كتبت صحيفة “الأخبار” تقول: فوق معركة طويلة يغلب فيها الطابِع السياسي على التقني والقانوني والتمويلي، حطّت مبادرة وزير الطاقة وليد فياض المزدوجة الأبعاد، التي اقترح فيها «موافقة من رئاسة الحكومة يليها توقيع الوزراء على 4 مراسيم لسلفة خزينة وتوقيع مشاريع المراسيم الأربعة من الوزراء لسلف الخزينة للباخرتين الأخريين والصيانة لتنفيذ خطة الطوارئ والأمور الملحة»، معتبراً أنها «حل شامل لقضية الكهرباء وتبقى تحت سقف القانون وترعى الشراكة الوطنية»، موضحاً في مؤتمر صحافي، أنّ «مبلغ الـ62 مليون دولار هو سلفة خزينة من أجل بواخر الفيول لإفراغها، ونحتاج إلى 75 مليون دولار أخرى لبواخر فيول أخرى، إضافة إلى تكاليف صيانة تقدّر بـ54 مليون دولار».
صحيح أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تلقّف مبادرة وزير الطاقة، فوزّع مكتبه الإعلامي نصّ كتاب فياض كملحق لجدول أعمال مجلس الوزراء، لكن ذلك كله لا يتجاوز سقف «الممنوعات» المتبادلة بين القوى السياسية في ما يتعلق بأصل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء. وقد حملت الساعات الأخيرة بوادر لاشتعال جمر الخلاف مجدداً بين ميقاتي والتيار الوطني الحر من جهة، وبينَ الأخير وحزب الله من جهة أخرى، إذ علمت «الأخبار» أن وزراء الحزب «نأوا بأنفسهم» عن مبادرة فياض.
وقد واصلَ وزير الطاقة أمس البحث عن حل «كهربائي» تحت سقف الدستور قائم على قواعد ثلاث: تمرير المراسيم في جلسة لمجلس الوزراء، على أن يوقعها الـ 24 وزيراً وتغطي كلفة تأمين الفيول على 4 أشهر لقطع الطريق على إمكان دعوة رئيس الحكومة إلى جلسة كل أسبوع أو أسبوعين. عملياً، تضمنت المبادرة ما تطالب به كل القوى السياسية مجتمعة، لكن العبرة في الآلية التي سيعتمدها رئيس الحكومة الأربعاء.
في التفاصيل التقنية والمالية، أرسل فياض كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ضمّنه عدة مراسيم دفعة واحدة بكل السلف المطلوبة لشراء كامل كمية الفيول، وهي الأكلاف المالية التي تحتاجها الوزارة وتتوزّع بين 62 مليون دولار لبواخر الغاز أويل، و45 مليون دولار للفيول Grade A وGrade B، ونحو 160 مليون دولار لصيانة المعامل وخدمات التوزيع، منعاً لتكرار المشكلة الشهر المقبل أو الذي يليه ما لم يتم إيجاد حل شامل لأزمة الفيول. وقد وقّع عليها بالإضافة إلى وزير الطاقة، خمسة وزراء محسوبين على رئيس الجمهورية السابق ميشال عون هم: وزير العدل هنري خوري، وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، وزير الدفاع موريس سليم، وزير السياحة وليد نصار، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، ووزير المهجرين عصام شرف الدين.
ومع أن مبادرة فياض ليست سوى واحد من الحلول الترقيعية التي تفرضها «كيدية» رئيس الحكومة ومن وراءه لعدم إقرار خطة الكهرباء كاملة، إلا أن التداعيات السياسية للمبادرة ستكون أكبر من التفاصيل التقنية. بالدرجة الأولى، ستضيف هذه المبادرة مزيداً من التوتر على العلاقة بينَ حزب الله والتيار الوطني، فقد علمت «الأخبار» أن «وزراء الحزب لم يوقعوا على المراسيم» باعتبار أنهم «وافقوا على انعقاد الجلسة». وتبعاً لهذا المناخ الساخن، تتجه الأنظار إلى الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء غداً، لمعرفة ما إذا كان رئيس الحكومة سيصر على تمرير المراسيم بتوقيعه حصراً، مع إغفال مطالبة وزير الطاقة بإمضاء الـ 24 وزيراً. وفي هذا الإطار، استغربت مصادر رئيس الحكومة خطوة فياض «الذي أرسل المراسيم ويطالب مجلس الوزراء بالموافقة عليها، علماً أن فريقه السياسي يعتبر أن قرارات هذه الحكومة غير شرعية وغير ميثاقية». كما تتجه الأنظار إلى ما سيتركه انعقاد الجلسة من تداعيات إضافية على الانقسام «المضبوط» حتى الآن بين التيار الوطني الحر وحزب الله، والذي من المرجح أن يتفاعل ويتصاعد ويؤدي إلى خطوات قد تكرس القطيعة بينهما.