كتبت صحيفة الشرق الأوسط تقول: يدخل الاستحقاق الرئاسي في لبنان في الأسبوع المقبل مرحلة النقاشات الأكثر عمقاً بالأسماء، مع إعلان «التيار الوطني الحر» أنه سيحسم يوم الثلاثاء المقبل مسألة التسمية والشخص التوافقي الذي سيدعمه، فيما تبحث المعارضة في خريطة طريق يمكن أن توصل لـ«طرح جامع»، في ظل تعذر التوافق بين الكتل في مجلس النواب على شخصية توافقية قادرة على جمع أصوات ثلثي أعضاء البرلمان حولها.
ولم تتفق الكتل النيابية منذ الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس في البرلمان في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على شخصية واحدة قادرة على الحصول على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان في الجلسة الأولى، أو تؤمن حضور ثلثي أعضاء البرلمان لتأمين النصاب في الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس، كما ينص الدستور اللبناني. وتنقسم الأصوات بين ورقة بيضاء يضعها ممثلو «حزب الله» و«حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» وحلفاؤهم، وبين النائب ميشال معوض الذي يؤيده نواب «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» ونواب مستقلون. ويدفع النواب الذين يصوتون بورقة بيضاء نحو «توافق» على شخصية واحدة قادرة على الفوز بأغلبية الثلثين.
وبعد إحجام «التيار الوطني الحر» عن تسمية أي مرشح له، نقلت قناة «أو تي في» الناطقة باسم «التيار» عن عضو «تكتل لبنان القوي» النائب أسعد درغام، أن التكتل سيلئتم يوم الثلاثاء المقبل ويحسم في اجتماعه مسألة التسمية والشخص التوافقي الذي قد يصوت له التكتل في الجلسة المقبلة.
في المقابل، فعلت المعارضة اتصالاتها لحيازة أغلبية في الجلسة المقبلة. والتقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في معراب، النائب نعمت أفرام، الذي ناقش الاستحقاق الرئاسي «لأهمية هذا الموضوع في ظل ما نشهده من متغيرات في المنطقة تحضنا على الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتوصل إلى سلة متكاملة ننطلق عبرها إلى زمن جديد في لبنان يمحو أوجاع اللبنانيين الذين يتألمون يومياً».
وإذ تساءل أفرام عن كيفية عدم إيجاد قواسم مشتركة بين الأفرقاء «في الوقت الذي بات اللبناني ينتظر الإعاشة ويموت على أبواب المستشفيات»، شدد على أن «المسؤولية تقع على عاتقنا في إيجاد المساحة المشتركة والالتقاء حولها»، متمنياً «البدء مع بداية هذا العام بمرحلة البحث عن هذه المساحة».
وأضاف: «في الأسابيع المقبلة ستظهر هذه المساحة على أمل أن نتوصل جميعاً إلى انتخاب رئيس جديد مع سلة متكاملة، هدفها الأول والأخير يبقى الإنسان اللبناني ومستقبله وإعادة بناء دولة المؤسسات التي تكون المشروع المشترك والناجح بين كل مكونات هذا البلد، باعتبار أن الفشل يُفرق، أما النجاح فيجمع».
في غضون ذلك، اعتبر رئيس «كتلة تجدد» النائب أشرف ريفي، أن «الحل في لبنان ليس مستحيلاً، وليست هناك تباشير واضحة، لكن مصادر المعلومات تقول إن بين شهري فبراير (شباط) وأبريل (نيسان)، أي بحدود الربيع سيكون لدينا رئيس، فالبلد لا يحتمل تأجيلاً، وحتى بقاء ظروف البلد على هذا المنوال يضر الوضعين الإقليمي والدولي». ورأى في حديث إذاعي أن «القرار ليس لبنانياً»، وقال: «حاول فريقنا أن يكون لنا مرشح يلبي المواصفات المطلوبة ليكون القرار لبنانياً، لكن للأسف هناك فريق هو جندي في ولاية الفقيه لا يعطس إلا من خلال أخذ أوامر من إيران وهو مستعد أن يضحي بكل لبنان لصالح إيران التي تعاني من وضع داخلي صعب جداً، فنظامها خارج الزمن لا يستطيع التطور».
واعتبر ريفي أن «(حزب الله) لم يعد بالقوة التي كان فيها ليتحكم بالبلد كما كان، وهو يعطل الاستحقاق الرئاسي، فهو اليوم لا يجرؤ على إعلان اسم مرشحه، لأنه ليس واثقاً من إمكان إيصاله إلى سدة الرئاسة». ولفت إلى أن «انتخابات الرئاسة تتم بقرار إقليمي دولي، واليوم ربما سيكون هناك حوار غير مباشر مع إيران بقيادة إقليمية دولية للتوصل إلى انتخاب رئيس»، متحدثاً عن «دينامية إقليمية دولية ستنضج من هنا إلى الربيع، وتنتج رئيساً سيادياً ليس تحت قبضة (حزب الله) نهائياً يكون قادراً على إخراج لبنان، ولو تدريجياً، من جهنم التي هو فيها».
من جهة أخرى، عدّ تكتل نواب «بعلبك الهرمل» المؤلف من نواب «حزب الله» وحلفائه في منطقة البقاع (شرق البلاد)، أن «الاستحقاق الرئاسي بالغ الأهمية لعبور لبنان إلى شاطئ الأمان، وأن الحوار بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين هو السبيل إلى إنجاز هذا الاستحقاق، بما يؤدي إلى تشكيل حكومة تعمل على حفظ الاستقرار والسلم الأهلي، وتأمين مصالح اللبنانيين».