسنا وفي سجلنا يقتضي على اللبنانيين اينما كانوا أن يستهدوا به، هو الإنتصار على كل عوامل التفرقة والانقسام في مجتمع متمايز متعدد يضم مواطنين من أديان ومذاهب مختلفة، ومن طبقات اجتماعية متفاوتة، وانتماءات حزبية وعائلية متنوعة. إنه المثال الصالح والأنموذج الحي والصورة البهية عن الوطنية الحقة، وعن التنوع ضمن الوحدة، وعن ثقافة التمسك بالآخر والحرص عليه. هذا المجتمع، بل هذا المصهر الإنساني، أعطى الانتصار بعدا آخر، لأنه شكل النقيض الواضح للمفاهيم التي قام عليها الكيان المغتصب. فنحن مسلمين ومسيحيين، بمقدار ما نثبت في عيشنا وأرضنا وحقوقنا معا، نغلب أعداءنا المنظورين وغير المنظورين، طلانا يتبع منهجا هو منهج الرحمة والحق والعدل والإنفتاح على كل ما هو انساني والإنبراء لمواجهة كل ما هو شيطاني، وهذا ما يفرض علينا حفظ اسباب الصمود والتنوع والفرح فيه وتمتين العيش الواحد وهذا بالنسبة لنا واجب ديني وواجب أخلاقي وضرورة وطنية وهو المفتاح الذهبي لبوابة الانتصار، ولصون هذا الإنتصار وعلى هذا المنهج سوف نظل ثابتين كثنائي وطني في وحدة كالبنيان المرصوص ولن نبدل تبديلا”.
وختم وزير الثقافة: “الآن سنمضي معا ليزرع كل واحد شجرة صغيرة على الطريق. ولسوف نأتي إلى هنا بعد حين، لنرى الأشجار التي زرعناها وقد نمت وامتدت غصونها وتلألأت خضرتها؛ فإذا هي شامخة كلبنان الأخضر الذي بهمة الأحرار لن يعتريه ذبول، ولن تمتد إليه يد جرداء وعيون قاحلة، ولن يستطيع الصهاينة من بعد أن ينالوا منه ولا ورقة خريف صفراء، لأن البطولة الخصيبة هي التي تسقي شجرة الوطن وتسهر عليها وترعاها. نسأل الله أن يبارك زرعنا وأن يعافي وحدتنا الوطنية وأن يحفظ مقاومتنا ليبقى لبنان”.
قبيسي
والقى النائب قبيسي كلمة شكر فيها كل الذين شاركوا في هذه الحملة، وقالظك “سنكون في خدمة أهلنا لنؤكد مفهوم المقاومة بأن فيه حفاظ على البيئة وعلى العيش المشترك وعلى كيان لبنان ونأمل أن تكون هذه الخطوة بادرة ايجابية وفيها دعوة لكل اللبنانيين للغة التحاور والعيش المشترك والتفاهم لننقذ لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية”.
ياسين
وكانت كلمة للوزير ياسين عبر فيها عن سعادته بوجوده اليوم في “هذا الجبل الاشم، جبل صافي الذي كان منبت المقاومين وعنوانا للصمود والانتصار على العدو الاسرائيلي”، وقال: “هذه الأشجار تستوعب التلوث الموجود وتحمي التربة من أي مشاكل ممكن أن تحصل، ووجودنا اليوم في اقليم التفاح وفي جبل صافي لها رمزية مهمة، خاصة وأننا نزرع هذه الجذور في الأرض كما الناس مثبتة بأرضها”.