كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: توزّعت الاهتمامات السياسية أمس بين التحضير للجلسة الانتخابية الرئاسية ذات الرقم 11 غداً وبين التحضير لجلسة جديدة لمجلس الوزراء يمكن ان تنعقد هذا الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل، فيما ظلت الازمات المعيشية على تفاقمها تحت ضغط الارتفاع في اسعار الدولار على حساب قيمة العملة الوطنية وكذلك الارتفاع المضطرد في اسعار المحروقات الذي يفاقم مع الدولار ارتفاع اسعار كل المواد الاستهلاكية، وبالتالي استنزاف المواطنين في كل مجالات حياتهم اليومية.
ولكن وسط غياب المعالجات وانسداد آفاق الانفراج على مستوى الاستحقاق الرئاسي وما يتصل به من استحقاقات، برزت امس بقعة ضوء يمكن ان يبنى عليها لإنارة الطريق الى الحلول، وتمثلت بموقف عبّر عنه البابا فرنسيس واستذكَر فيه لبنان خلال لقائه السنوي مع أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان، وقال فيه: «أتابع عن كثب الوضع في لبنان، الذي ما زال في حال انتظار لانتخاب رئيس الجمهوريّة الجديد، وآمل أن تلتزم جميع القوى السياسيّة بالسماح للبلد بالتعافي من الوضع الاقتصاديّ والاجتماعي المأسويّ الذي هو فيه».
في هذه الاجواء دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية تعقد عند الحادية عشرة قبل ظهر غد الخميس في ساحة النجمة.
وتعليقاً على دعوة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الرئيس بري الى «الاتعاظ» مما جرى في انتخابات رئاسة مجلس النواب الأميركي وترك جلسة انتخاب الرئيس المقبلة مفتوحة حتى ولادة رئيس الجمهورية، أبلغت اوساط قريبة من بري الى «الجمهورية» انّ «الفائز برئاسة مجلس النواب في الولايات المتحدة الاميركية يمثّل نصف الأميركيين لأنه لم ينل اصوات الديموقراطيين».
وتساءلت عما اذا كانت هذه التجربة تصلح للبنان؟. وقالت: «ان تركيبة لبنان خاصة وظروفه حساسة ولا مصلحة وطنية في انتخاب رئيس تَحدّ يمثّل نصف اللبنانيين فقط وسط وضع داخلي معقد ومنطقة متوترة، واي فِعل متهور من هذا النوع سيصنف في إطار العبثية السياسية».
ونقلت هذه الاوساط عن بري تأكيده «وجوب انتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن من أجل وقف تحلّل الدولة التي تتشظى مؤسساتها»، مشدداً على انه لن يبدل مقاربته المسؤولة الداعية الى التوافق في الملف الرئاسي.
«لبنان القوي»
في غضون ذلك، اجتمعت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» على مدى ست ساعات في منزل رئيس التيار النائب جبران باسيل، وناقشت السياسة التي يجب ان يتّبعها «التيار» في مقاربة الملف الرئاسي والاسماء المرشحة، وعرضت بعض الاسماء للنقاش أبرزها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب والوزير السابق جهاد ازعور، ولم يتوصل المجتمعون الى اتفاق على اسم مرشح. وتقرّر ان يحضر نواب تكتل لبنان القوي جلسة الانتخابات الرئاسية غداً كما حضروا في الجلسة السابقة، وأن يقترعوا بين ورقة بيضاء وأسماء متنوعة أو بشعار معيّن.
مجلس الوزراء
اما على الصعيد الحكومي فقد علمت «الجمهورية» من مصادر حكومية ان التواصل بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي و«حزب الله» حول انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لم ينته الى اتفاق نهائي بعد، وان الجواب الذي تلقّاه رئيس الحكومة هو أقرب الى عدم الرفض، وخلال الساعات المقبلة سيستكمل البحث لحسم موعد الجلسة التي يصرّ ميقاتي عليها وان المؤكد فقط حتى الساعة هو ان جدول الاعمال تقلّص الى الحدود الدنيا ويتضمن فقط الضروريات، وفي مقدمها الكهرباء، وان وزراء «التيار الوطني الحر» لن يحضروها بمن فيهم وزير الطاقة المعني مباشرة بالملف. فيما اكدت مصادر السرايا الحكومية ان التحضيرات جارية لعقد جلسة باتت اكثر من ملحّة، وان اياً من الافرقاء السياسيين باستثناء «التيار الوطني الحر»، لم يُبد رفضاً لها ويعتبرونها ضرورية، ومهما علا السجال حولها فإنها في النهاية يجب ان تنعقد لا محال لأنّ هناك بنودا اساسية طارئة لا يمكن ان تبتّ الا في جلسة لمجلس الوزراء.
