صلاح سلام – اللواء
الهدوء الذي خيّم على جلسة مجلس الوزراء، لا يعني أن قطوع الجلسة مرّ بسلام، طالما بقيت نار الخلافات تحت رماد الصراعات السياسية، والخطاب الطائفي المشحون بكل أنواع التجييش والتحريض، تحت ستار الدفاع عن صلاحيات هذا المركز، أو حماية حقوق تلك الطائفة.
منطق الأمور، والتحسس بمعاناة الناس الموجوعة من مآسي الإنحدارات المستمرة، يقضيان بإيجاد صيغة تفاهم لعقد جلسات مجلس الوزراء في فترة الشغور الرئاسي، لإخراج البلد من العتمة، وإنقاذ العام الدراسي المهدد بالضياع تحت طائلة إضرابات المعلمين، وإيجاد الحلول المناسبة لأزمة الموظفين والعاملين في القطاع العام، والتي تتجدد مع كل تراجع في قيمة الليرة، وإرتفاع سعر الدولار، ومع كل جولة جنون في الأسعار.
إستمرار النفخ في أبواق الخلافات السياسية، والتي بدأت تأخذ طابعاً طائفياً بغيضاً، ليس من شأنه أن يضاعف الصعوبات والأزمات التي يتخبط فيها البلد وحسب، بل قد يفتح أبواب جهنم على الوضع الأمني، الذي بقي بمثابة خط الدفاع الأخير عن بقايا إستقرار وطن تُحيط به العواصف من كل حدب وصوب.
المفارقة أن الأصوات المعترضة على إنعقاد الجلسات الإستثنائية لحكومة تصريف الأعمال، تتحمل الجزء الأكبر، بشكل مباشر أو غير مباشر، من مسؤولية التعطيل الحاصل في إنتخاب رئيس الجمهورية العتيد، بسبب الخلافات المعقدة بين الأحزاب المسيحية، وعدم نجاح محاولات بكركي في جمع القيادات المارونية للتوافق على إسم مرشح واحد أو أكثر لرئاسة الجمهورية، على أن يتم بعد ذلك إستكمال آلية الإنتخاب حسب الأصول الدستورية في مجلس النواب.
وعوض البحث عن القواسم المشتركة التي تفتح طريق الإنتخابات الرئاسية، إتخذ خطاب القيادات المارونية الطابع الفئوي، والتجييش الطائفي، ورمي كرة المسؤولية على الأطراف السياسية الأخرى، الأمر الذي أثار المخاوف من تداعيات سلبية، تزيد المشاكل الراهنة تعقيداً، وتفسح المجال للمصطادين في المستنقع اللبناني للتلاعب بالوضع الأمني، وتنفيذ أجندات أجنبية على حساب الإستقرار الداخلي.
الوطن يُنادي الجميع: عودوا إلى «لبنان الواحد أولاً»، وانبذوا كل من يهدد بتحويل لبنان إلى لبنانات.