يصادف الأحد 8 يناير اليوم العربي لمحو الأمية، ليعيد على الواجهة واقع التعليم في المجتمعات العربية التي تعاني بدورها من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وصحية أيضا.
وقررت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، من خلال الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، أن يكون الثامن من يناير من كل سنة يوما عربيا لمحو الأمية وتعليم الكبار.
وسبق للمنظمة أن وضعت الإطار العربي لوصف مؤهلات المتحرر من الأمية، ضمن وثيقة استرشادية في العام 2019، وأكد على الحاجات المعرفية الأساسية.
وتشير ألكسو إلى الحاجة لموضوعات تعليمية تعمق الوعي السياسي بما يتعلق بحق المواطن بالإدلاء بصوته في لانتخابات، وتمكين المتحرر من الأمية من ممارسة حقه الدستوري، إضافة إلى تمكينه من مهارات الإنترنت والتكنولوجيا وضبط الذات والوقت، وغيرها.
لكن مؤسسة قلم الإبداع، اليمنية، والتي تعرف عن نفسها على أنها تسعى لرفع مستوى التعليم والقضاء على أميته، أشارت إلى أن “معظم الدول العربية تشكل بؤرا سوداء للأمية على المستوى العالمي وبالمقارنة مع الدول النامية، وذلك بالنظر لتفشي ظواهر أخرى تصنف من بين مسبباتها، من قبيل الفقر والعوز الاجتماعي وانعدام الوعي وضعف البنيات والمناهج التعليمية.
وتكشفت ألكسو أن معدل الأمية في الدول العربية بلغ 27,1 في المئة مقارنة بـ16 في المئة على مستوى العالم.
وحسب الكسو فإن عدد الأميين في العالم العربي يقارب الـ54 مليون شخص، وهو عدد مرشح للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية المتردية والأزمات التي تمر منها المنطقة، إلى جانب النزاعات المسلحة التي تسببت إلى الآن في عدم التحاق قرابة 13,5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي.
ويشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022 الصادر عن صندوق النقد العربي إلى أن نسبة الأمية بين البالغين (15 سنة وما فوق) قدرت في الدول العربية بنحو 24,6 في المئة وهي بذلك تفوق مثيلاتها في جميع الأقاليم في العالم، باستثناء أفريقيا جنوب الصحراء، حيث بلغت نحو 33,9 في المئة.
ووفق التقرير سجل معدل الأمية بين البالغين في عام 2020 تزايدا عما كان عليه خلال عام 2010 في قطر، وتونس، والسودان، والقمر، وموريتانيا، وفي المقابل سجل هذا المعدل تراجعا ملحوظا في معظم الدول العربية الأخرى خلال الفترة بين 2010 و2020، حيث انخفض إلى النصف في الأراضي الفلسطينية والكويت، وإلى نحو الربع في كل من الإمارات والأردن والسعودية.
وفي تقرير لألكسو صادر خلال العام 2021، يتبين ارتفاع عدد الأميين المنتمين إلى الفئة العمرية 15 إلى 24 سنة في الدول العربية من 6 ملايين و806 آلاف و940 حالة خلال العام 2014، إلى 9 ملايين و676 ألفا و25 حالة في العالم 2019.
وفي حين تحتاج محاربة الأمية إلى تمويل ومؤسسات داعمة، يلفت التقرير الصادر عن ألكسو إلى النسبة الضئيلة من الإنفاق الحكومي على التعليم من الناتج المحلي في بعض الدول العربية.
ففي البحرين شكل هذا الإنفاق 2,33 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال 2017، وفي الأردن 3,07 في المئة من 2019، أما في تونس فشكل 6,6 في المئة خلال العام 2015، حسب معهد اليونسكو للإحصاء.
أما بالنسبة إلى تطور معدل البقاء في الدراسة إلى السنة الأخيرة من التعليم الابتدائي فيشير معهد اليونسكو للإحصاء إلى أن هذه النسبة انخفضت في الجزائر من 93,8 في المئة خلال العام 2014 إلى 91,6 في 2018. وكذلك تراجع في البحرين من 98,6 في المئة خلال العام 2015 إلى 96,8 في المئة خلال 2018.
لكنها ارتفعت في مصر من 96.4 في المئة في 2016 إلى 99 في المئة بـ2018، وهي أعلى نسبة على صعيد الدول العربية التي تتوافر فيها الإحصاءات.
وعلى صعيد نسبة المعيدين في المرحلة الأولى من التعليم الثانوي، فيتبين أن هذا المعدل انخفض في الجزائر بين 2014 و2017 من 19,37 في المئة، إلى 17,91 في المئة. وفي لبنان تراجعت هذه النسبة من 11,27 في المئة إلى 8,16 في المئة في 2018. أما في السعودية فارتفعت من 0,95 في المئة إلى 2,76 في المئة. والنسبة الأكبر هي في المغرب، حيث سجلت 21,22 في المئة خلال العام 2018، حسب ما جاء في تقرير ألكسو الإحصائي حول التربية والثقافة والعلوم في الدول العربية للعام 2021.
وفي مقابل اليوم العربي، يحيي العالم أجمع اليوم الدولي لمحو الأمية بوتيرة سنوية منذ عام 1967، في 8 سبتمبر، وتتمثل الغاية من هذا اليوم في تذكير الشعوب بأهمية محو الأمية باعتباره مسألة من مسائل الكرامة وحقوق الإنسان، وكذلك النهوض بخطة محو الأمية للمضي قدما نحو مجتمعات مستدامة وأكثر إلماماً بمهارات القراءة والكتابة، حسب اليونسكو.
ولا تزال التحديات التي تواجه محو الأمية ماثلة بالرغم من التقدّم المُحرز، إذ لا يزال ما لا يقل عن 771 مليون شخص من الشباب والكبار غير ملمّين بالمهارات الأساسية للقراءة والكتابة، حتى يومنا هذا.
تعمل اليونسكو على تحقيق رؤية محو الأمية للجميع منذ عام 1946 إيمانا منها بأن اكتساب مهارات محو الأمية وتحسينها في جميع مراحل الحياة هو جزء لا يتجزأ من الحق في التعليم ويجلب معه التمكين والفوائد الهائلة.
ورغم التقدم العالمي، لا يزال 771 مليون شاب وشابة لا يجيدون القراءة والكتابة، بحسب اليونسكو.
ووفق أرقام الأمم المتحدة هناك 87 في المئة من الأشخاص فوق الـ15 سنة يعلمون كيفية الكتابة والقراءة.
وتأثر 1,5 مليار تلميذ حول العالم من إقفال المدارس والجامعات.