جلسة ببند واحد؟
على انه في الوقت الذي تنامت فيه الخلافات حول مصير السلفة المالية لمؤسسة كهرباء لبنان من مصرف لبنان وتوسّع ردات الفعل على أكثر من مستوى، سرّبت مصادر ادارية واستشارية قريبة من ميقاتي انه ينوي توجيه الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل على ابعد تقدير إن لم يوجّه اليوم الدعوة الى هذه الجلسة لتعقد بعد غد الجمعة، ولن يتجاوز جدول أعمالها ملف الكهرباء الى سواه من الملفات على رغم من وجود بنود أخرى لا بد من البَت بها في حال انعقدت الجلسة، وهو ما يمكن اختصاره ببندين:
البند الأول يتصل بطلب الموافقة على السلفة المالية بالشروط التي تم الاتفاق عليها لجهة ضمان استرداد الاموال الى مصرف لبنان وبأي كلفة مقدرة بعدما تعددت الافكار السابقة قبل ان يرتفع سعر الدولار في منصة صيرفة الى 38 ألف ليرة وارتفاع الدولار في السوق الموازية ومن ضمن مهل محددة وملزمة.
والبند الثاني يتصل بالفيول العراقي وموضوع المناقصة الخاصة بنقله وإجراء عملية السواب التي اعتمدت سابقاً واستقدام البواخر.
بين ميقاتي و«الثنائي»
وفي الوقت الذي لم تؤكد اوساط ميقاتي او تنفي مثل هذه المعلومات علناً، قالت إن الاتصالات مستمرة على أكثر من مستوى لترتيب المخرج لملف الكهرباء ومواجهة المشكلة الناجمة من توقف بواخر الغاز والفيول في عرض البحر قبالة معامل الانتاج، توصّلاً الى الإيفاء بوعد إنتاج الساعات الإضافية المنتظرة منذ فترة.
وفي معلومات على صلة بالتحضيرات الجارية لهذه الجلسة، لم تؤكد مصادر ميقاتي او تنفي الحديث عن لقاء عقده مع المعاونين السياسيين لكل من رئيس مجلس النواب والأمين العام لـ«حزب الله» النائب علي حسن خليل والحاج حسين خليل، على رغم من تأكيد الأخيرين ان هذا اللقاء انعقد وانهما لمسا من ميقاتي إصراره على ضرورة عقد الجلسة، وتأكيده ضرورة تجاوب الجميع معه أيّاً كان الثمن.
الوفد الأوروبي
على صعيد آخر ومع وصول الوفد القضائي الاوروبي الى لبنان للتحقيق في اختلاس وتبييض أموال وإثراء غير مشروع في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يعقد وزير العدل هنري خوري ظهراليوم مؤتمرا صحافيا في مقر وزارة العدل يتناول فيه المستجدات القضائية مع وصول الوفد الاوروبي حيث سيوضح أبرز مهماته، التي وفق المعلومات لن تنتهي بعد مغادرته بيروت في السادس والعشرين من الجاري، بل ستستكمل من الخارج وفق المعطيات التي سيتوصل اليها التحقيق في لبنان.
وفي المعلومات ان خوري سيتناول في المؤتمر ايضاً ملف انفجار المرفأ والاسباب الحقيقية لتوقف سير التحقيقات فيه، كذلك سيتناول المستجدات القضائية وتحديداً ملف ذوي الضحايا والموقوفين فضلاً عن ملفات قضائية أخرى، علماً ان سفارات عدة ومن بينها السفارتين الأميركية والكندية تطالب السلطة القضائية بالبت بملف موقوفين تابعين لجنسيات بلادها تحت طائلة المسؤولية.
وقد راجع سفراء هذه الدول المعنيين مراراً في هذا الملف، محذّرين من مغبة الاستسهال في تنويم ملف المرفأ والموقوفين لأنّ للأمر تداعياته على لبنان وقضائه وقضاته.
