صلاح سلام – اللواء
مشهد البلد مع السلطة اللبنانية المتهاوية يشبه صورة بيت مُخلّع الأبواب، مُحطّم النوافذ، تتراكم في زواياه النفايات، وتَنْعف في غرفه الزواحف والحشرات، وسكانه تركوه على غاربه، وهجروه للموبقات، وكأنهم لا علاقة لهم به لا من قريب ولا من بعيد!
معارك الكر والفر محتدمة بين أهل الحكم، حول إنتقاد مجلس الوزراء، وآلية إقرار السلفة الكهربائية. حرمة القضاء إنتهكت بالوفود القضائية الأوروبية الآتية لفتح الملفات التي لم يستطع القضاة اللبنانيين حسمها، والتدخل في مسار التحقيقات في أكثر من قضية ساخنة. الدولار يجتاح مواقع الليرة اللبنانية المتداعية أصلاً، بسرعة صاروخية، مهدداً ما تبقى من صمود لقمة العيش للأكثرية الساحقة من اللبنانيين. سرطان الفساد يتابع إنتشاره في إدارات الدولة، ويفتِك بأحدث مؤسساتها مثل شركتي الخليوي وليبان بوست، بعد القضاء على العديد من المؤسسات الأخرى، وفي مقدمتها مؤسسة الكهرباء.
أما على الصعيد السياسي فالمشهد أكثر قتامة، في مهب هذه الخلافات المستحكمة بين الأطراف الحزبية، وإنقساماتها العامودية، التي تستفحل يوماً بعد يوم، وتؤدي إلى تعطيل الإنتخابات الرئاسية، وضرب مواقع القرار في السلطة التنفيذية بالشلل، ونشر أجواء البهدلات في دواوين الدولة، حيث لا طوابع، ولا أوراق لإتمام المعاملات، بل ولا موظفين يحضرون إلى مكاتبهم لتصريف أعمال المراجعين، والرشوات العلنية تتكدس في أدراج المرتشين دون حسيب أو رقيب!
أما المحزن والمُبكي أن يتحول الضحية إلى متهم يتم توقيفه وراء القضبان، كما حصل أمس مع الناشط وليم نون من قبل جهاز أمن الدولة، في حين أن التحقيق في إنفجار المرفأ ما زال معطلاً، وتحديد المسؤولية في ثالث أكبر إنفجار في العالم مازال ضائعاً في خضم الضغوط والصراعات السياسية المزمنة.
وقائع مشهد بيت السلطة المُخلّع كثيرة، وحديثها يطول ويطول ويطول، ولكن لا حياة لمن تُنادي مع هذه الطغمة السياسية الفاسدة، التي تتحكم بمصير البلاد والعباد!