عزة الحاج حسن -المدن
بدأت تتجلى ملامح محاولات مصرف لبنان ووزارة المال لضبط سعر دولار السوق السوداء، ولجم انهيار الليرة اللبنانية في المرحلة المقبلة. فالعد العكسي لاستبدال سعر الصرف الرسمي الحالي 1507 ليرات بالسعر الجديد 15000 ليرة قد بدأ. وإلى حينه، يسعى مصرف لبنان إلى ضبط سعر الدولار في السوق، من خلال خفض حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية.
وإن لم يعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة معالم الخطة، التي يجري التحضير لها في المجلس المركزي لمصرف لبنان، خلال اجتماعاته المتكررة، إلا أن قرارات وزير المال وحراك المصارف بالتزامن مع اجتماعات المركزي، كانت كفيلة بتوضيح الصورة جزئياً.
فمصرف لبنان، وبالتنسيق مع وزارة المال، بدأ فعلياً بمحاولة التخفيف من حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية المتواجدة في السوق، بالتزامن مع صوغ آلية جديدة لعمل منصة صيرفة، بما يؤمن وصول الدولارات للفئات المستهدفة، خصوصاً موظفي القطاع العام من جهة، وبما يخفّف من حدة المضاربات على العملة عبر صيرفة من جهة أخرى.
تلك الإجراءات وسواها قد تساهم بضبط مستوى سعر صرف الدولار نسبياً، وتلجم سرعة ارتفاعه. إذ بات اليوم من الصعب جداً إحكام السيطرة على السوق من خلال إجراءات نقدية أو مصرفية فقط. فالعملة الوطنية تتجه إلى مزيد من التدهور، لاسيما في المرحلة المقبلة، حسب مراقبين. ويعوّل البعض على نجاح مصرف لبنان في “إبطاء عملية ارتفاع سعر الدولار ولجم تسارعه في أحسن الاحوال”.
على مستوى “المالية”
أصدر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، يوسف خليل، قرارين يستهدفان “سحب الليرة” من خلال تعزيز إيرادات المالية بالليرة نقداً، والتخفيف من حجم الكتلة النقدية في السوق. وتوجه وزير المال بقراره الأول إلى جمعية المصارف، وبالثاني إلى إدارة الجمارك اللبنانية، وطلب بالقرارين تحصيل الأموال وتحويلها إلى وزارة المال نقداً، وليس عبر “شيكات” مصرفية.
وبما أن مدفوعات وزارة المال لاسيما الرواتب والأجور تتم بشكل نقدي، وبما أن المصارف تقوم باستيفاء ضرائب ورسوم لصالح وزارة المال بشكل نقدي أيضاً، وتقوم بتحويلها إلكترونياً إلى وزارة المال، فرضت وزارة المال، في الأيام القليلة الماضية، على جميع المصارف في لبنان، التي تقوم باستيفاء ضرائب ورسوم بشكل نقدي لصالح الخزينة، أن تقوم بإيداع الضرائب والرسوم المستوفاة “نقداً” في حساب الوزارة لدى مصرف لبنان، بالليرة اللبنانية.
كما طالبت وزارة المال كذلك إدارة الجمارك باستيفاء الضرائب والرسوم الجمركية بكافة أنواعها ومسمياتها، اعتباراً من 17 كانون الثاني نقداً بقيمة 50 في المئة كحد أدنى، وبموجب شيك مصرفي بالعملة المحلية 50 في المئة كحد أقصى، على أن يرفق المستند الذي يثبت أن الشيك صادر من حساب صاحب العلاقة، علماً أن التسديد كان يتم من قبل إدارة الجمارك بموجب شيكات وتحويلات مصرفية بنسبة 100 في المئة.
على مستوى المصارف
يعمل مصرف لبنان -حسب المعلومات- على وضع آلية جديدة لعمل منصة صيرفة، يُرجّح أن يتم من خلالها خفض سقوف السحب إلى الحدود التي كانت سائدة في الأشهر الأخيرة من العام الفائت، مع فارق أساسي هو حصر عمليات صيرفة بفئات محدّدة، منها موظفي القطاع العام.
ويؤكد مصدر بأن عدداً من الفروع المصرفية أبلغت عسكريين يوطنون رواتبهم فيها، بضرورة التريّث في سحب رواتبهم حالياً عبر منصة صيرفة على أساس سعر 38000 ليرة للدولار، فـ”المصرف المركزي يدرس إمكانية خفض سعر دولار صيرفة إلى 31000 ليرة لموظفي القطاع العام حصراً”، على ما يقول المصدر.
وبصرف النظر عن طبيعة الإجراءات التي يدرسها مصرف لبنان، للحد من انهيار العملة، فإنه من دون شك سيُدخل تعديلات جوهرية على منصة صيرفة، التي لم تأت بالنتائج المرجوة مؤخراً، بعد ضلوع عدد من الصرافين والمصارف باستغلال دولارات صيرفة، للمضاربة على العملة وتحقيق أرباح خيالية.
إجراءات أخرى يدرس اتخاذها مصرف لبنان، وتتعلّق بمسألة القروض. فقد تم تسريب معلومات عن احتمال فرض سداد القروض بالدولار الأميركي، لاسيما القروض التجارية والاستثمارية وغيرها المقومة بالدولار، في مقابل سداد قروض التجزئة بالليرة اللبنانية على أساس سعر الصرف الرسمي الجديد، الذي من المرتقب البدء بتطبيقه مطلع شهر شباط المقبل أي 15000 ليرة.
وإذ ينفي مصدر في المؤسسة العامة للإسكان صحة الحديث عن سداد القروض السكنية بالدولار الاميركي، يؤكد أن القروض السكنية عبر المؤسسة العامة للإسكان لن يدخل عليها أي تعديل. في المقابل جزم رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب، في حديث له اليوم، بأن “سداد القروض سيبقى بالليرة اللبنانية فقط لا غير، طالما قيمتها المستندية بالليرة، وبالتالي لا علاقة لمصرف الإسكان بالدولار الأميركي”. لكن يبقى السؤال على أي سعر صرف سيتم السداد بالليرة؟ أهي ليرة الـ1500 أو ليرة الـ15000؟