اما بالنسبة الى ملف التحقيقات في التحويلات المالية، فقد علمت «الجمهورية» ان التحضيرات اللوجستية اكتملت وسيصل المحققون الاوروبيون تباعاً حتى ٢٠ الجاري، وقد وصلت التبليغات الى معظم الشخصيات المطلوبة للإستجواب وابرزهما مصرفيين ورؤساء مجالس ادارات مالية. ولا تستبعد مصادر قضائية استدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كشاهد، علماً انّ الأخير كان سبق ان تم الإدعاء عليه في بعض الدول الأوروبية التي كانت قد طلبت من لبنان معونات قضائية، لكنه ولأسباب عدة لم يلبّ الطلب، وهو الأمر الأساس الذي استوجب حضور الوفد القضائي الاوروبي مباشرة الى لبنان استناداً الى معاهدات تعاون بين تلك الدول ولبنان، ومنها المانيا وفرنسا واللوكسمبورغ.
المرصد الأوروبي
الى ذلك أشار المرصد الأوروبي لدعم النزاهة في لبنان، عبر حسابه الخاص على «تويتر»، الى أن القاضية الفرنسية اود بوروسي Aude Buresi التي تحقق في قضية اختلاس وغسل وتبييض الاموال المتهم بها حاكم مصرف لبنان ستصل الى بيروت الاثنين المقبل.
وكشف المرصد أن هذه الزيارة هي الثانية لبوروسي إلى لبنان في إطار التحقيق الذي تقوم به في ملف سلامة.
وكان وفد قضائي أوروبي رفيع المستوى من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ قد بدأ بالوصول إلى لبنان للتحقيق في اختلاس وتبييض أموال واثراء غير مشروع في ملف سلامة.
أهالي ضحايا المرفأ
على صعيد آخر، تحرك اهالي شهداء المرفأ على الارض من جديد. فقد شهدت الباحة الخارجية لقصر العدل في بيروت تجمّعاً لعشرات الأهالي، بمشاركة عدد من النواب، تحت عنوان «وقف التحقيق كَمان جريمة»، تزامناً مع اجتماع مجلس القضاء الأعلى للمطالبة بتعيين قضاة محكمة التمييز. وما لبث أن تطوّر الأمر، فاقتحم المعتصمون بوابة قصر العدل ودخل معظمهم الى الباحة الداخلية، حيث وقع إشكال بينهم وبين عناصر القوى الأمنية، أدى الى وقوع إصابات في صفوف الأهالي وسط حال من الغضب الشديد. وبعد مفاوضات مع القوى الأمنية تولّاها النائب ملحم خلف، بدأ عدد من الأهالي الخروج من الباحة الداخلية لقصر العدل، متوعدين بمواصلة التحركات وبأنّ قضيتهم لن تموت، داعين المسؤولين والقضاة الى تحكيم ضمائرهم.
وأعرب المتحدث بإسم الأهالي وليام نون أنهم «شبعوا من الكلام وهم في انتظار الحل لقضيتهم، وأنهم لم يعودوا يطيقون التحركات السلمية»، كاشفاً «أن وفدا منهم سيجتمع مع رئيس مجلس القضاء الأعلى لإيجاد حلّ قاطع، وأنه سيلي اجتماع مجلس القضاء آخر سيعقده الأهالي وناشطون من المجتمع المدني المتعاطف مع قضيتهم». وأبدى عدد من المعتصمين أسفهم لأنهم «أُجبروا على الوقوف في وجه القوى الامنية»، مشددين على أن الحلّ موجود من خلال اجتماع محكمة التمييز لرد قرار كَف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار... كما شارك النوّاب سامي الجميّل وملحم خلف ووضاح الصادق وفراس حمدان في لقاء وفد من الاهالي مع رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود.
ليبان بوست
قضائياً ايضاً، تقدّم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإخبار الى المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم طلبَ فيه «فتح تحقيق شامل ومُوَسّع بشأن عمل شركة بريد لبنان LibanPost وكشف ما إذا كان هناك أي ارتكابات، مُخالفات أو تَجاوزات إرتُكبت من قبلِها أو من قبل مالكيها أو القيّمين عليها، وفي حال الإيجاب إجراء المُقتضى القانوني».
وطلبَ «التحقيق إنطلاقاً من مبدأ الشفافيّة ودحضاً للإفتراءات المُمَنهجة والحملة غير المُحقّة التي تطاولنا والمعلومات المُضلّلة التي يَسوقها البعض لأهداف مَشبوهة، ومن أجل وضع حدّ لها».