غسان ريفي – سفير الشمال
تنقّلت الاحتجاجات أمس والتي استمرت حتى ساعات الفجر الاولى بين مناطق جبيل والصيفي والرملة البيضاء على خلفية توقيف الناشط وليام نون (شقيق شهيد انفجار مرفأ بيروت جو نون) بتهمة تهديد القضاء وتحطيم زجاج مكاتب قصر العدل حيث عاد مشهد المواجهات بين المواطنين المدعومين من نواب المعارضة المحتجين على هذا التوقيف الذي اعتبروه “جائرا ومخالفا للقانون” وبين عناصر الجيش اللبناني الذي حاول ابقاء التحركات على سلميتها بمنع اقفال الطرقات.
تزامنت الاحتجاجات الميدانية مع غضب استباح مواقع التواصل الاجتماعي الذي تعامل مع قضية نون عن بُعد من خلال تنظير المغردين ودعوتهم اللبنانيين في كل المناطق للنزول الى الشارع للتضامن مع نون والضغط على النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زاهر حمادة للافراج عنه.
وكان القاضي حمادة أمر بتوقيف نون واصدر استنابة الى الشرطة القضائية بتسلمه عند العاشرة من صباح اليوم من المديرية العامة لامن الدولة لتنفيذ مذكرة البحث والتحري الصادرة بحقه، حيث تقول بعض المصادر ان وليام نون يمكن ان يوقع على تعهد بالحضور يوم الاثنين المقبل لاستكمال التحقيق معه مقابل الافراج عنه بسند اقامة. في غضون ذلك، يلتزم نحو عشرة نواب من المعارضة البقاء في مديرية الامن العام الى جانب نون الى حين الافراج عنه، بعد ان صبوا جام غضبهم امس على السلطة الحاكمة وعلى القضاء معتبرين انه “تحرك من اجل ألواح من الزجاج تم تحطيمها من اهالي شهداء مرفأ بيروت المفجوعين ولم يتحرك من اجل الانفجار نفسه الذي دمر العاصمة بيروت وقتل اكثر من مئتي شهيد”.
طرح توقيف وليام نون سلسلة من التساؤلات حول التوقيت؟ والاهداف؟ وعما اذا كان ما حصل سيشكل مقدمة لانفجار الشارع المحتقن بالازمات المعيشية التي تتوالد وفي مقدمتها جنون سعر صرف الدولار الاميركي الذي لامس الخمسين الف ليرة، وانعدام التغذية الكهربائية فيما بواخر الفيول تقف في عرض البحر بانتظار اقرار السلف المالية في مجلس الوزراء الذي يعارض التيار الوطني الحر انعقاده ويمنع وزير الطاقة وليد فياض المعني بهذا الملف الحيوي من الحضور ومن التوقيع على المرسوم كوزير مختص، فضلا عن الصعوبات المعيشية التي لم يعد بالامكان تحمل تداعياتها في ظل الشغور الرئاسي والتعطيل الممنهج الذي يمارسه البعض بما يضعف اجهزة الدولة ويتسبب بتحلل مؤسساتها.
أمام هذا الواقع، هل تكون قضية وليام نون الشرارة لاحياء الثورة المعيشية مجددا، خصوصا ان النواب الذين حضروا وتضامنوا وربما ناموا في مديرية امن الدولة هم انفسهم من كانوا رموز ثورة 17 تشرين؟ وهل من قرار صدر باعادة تحريك الشارع من اجل انتخاب رئيس للجمهورية بما يعيد انتظام العمل السياسي والمؤسساتي في البلاد؟ أم أن الفوضى الشاملة هي ستكون البديل الى ان يحين أوان التسوية الاقليمية – الدولية التي قد تفرض رئيسا للبنان؟، أم ان قضية نون هي مجرد زوبعة في فنجان ويعود بعدها الشعب اللبناني الى السكون والركون والقبول بالواقع المرير؟.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن الامور وصلت الى حدود الانفجار الشامل الذي لم يعد يحتاج سوى الى شرارة بسيطة، واذا لم تكن هذه الشرارة ناتجة من توقيف وليام نون الذي قد يخرج اليوم ويعود الى حراكه مع عوائل شهداء المرفأ، فإنها ستصدر عاجلا ام آجلا خصوصا في ظل انعدام المسؤولية الوطنية لدى البعض ممن يتصدون لأي مبادرة من شأنها خدمة مصالح الناس وتلبية طلباتهم، ويمعنون في عرقلة انعقاد مجلس الوزراء الذي بات يشكل ضرورة قصوى لحل اكثر من ازمة معيشية واجتماعية.. فهل يصار الى تبريد الارضية بالافراج عن نون ومعه بعض الملفات الحياتية؟، أم ان ساعة التوترات الافقية قد دقت والتي لا يمكن لأحد ان يتكهن بنتائجها في ظل الانهيار الكبير؟..